لا يمكن إغفال أهمية التعليم المبكر، ونقصد به هنا التعليم في مرحلة رياض الأطفال، أي المرحلة العمرية التي تسبق التحاق الطلبة في الصف الأول، وغالبا ما يحدده المختصون بالسنوات (4-6).
مرحلة رياض الأطفال مرحلة مهمة لمقدمة التعليم وتمهد للمعارف والمهارات واتجاهات الطلبة، وذلك يخدم تشكل الشخصية في مرحلة مبكرة، وخدمة كبرى نحو الاستثمار في التعليم والمستقبل وتطوير قدراتنا البشرية.
رغم أن التوسع في مرحلة رياض الأطفال أمر ذو كلفة مقترنة بحجم الخدمة المقدمة ومقدار التوسع فيه بالجهد والتمويل، وخطة التطبيق تحتاج إلى توظيف المختصين بهذه المرحلة وعدم الاستهانة بصغر عمر الأطفال، وتوفير المواد التعليمية المناسبة والمتنوعة التي تنمي القدرات العقلية وتوفير البيئة الصحية الملائمة.
ولربما يسأل القارئ عن أهمية هذا الأمر؟ ذلك أن جهود وزارة التربية والتعليم بتضمين برامج واضحة في خطتها الاستراتيجية تتعلق بالطفولة المبكرة، والتي تهدف إلى توسعة مظلة رياض الأطفال في المدارس الحكومية، وزيادة فرص حصول الأطفال على تعليم نوعي في مرحلة رياض الأطفال ورفع استعدادهم للتعلم.
وهي اتجاهات جاءت لتتوافق مع الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي تعتبر مرحلة رياض الأطفال مرحلة مهمة وذات أولوية في برنامجها.
وإذا أخذنا بما تشير إليه إحدى الدراسات حول أهمية رياض الأطفال من خلال انعكاس تعليم الطلبة على الاقتصاد، وعلى وجود علاقة بين التعليم المبكر وزيادة الإنتاج لاحقاً، وهي واحدة من الدراسات التي تشرح منافع الاستثمار في التعليم خلال الطفولة المبكرة في مرحلة رياض الأطفال، فهي تقول إن هذا الأمر سينعكس على العوائد الاستثمارية وتحسن أحوال السكان، الاجتماعية والاقتصادية في حياتهم مستقبلاً، وبما يساهم في تحسين معدلات النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد.
كما تؤكد الدراسة مستوى وكمية التعليم الذي سيتلقاه الطلبة بزيادة مدة الدراسة وتحقيق أفضل لنواتج التعليم، وسيترتب على ذلك زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي والإنتاجية الوطنية، وبنفس الوقت سيساهم في عملية التأهيل للوظائف المستقبلية الجديدة.
وهذا النوع من التعليم سيجعل القوى العاملة في المستقبل أكثر قدرة على الحركة والتكيف مع المتغيرات وأكثر إبداعاً في التفكير. فالاستثمار في هذه المرحلة من زيادة كثافة التعليم كماً ونوعاً، واستثمار في الموارد البشرية نحو التعليم والمستقبل ونحن أحوج ما يكون إلى التوسع فيه والمضي قدما في برامجها.
فلم يعد ترفاً الذهاب إلى هذا الحقل، خاصة في ضوء عدد المواليد المرتفع لدينا في الأردن، إذ تقول بيانات رسمية إن معدل المواليد الخام في الأردن خلال العام 2021 بلغ (18.1) لكل ألف من السكان، أو بلغة أخرى فإن عدد المواليد» الأحياء » في الأردن باليوم الواحد العام الماضي بلغ 514.3 مولوداً.
ومن هنا فلا يمكن إغفال أهمية بناء الإنسان في مراحل عمره الأولى، ليس للحاضر وحسب، بل وللمستقبل.