كتاب

هل يعود العمل الحزبي كسابق عهده في الجامعات؟

نعم كانت جامعاتنا إلى جانب أنها منارة علم ومعرفة تصدر العلماء للخارج، فقد كانت بيئة ايجابية وناشطة بالعمل الحزبي، فمن النادر ما تجد طالبا ليس لديه توجه حزبي حقيقي، وكان العمل الحزبي يسير حسب قناعات الشباب وتوجهاتهم، وما كان يدفع بهذا العمل إلا بوجود إرادة وطنية حقيقة للاصلاح وقيادات جامعية مؤمنة بهذا العمل. فالسماح للعمل الحزبي في الجامعات يحتاج إلى جانب التشريعات، إرادة حقيقية للإصلاح؛ تتمثل بإعادة النظر بأنظمة التأديب القمعية، والسماح بقيام اتحادات واندية طلابية منتخبة والسماح للطبة التعبير عن هوياتهم ال?زبية، فانتساب طلبة الجامعات للأحزاب ليس ممنوعا بالاصل، وهناك طلبة حزبيون بالفعل، ويمارسون أنشطتهم كغيرهم من الطلاب وعكس ما يمثله من تضييق للعمل الحزبي من جعل النشاط الحزبي مرتبطا بعمادة شؤون الطلبة، على قاعدة التبعية والتحكم، لا الشراكة الحقيقية، دون أي ضمانات حقيقية للحياد.

أما الآن ومع أقرّارَ مجلسُ الوزراء نظامَ تنظيم ممارسةِ الأنشطةِ الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي، عملاً بأحكامِ المادة عشرين (20) من قانونِ الأحزاب رقم 7 لسنة 2022، بهدفِ تحقيقِ منظومةٍ تشريعيةٍ مُتكاملة، تكفلُ إدماجَ طلبةِ الجامعات في العملية الحزبيّة والسياسيّة. بالسماح بالعمل الحزبي داخل الجامعات الحكومية والخاصة. السؤال كيف تلقفت تلك المؤسسات الجامعية هذا القرار؟ وكيف ستتعامل معه؟ أما الجامعات الحكومية فهي مؤسسات احتضنت العمل الحزبي والنقابي ولا تعاني المشاكل في هذه المجال بدليل وجود اتحادات ا?طلبة والأندية الطلابية، وهذا الأخيرة فقد أسهمت بشكل كبير في تكوين شخصية الطالب من حيث الوعي وبناء الشخصية الوطنية المتوزانة والتي تمتلك الثقة بالنفس والامثلة كثيرة في هذا المجال؛ أما الجامعات الخاصة ماذا أعدت للتعامل مع الحياة الحزبية بداخلها وتهيئة المجال للطلبة في التعاطي مع هذا المشهد. وأنا أعتقد أن الكثير من الجامعات الخاصة ليس لديها لغاية اللحظة رؤية محددة للتعامل مع هذا القرار، وانما أتوقع أن يقتصر تعاملها مع هذا القرار في السماح بإقامة الندوات والمؤتمرات والفاعليات التي تتعلق بهذا الجانب دون أن تاخذ?بزمام المبادرة. فكلية الجامعات وتفكيرها بقدر الإمكان تحاول أن تنأى بنفسها عن هذه الاجواء التي يمكن أن تدخلها بسيناريوهات هي في غنى عنها؛ لأن جل اهتمامها ينصب حول الارتقاء بجودة التعليم وتحقيق سمعة طيبة للجامعة وتصنيفات جيدة عالميا كما أن معظم اعضاء الهيئة التدريس لا يعنيهم الأمر. لذا يتوجب برأي عقد اجتماعات مكثفة مع الجامعات الخاصة ووضع خارطة طريق محددة بزمن معين بهدف دمج هذه الجامعات في العمل الحزبي وفتح المجال لطلبتها بالاندماج مع الشأن الوطني بكل تفاصيله.

وبالرغم من أن المشرع قد أناط بعميدِ شؤون الطلبة صلاحيةَ قبول أو رفض طلبات إقامة الأنشطة الحزبية، إلا أن قرار العميد في هذا الإطار يخضع لما يُعرف بالرقابة الإداريّة، بموجب المادة 6/ج من النظام وهنا لا يستطيع العميد اخذ القرار بالموافقة او الرفض. فالعملية مناطة بمالك الجامعة صاحب القرار الاول والاخير،فكانت عملية الاجتماع بعمداء شؤون الطلبة في الجامعات الخاصة لا يقدم ولا يؤخر، فالأصل أن تشرب من رأس النبع كما هو دارج. وهو الذي يستطيع أن يقرر ويوجه. واستنادًا إلى ماسبق، استطيع الجزم بأن هذا النظام–في رأيي- لم ي?ترجم الرؤى الملكيّة السَّامية، ولا يعكس حقيقة الإرادة الملكية، بل على العكس من ذلك، هو تضمن تصدعات بالغة الخطورة إذا اقتنعت المرجعيات الاخيرة للجامعات بهذا التوجه على أن يساهم في دفع طلبة الجامعات نحو العمل الحزبي القانوني مع ضرورة الاخذ بتخوفات الجامعة الخاصة وتوقعاتها ومصالحها بحيث لا يضر بمسار العملية التعليمية.