كتاب

محطات بألوان الطيف

ادراكا بأن من حق صاحب التجربة الغنية، ومن حق الناس عليه أن يكتب عن هذه التجربة،والتي يتوقع ان يقبل المتابعين على قراءتها،عندما تكون سيرة ذاتية لا تقتصر على عرض تجربة صاحبها عبر نصف قرن، في ميدان الحياة العملية، وفي مواجهة العقبات الطبيعية والمصطنعة، وفي ظروف مواتية أوغير مواتية، وفي جوانب متعددة من شخصية صاحبها، الجانب الشخصي والجانب العام الذي تبرزه في العمل الرسمي المعلن، وفي المهام السياسية غير المعلنة، لا سيما والعمل العام بالنسبة اليه متعته الرئيسية.

ولما كانت قناعة المؤلف بأن ما يتعلمه هذا الجيل الواعد من الأعلاميين في الكتب أو الممارسة الأكاديمية، ينبغي أن يجد تجلياته على الأرض وفي الواقع، لهذا اختار تخصصا يدخل في حياة كل الناس، ويسهم في صياغة أفكارهم، واستطاع فيما بعد ان ينشىء فريقا طلابيا اسهم في تنظيم فعاليات الجامعة الثقافية والأعلامية، والأهم أن هذا الفريق كان الكادر البشري المدرب، الذي تولى مهمة تشغيل فعاليات مهرجان جرش، طيلة السنوات التي أدار فيها صاحب الكتاب هذا المهرجان.

وبناء على ما نستنتجه من هذه الأوراق والوثائق التي أتاحها لنا هذا الكتاب، فان بناء المؤسسة الكفؤة يقوم على ثلاثة أركان:

الأول هو أن يمتلك القائم على المشروع الرؤية الواضحة، والثاني هو الدعم من جهة أعلى، وأما الثالث فهو الظروف المؤاتية. وهذا ما تمتع به هذا الانسان الدؤوب الذي ترك ارثا تشريعيا وتشغيليا للمؤسس لثلاثة نماذج من البناء الوظيفي الوطني: الأول هوأنشاء أول قسم أكاديمي في المنطقة العربية، وفي جامعة أردنية، للصحافة والأعلام، والثاني مهرجان جرش، الذي وضع الأردن على الخارطة الثقافية والسياحية العالمية، والثالث أنشاء المعهد الدبلوماسي، أما الظروف المواتية، وقد كانت شائكة قليلا، عندما أنيط به أو من خلاله من مهمات الأتصال ?لثقافي والتواصل الحضاري، عبر المؤتمرات وحلقات الحوار والمهرجانات والمناسبات العالمية.

وفي معرض عرضه لما فعل بدأ من النهايات والأنجازات، واعطى رأية في مجريات الأمور بصراحة، محاولا الأجابة على سؤال طرحه في البداية، مؤداه: ماذا أضفت الى هذا العالم؟ فوصل الى استنتاج ينبثق من مسيرة رسول الاسلام عليه الصلاة والسلام، والتي تتلخص ب «أثر ينتفع به»، عبر محاولة الأجابة عن ثلاثة أسئلة هي: هل اكتسبت علما مستزادا؟ أو راكمت تأهيلا وخبرة؟ وهل أحدثت أية علامة فارقة في مجال التنمية؟ بمعنى هل قدمت أفكارا جديدة خلاقة وانتاجا علميا؟ وهل كنت منسجما مع نفسي في أفعالي وتعبيري عن ذاتي؟

في ظل هذه التساؤلات حرص الدكتور مازن محمد نزال العرموطي أن يعرض ويحلل في كتابه الجديد «محطات بألوان الطيف» والذي شكل مسيرة للتجديد والتعبير الثقافي، من خلال اعطائه صورة ومعنى مسيرة الحياة، من غيرالتزام باجندة زمنية أو مرجعية مكانية وبالقوالب المعتادة للمذكرات أو الذكريات.

dfaisal77@hotmail.com