أسبوع واحد يفصل فلسطينيي الداخل عن انتخابات كنيست العدو الصهيوني الـ«25». في ظل انقسام مؤسف وخطير بين مكونات ما كان يُعرف بـ«القائمة المشترَكة», بعد إصرار حزب «التجمّع» على مغادرة التحالف, لاعتراضه على «تناوب» أطرافه الثلاثة.. المقعد السادس. ما أدّى من بين أمور أخرى إلى تراجع فرصة التجمع نفسه بتجاوز الحسم 25ر3% وخروجه من الكنيست وفق استطلاعات الرأي الاخيرة التي نشرت أمس الاثنين، والتي لم تمنحه سوى 8ر1% رغم أن بعض الاستطلاعات «السابقة» منحته نسبة 5ر2% ما يُقرِّبه من نسبة الحسم. لكن المعضلة الرئيسية تكمن في تدني نسبة مشاركة جمهور فلسطينيي الداخل في الاقتراع وتراجع حماسته, بعد سلسلة الانشقاقات التي حدثت في القائمة المشتركة، والتي بدأها الاسلاموي/المتصهين منصور عباس (كتلة الحركة الاسلامية الجناح الجنوبي) المشارك في ائتلاف بينيت/لبيد, والذي/عباس كان صرَّح مؤخرًا بأنه «لا مشكلة لديه بالتعايش مع الفاشيين اليهود", سواء أولئك الذين يُواصلون الدعوة إلى تهجير فلسطينيي الداخل (ترانسفير), أم ورثة الكاهانيين من أمثال سموترتش وبن غفير (تحالف الصهيونية الدينية) الذين ترتفع جماهيريتهم في الاستطلاعات, والمتوقّع حصولهم على 12-13مقعدًا في انتخابات الأول من تشرين الثاني الوشيك.
وإذ ما تزال القائمة الثنائية (الجبهة/والعربية للتغيير, أو قُل أيمن عودة واحمد الطيبي) كما قائمة التجمّع أيضًا, تتعرضان لهجمة صهيونية مكثفة تشارك فيها احزاب اليمين المتطرف كما الوسط ولا تستثني أدعياء اليسار الصهيوني مثل حركة ميرتس, التي تُزاحمهم على أصوات فلسطينيي الداخل.. فإن ما لفت الانتباه وأثار سيل التساؤلات, هو ما رشح عن تجاهل بل رفض قائمة «التجمّع», دعوة قائمة الجبهة والعربية للتغيير للتوقيع على اتفاقية «فائض الاصوات» بين القائمتين. وهو نهج معروف في الحلبة السياسية/والحزبية الإسرائيلية، حيث يمكن للحزب أو القائمة التي تحصل على أصوات أعلى من القائمة التي وقّعت معها الاتفاقية ولم تؤهلها للحصول على مقعد نيابي, القيام بـ«تجّيير» الأصوات الفائضة إلى القائمة الأخرى, ما «قد» يمنح الأخيرة فرصة للحصول على مقعد إضافي, وهو أمر محمود ومقبول في قواعد اللعبة السياسية/الحزبية. ما بالك اذا كان «طَرَفا» التوقيع «مُستهدفين» من «اعدائهما» الصهاينة. اذ لا فرق جوهريًا عند عموم الصهاينة بين التجمّع والجبهة كما العربية للتغيير في هذا الشأن؟
زد على ذلك أن مُجرّد تجاهل/رفض التجمّع لدعوات الجبهة والعربية للتغيير, التوقيع على اتفاقية فائض الاصوات بين القائمتين، إنما يعكس من بين أمور أخرى قراءة نأمل أن تكون خاطئة (إذا تم استدراكها قبل فوات الاوان), وهي أن معركة التجمّع كما الجبهة والعربية للتغيير هي مع الأحزاب الصهيونية كافة, وبالتأكيد ليست بين القائمتين أو الأحزاب الثلاثة التي تخوض - من أسف - الانتخابات بقائمتين منفصلتين. خاصة ودائما في ظل المعطيات التي تقول إن نسبة مشاركة فلسطينيي الداخل لن تتجاوز الـ50% ما يُهدِّد القائمتين معًا وليس قائمة التجمع وحدها.
يبقى السؤال الأكثر أهمية: لمصلحة مَنْ يرفض التجمع اتفاقية فائض الأصوات إذا لم يكن هناك أي قائمة ستستفيد من تلك الأصوات, سوى القوائم الصهيونية ذات المصلحة الحقيقية في تقليص ان لم نقل شطب قوائم فلسطينيي الداخل, والحؤول دون دخول مجرد نائب «واحد» منها الى الكنيست الجديد؟ وهو ما يعمل عليه نتنياهو والمعسكر اليميني المتطرف المتحالف معه (الحريديون والصهيونية الدينية). حيث تؤشر استطلاعات الرأي/أمس الاثنين, إلى أن هذا المعسكر سيحصل على «60» مقعدا، فيما يحصل ائتلاف لبيد الحالي (بما فيها قائمة منصور عباس) على (56) مقعدًا وتبقى (4) مقاعد. تقول استطلاعات الرأي: ان قائمة الجبهة والعربية للتغيير هي صاحبة الفرصة الاكبر للحصول عليها, اذا ما ارتفعت نسبة مشاركة فلسطينيي الداخل وتجاوزت الـ50%. بل ربما تتمكن قائمة التجمع من تجاوز نسبة الحسم أيضًا وهو ما يزيد من اهمية بل ضرورة توقيع التجمع اتفاقية «فائض الأصوات مع قائمة الجبهة والعربية للتغيير.
في السطر الاخير.. كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم/ إسرائيل اليوم» في تقرير لها، أن استراتيجية «حملة الليكود للعودة الى الحكم».. ترتكز على إحباط مشاركة المواطنين العرب في عملية التصويت، وخفض نسبة التصويت في المجتمع العربي. لكن في «الأيام الأخيرة» تتركّز حملة الليكود بإحباط التصويت لقائمة «الجبهة والعربية للتغيير بالتحديد». إذ تبيّن أنه بعد فشلهم خلال 4 جولات انتخابية في تحقيق أغلبية كاملة لمعسكرهم وتشكيل حكومة، بات نصرهم النهائي «يلوح في الأفق» عبر (إسقاط) قائمة الجبهة والعربية للتغيير, وضمان عدم عبورها «نسبة الحسم».
kharroub@jpf.com.jo