يمثل مستشفى الجامعة الأردنية رمزا وطنيا متميزا استطاع عبر سنوات عمره بإمكانات محدودة أن يطور ذاته بجهود أبنائه، ليحتل مكانة علمية مرموقة بين الكبار، فلا يقتصر دوره الوطني على الشق العلاجي بمفهومه المتعارف كمؤسسة علاجية، بل تعدى حدود ذلك ليكون حاضنا للعديد من المراكز البحثية التي تساهم بانجازاتها لخدمة البشرية، ومركزا تعليميا يضخ سنويا كوكبة من الأبناء بعد تسلحها بالعلم والمعرفة والمهارات، فكان الأساس للسمعة الطبية المتقدمة والرائدة التي نالها الأردن في المنطقة والعالم، باعتباره وحدة من وحدات الجامعة الأردنية الأم وبعلاقة متقاطعة مع الكليات الصحية وخصوصا كلية الطب، فالخدمات المهنية والفنية التي تقدم هي بالأساس من قبل أعضاء الهيئة التدريسية بالكليات الصحية المختلفة ضمن منظومة محكمة، ساهمت باستقطاب الكفاءات المتميزة لتوظيف عطائها بالشكل الذي يمنحها فقرة التميز التي نتحدث عنها.
يعتبر المستشفى المرجع الطبي الأول لجميع الحالات المرضية الصعبة والنادرة حيث تحول الحالات التي تحتاج لخدمات طبية متداخلة ضمن سقف طبي محدد الأبعاد، يحتضن بمساحته جميع أنواع التخصصات الطبية العامة منها والفرعية، التي تشكل عائلة مثالية علاجية متكاملة، ساعد بتوفرها عزم القائمين وأصحاب القرار بتصميم غرس مبررات الراحة والاطمئنان لجعل المستشفى محجاً صحياً للشفاء ومركزا متكاملاً حتى بالتخصصات الدقيقة ضمن مساحة من التوسع الأفقي والعامودي بالبنية التحتية والانشائية بالقدر الذي تسمح فيه السيولة المادية، وربما يقفز للذاكرة سؤالاً يحيرني منذ سنوات بعدم وجود رعاية حكومية حقيقية للمساعدة على ديمومة هذه المؤسسة بتقديم المساعدات التي تسمح بالصيانة الدورية لجميع المرافق وتحديث المستحق منها، أسوة بمرافق العناية الصحية الأخرى، لتجعل المعانة حصرية، فأعيش حسرة نازفة من جرح العمر عندما أسمع وأشاهد ملايين الدنانير التي تنفق على مراكز الرعاية الصحية المنتشرة بدون تحديد نسبة أو نصيب منها لهذا الصرح الطبي حيث أراهن أنه كان سببا لعلاج وشفاء كل منا أو أفراد عائلتنا الممتدة، مساهما حقيقيا بسعادتنا جميعا بفاصل الشفاء من المرض، فتصنيف المستشفى بنظر أصحاب القرار الحكومي لا يعتمد على فقرة واضحة، بل يستند للاجتهاد الشخصي بين اعتباره مستشفىً خاصاً أو حكومياً أو تعليمياً أو خليطاً بين الفقرات السابقة ولكل منها محددات توظف بعضها بأوقات لتكون المحصلة النهائية دوامة العجز المالي بسيف يحجم الطموح ويجفف الآمال.
لا يمكن لأحد أن يقارن أو يطعن بتميز الخدمة العلاجية المقدمة للمرضى، وهناك من الدلائل العملية التي تبرهن صدق المعادلة السابقة، فأعداد المراجعين اليومية لكافة الاختصاصات الطبية بجميع العيادات ترصد بالآلاف، يتحتم عليها نسبة من الادخالات لأسباب علاجية وتشخيصية متعددة، لتجعل من نسبة الاشغالات للأسرة المتوفرة واقعا بشيء من الصعوبة لايجاد سرير اشغال، إضافة أن فئات المرضى التي تراجع المستسفى لا تقتصر على مرضى التأمين الصحي بأشكاله، بل هناك نسبة منافسة من الفئة التي تتعالج على نفقتها ايمانا منها بكفاءة المنظومة العلاجية وإطمئنانها لأبجديات الخدمات التي تقدم لها، وهنا، لا بد من التوضيح أن نسبة معتبرة أيضا من المرضى الوافدين من الدول المختلفة للعلاج تشغل مساحة مقدرة بسعيها للظفر بالخدمة الطبية المتميزة عبر السمعة المتحققة للمستشفى، إضافة أن مرضى تأمين وزارة الصحة مثلا وقد سمح لهم النظام بالعلاج بمستشفيات القطاع الخاص ضمن الاتفاقيات المتعددة لأسباب نقدرها، ولكننا نلاحظ أن نسبة كبيرة منهم قد منحت الثقة المطلقة للجامعة الأردنية ومستشفاها بالمحافظة على أسهم الصحة الشخصية، وسام ثقة يحتاج لجهد إضافي للمحافظة على استحقاقاته، فمقارنة التسهيلات بين المستشفيات المنتشرة من حيث المواعيد والازدحام وفرص العلاج وايجاد المواقف للسيارات عبر شوارع الازدحام المؤدية، إضافة للتكلفة المادية بقوانين ضبطها، عوامل متداخلة للقرار بالاختيار، ولكن الثقة المطلقة بخطة الشفاء بمراحلها السريرية والتشخيصية والعلاجية تطمئن الضمير لحسن الاختيار.
بتاريخه المشرف يجسد مستشفى الجامعة سلسلة من الانجازات التي جعلته يتربع على قمة المؤسسات الصحية بالأداء، شريكاً بدون استفراد كمنطلق للايمان بأهمية التعاون ضمن منظومة النهوض التي ترفع من اهمية الاداء بالقدر الذي يسمح. الاطلاع على تاريخ المستشفى يوضح ان هناك رؤية وطموحا يجسدان الواقع الحالي ويخطط للمستقبل الذي يضمن استمرارية الانتماء للكبار بقرائن وبراهين يصعب حصرها بل يمكن اختصارها بحصول المستشفى على شهادات الاعتماد العالمية كمؤسسة علاجية متميزة ومركز تعليمي متقدم، خصوصاً بوجود خدمة نوعية متخصصة بمختلف الفروع العلاجية يقوم على تقديمها وادائها فريق طبي متكامل بخبرات متميزة، العلاجية منها والمساندة والادارية ضمن فريق العمل الواحد بخدمات متكاملة تهدف بالاساس للشفاء من المرض وانتهاء فترة الشكوى والحرمان، فقد انتشرت المراكز الدقيقة بمختلف التخصصات الطبية بالتوازي مع ركب التطورات العالمية خصوصاً ان ادارة الجامعة والمستشفى قد وفرت الاجهزة والمعدات الطبية التي تسمح بتقديم الرعاية الصحية والعلاجية باحدث صورها، واقع قد سمح للخبرات الطبية بترجمة ما اكتسبت وتوظيفه بالشكل الامثل للأداء.
الجهود المباركة للادارات المتعاقبة على تحمل المسؤولية تستحق منا كلمة حق ووفاء، فقيادة مستشفى الجامعة الاردنية لا تقارن بأي من المؤسسات العلاجية الاخرى ابداً، حيث الاجتهاد احياناً قد لا يكون موفقاً بل ويكون ظالماً، لكن ذلك لا ينكر او يجحد بحق نخبة من الذوات والذين تحملوا مسؤولية ادارة المستشفى خصوصاً ان هناك علاقة مصيرية تحكمها اتفاقيات بصبغة وطنية تتجدد مع مقدمي الرعاية الصحية، والتي تجعل المستشفى بضائقة مالية مستمرة نتيجة تراكم المستحقات، ويقابلها مديونية تهدد المسيرة العلاجية والتعليمية لشركات الادوية ومستودعات الاجهزة الطبية، سلاح بدرجة الاستعداد الدائم لاطلاق سهام على قلب المؤسسة العلاجية يقزم انطلاقها وطموحها إضافة لارتفاع فاتورة النفقات والصيانة بدون تغيرات على اسعار الخدمات العلاجية بما يتناسب وزيادة الاسعار المضطردة لان القرارات الحاسمة بتغيرات المستشفى تحكمها قوانين الجامعة ومجالس ادارتها، وهو الواقع الذي يحتاج لمراجعة ببنوده كدافع وضمان لاستمرار العطاء، أمنية برسم التحقيق؛ مستشفى الجامعة الأردنية أيقونة وطنية، وللحديث بقية.