الرأي الثقافي

مستسلماً لوحدتي

لم أنم طيلة هذه الليلة، فقط ظللت أنتظر أن يأتي الصباح دون أن أفعل شيئاً أستحق عليه الفوز بهذا الصباح، رُحت أفتش في جيوبي عن فتات حلم ألقُمُه في فم هذا اليوم فلم أجد، جلست علي مقعد بالقرب من شاشة التلفاز، هذه النافذة السحرية التي تمكّنتْ من الزحف بأصابعها الطرية إلى أدق تفاصيل حياتنا بكل هدوء وبراعة، لتجد نفسك وكأنّك جزء منها، مستسلماً للحظات النصر والهزيمة، تغنّي ويرقص قلبك فرحاً تارة وتدمع عيناك حزناً في تارة أخرى...

مستسلماً لوحدتي لا أنتظر أحداً ولا ينتظرني أحد، تطارد عيناي فأراً صغيراً يقرض في أحد أرجل مقعدي ثم يفر هارباً، بينما يتربص به قط من بعيد ينتظر اللحظة المناسبة لينقض عليه، كانت هذه لعبة جميلة ومسلّية بالنسبة لي، فماذا يفعل فأر صغير بقرضه هذا؟ لا شيء. هذا ما كنت أقوله لنفسي.

مر وقت ليس بقليل وأنا أشاهد وأنتظر لما سيحدث بينهما وما ستسفر عنه الأوقات القادمة.. عاد الفأر لمواصلة قرضه مرّة أخرى وأنا غير مبالٍ بذلك، بينما يتنقّل القط من مكان لآخر بحثاً عن أقرب منطقة لاصطياد فريسته، اهتزازة خفيفة أصابتني ولكنها لم تثنني عن مواصلة المتابعة المثيرة.. يبدو أن أحد أرجل مقعدي بمرور الوقت أصابها شيء، اهتزازة أخرى ولكنها أشد جعلتني أترنّح في مقعدي، يبدو أن الفأر أحدث به خللاً نتيجة قرضه المستمر، لا لا.. وهل يفعل فأر صغير بقرضه هذا شيئا؟!

حاولت الوقوف مستنكراً ما يحدث، فوجدتني ملقى على الأرض، تحاملت على نفسي فسقطت مرة أخرى لأكتشف أن الفأر أكل جزءاً من قدمي أيضا دون أن أشعر، وبصعوبة وصلت إلى غرفة نومي، نظرت في المرآة المواجهة لي فوجدتني عجوزاً، انهمرت الدموع من عيني، لأني تركت فأر الأيام الصغيرة يأكل من عمري يوماً بعد يوم وأنا أنتظر شمس يوم جديد مستسلماً دون أن أفعل شيئاً.