محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

تنمية ما يطلبه المستمعون.. التركة الثقيلة أمام الإصلاح الاقتصادي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
سامح المحاريق

يتناقل الإعلام صوراً لمدارس متواضعة في المناطق البعيدة، غرفة صفية واحدة، في ظروف غير مواتية، ويتناسى وجود مدارس بنيت بتكلفة عالية ويقصدها عشرات الطلبة، وفي مناطق بعيدة أيضاً، وفي المناطق الحضرية، يتزاحم عشرات الطلبة في صف دراسي واحد، وكأن جزءاً كبيراً من عمليات التوسع في بناء المدارس من غير مراعاة للكثافة السكانية والقدرة على خدمتها أتى ليعبر عن التنمية بمنطق ما يطلبه المستمعون.

المدارس في المناطق البعيدة، أو التي أسميت بالأقل حظاً، لا تتحصل على معلمين مؤهلين، وتتواصل أزماتها في الأداء الدراسي، ومع حصول بعض خريجيها على معاملة تفضيلية لدى القبول في الجامعات، تنتقل المشكلة إلى الجامعة نفسها، بين التواضع في العملية التعليمية لاستيعابهم، أو خروجهم لاحقاً من مسيرة التعليم.

ثمة قصة صغيرة، هي نكتة في الحقيقة، ففي أحد البلدات وجدت حفرة كبيرة وكان على الناس أن يواجهوا مشكلة سقوط الزوار داخلها، وتوزعت الاقتراحات بين شراء سيارة اسعاف أو بناء مستشفى بجانب الحفرة، إلا أن الرأي الذكي الذي تبنته هذه البلدة تمثل في ردم الحفرة وحفر أخرى بجانب المستشفى ليتمكن من يسقطون فيها من تلقي العلاج بسرعة.

عملياً، لم تكن المشكلة في الموارد إذا كنا سننظر للمسألة منذ البداية، فالأردن بموارده استطاع أن يؤهل بنية تحتية (كانت) متفوقة على مستوى المنطقة ككل، وفي مرحلة البناء تراكمت الأخطاء ذات الطابع (الاسترضائي)، فالمجتمعات المحلية، وبغض النظر عن أنماط معيشتها، طالبت بوجود مرافق الدولة على مقربة منها، وبدلاً من توفير باص ليلتحق عدد قليل من الطلبة بأقرب مدرسة على مبعدة نصف ساعة، قررت الدولة أن تبني المدرسة، واصطدمت بحقيقة أن المدرسة ليست مجرد مبنى، وأن عملية تشغيلية مطلوبة وراءها.

من كان يمكنه أن يعارض في تلك المرحلة؟ الإعلام (المحدود في ذلك الوقت) كان يحتفي بالمنجزات التنموية، والمقاولون، يتلهفون لمشروعات ستزيد من ثروتهم، ويبدو أن مقولة لن نترك أحداً في الخلف التي يرددها المختصون في التنمية كانت تحكم عقلية الجميع، لنجد أنفسنا جميعاً مع الاستهلاك المفرط للموارد مقابل العائد المحدود في الخلف.

المزيد من المستشفيات التي يتعذر الحصول على أطباء وممرضين لتشغيلها، ومعها، جامعات مثقلة بالديون، وقطاعات اقتصادية يجب أن تمول هذه النزعة المظهرية في التنمية، ويدخل الجميع إما في المحاباة الاحتكارية، لأن هذه الشركات الكبيرة والمحتكرين، يحتاجون لظروف مواتية تستمر في توليد الدخل لدفع الضرائب، أو استنزاف ذاتي متواصل يضعف الانتاج المحلي لأنه لا مجال واقعي للتطوير والتقدم.

تغيرت نظريات التنمية وتطورت لأكثر من مرة خلال العقود الأخيرة ومنذ أصبحت هاجساً عالمياً، ولكن لا أحد يمكنه أن يتصور أن التنمية يمكن أن تمضي في الاتجاه المعاكس للاستغلال الأمثل أو الأفضل على الأقل للموارد (ألف باء اقتصاد)، ولذلك يجب التفكير في استجماع المشهد بأكمله، قبل الانطلاق إلى الأمام، والركض بسيقان تجرجر الثقالات الحديدية.

في الورش التي تواصلت، وما زالت، تواجد أشخاص يتمسكون بالوضع الراهن، يفكرون في تمويله، ويتصرفون بصورة قمعية مع أي مقترحات للخروج بحلول من شأنها إشاعة الحيوية في الاقتصاد والسوق، ولو كنت مكانهم، لاتخذت الموقف نفسه، ففي ذهنهم تحضر فواتير كثيرة مستحقة، ومصاريف كثيرة بذلت تحت ذريعة التنمية يجب المحافظة على استدامتها حتى لو كانت عوائدها سلبية.

لا مناص من التشاؤم، فالمشكلات الاجتماعية تتقاطع مع الاقتصادية، وكل ما نحتاجه هو اعتراف بفوضى أولويات التنمية منذ الثمانينيات، وهو العقد الذي فشلنا في قراءته جيداً، وهو أيضاً الذي أنتج العقلية السائدة، ومع ذلك، فشباك الأمل ما زال مفتوحاً، لأن تراكماً موجوداً يمكن استغلاله من جديد، بحكمة وجرأة معاً.

الحكومة وحدها لن تتقدم بشيء سوى مزيد من الوثائق والأوراق التي تسهل التشتيت والتعطيل وتخلق تزاحماً للمرجعيات، والجرأة من غير حكمة، لن تولد سوى المزيد من الفوضى، وعبئاً أثقل نرحله للأجيال القادمة.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF