هذه الخطوات الأولى لابنتي الصغيرة مريم المتأخرة قليلا عن أقرانها بالمشي؛ إذ تبلغ من العمر ثلاث سنوات، أقلب شاشة التلفاز بينما يستبق فراس الوقت ويحاول عبثا تعليمها لعبة (الحجلة) بعد أن مل اللعب وحيدا.
- مريومة.. قدم معلقة بالهواء، وقفزة واحدة للأمام، هيا حاولي هيا..
وبعد أن ضجرت الصغيرة المدللة أجابته بحروفها الطرية: «لا أريد اللعب مع الأولاد، أنا بنت».. ورحلت عنه بعيدا.
تقول الجدات إن المواليد الذكور يتعلمون السير أولا، على عكس الفتايات اللواتي يبدأن الكلام مبكرا.. ولأن كلمة «بابا» كانت أولى الكلمات التي تعلّمنها، تصاب نساء العائلة بإعاقة حركية ملحوظة.. يأخذن خطوة واحدة للأمام وثلاث خطوات للخلف.. خطوة واحدة للأمام وثلاث خطوات للخلف.. ثم فجأة متلازمة الجري؛ قدم على الأرض والأخرى معلّقة بالهواء، والوجهة مجهولة، لكن هربا من مفردة قصيرة للغاية تلاحقهن إلى أبعد خطوة يتمكّنّ من الوصول إليها.. وبينما شتّ ذهني أكثر مما يجب، يقطع شريط ذاكرتي صوت مفردة قصيرة للغاية على لسان مريم وهي تدرج صوب الباب فاتحة ذراعيها لكلمة «بابا».