كتاب

بلطجة بلا حدود!

كان من المتوقع أن تمارس حكومة نتنياهو الجديدة، مختلف أشكال البلطجة السياسية والأمنية بحق الشعب الفلسطيني، التي دشنها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير باقتحامه المسجد الأقصى المبارك، لكن ليس إلى درجة «معاقبة» السلطة الفلسطينية على خطوة رمزية، وهي التوجه الى محكمة العدل الدولية، للنظر في قضية الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بعد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية العام الماضي، قرارا يقضي بالطلب من المحكمة الدولية إصدار فتوى، بشأن الآثار المترتبة على انتهاكات إسرائيل المستمرة لحق الشعب الفلسطين? بتقرير المصير، واحتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية.

ورغم أن العدل الدولية تعتبر أعلى محكمة في الامم المتحدة تنظر في النزاعات بين الدول، لكنها لا تملك سلطة تنفيذ قرارتها، وهي تخضع لمنطق القوة الذي تمسك به الدول الكبرى وفي مقدمتها أميركا، وللتذكير فقد اتخذت محكمة العدل الدولية عام 2003 قرارا، طالبت فيه اسرائيل بوقف إقامة الجدار العنصري في الاراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس المحتلة، وإزالة ما تم بناؤه هناك وتقديم تعويضات عن الاضرار الناجمة عن الجدار، واعتبرته يشكل انحرافا عن خط الهدنة لعام 1949 ويناقض ما نصت عليه بنود القانون الدولي ذات الصلة، لكن كعادتها لم ?لتزم دولة الاحتلال بالقرار مثل عشرات القرارات الدولية، التي تضرب بها عرض الحائط بدعم واشنطن والدول الأوروبية.

وهنا تجدر الادارة إلى أن السلطة الفلسطينية تراجعت عام 2021، عن دعواها ضد واشنطن بمحكمة العدل الدولية، بسبب نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس المحتلة خلال ولاية الرئيس السابق ترامب، لإتاحة الفرصة أمام ادارة بايدن لإيجاد حل عبر المفاوضات لكن دون جدوى.

العقوبات الانتقامية الخمس ضد السلطة الفلسطينية، التي اتخذتها حكومة نتنياهو هي أقرب الى «تشليح الميت كفنه'! وتشمل تحويل 139 مليون دولار من أموال السلطة الى عائلات مستوطنين قتلوا في عمليات فدائية، وخصم فوري لدفعات السلطة الفلسطينية، التي تصرف إلى الأسرى وعائلات الشهداء، وتجميد بناء الفلسطينيين في المناطق «ج»، وسحب «منافع لشخصيات فلسطينية» تقود الصراع القضائي ضد دولة الاحتلال، بالاضافة الى اتخاذ اجراءات ضد منظمات حقوقية في الضفة الغربية، تقوم بنشاطات سلمية ضد سلطات الاحتلال.

وإذا كانت حكومة الاحتلال تنفذ على الأرض، كل ما تقرره أو تهدد به لأنها تعتمد على «قانون القوة»، فإنها في المقابل تستهتر بكل المواثيق والقوانين الدولية، لأنها تجد دعما ورعاية كاملة من قبل القوى الدولية النافذة ولا تخشى أي عقوبات، بل أنها تمارس ضغوطا على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، كما فعلت الخميس الماضي خلال الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الامن، بناء على طلب أرني – فلسطيني لبحث اقتحام بن غفير للمسجد الاقصى، وقد نجحت بمنع صدور بيان يندد بعملية الاقتحام، وباقي الانتهاكات التي تقوم بها في القدس المحتلة.

وهكذا تنتهي أي مبادرة أو نشاط سياسي يتعلق بالانتهاكات والاستفزازات الاسرائيلية، باستثناء بيانات وتصريحات الشجب والإدانة والتعبير عن القلق، التي لا تساوي الحبر الذي تكتب به!

theban100@gmail.com