كتاب

ما بين «المفوضية»  و«الأونروا».. وتحديات التمويل

لا أحد في هذا العالم يستطيع أن يشكك في الدور النموذجي والخاص الذي لعبه و يلعبه الأردن على الصعيد الإنساني، عندما استقبل اللاجئين السوريين مقدما مثالا حضاريا يرتكز على الإغاثة المادية والمعنوية انطلاقا من رسالة الأردن العروبية.

الأردن دولة شحيحة الموارد لكنها استقبلت نحو مليون وثلاثمئة ألف شقيق سوري يتواجد ١٠٪ منهم فقط في مخيمات اللجوء، وهو ما أضاف عبئا على موارده المائية الشحيحة أصلا، وبات يهدد أمنه الغذائي علاوة عن الأثار الاجتماعية والاقتصادية المرافقة لهذا اللجوء، من هنا جاء تحذير جلالة الملك وبحضور ولي العهد خلال لقائه المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبوغراند عندما شدد على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الدول المستضيفة للاجئين، خاصة في ضوء تحديات الأمن الغذائي، ذلك أن الأردن لا يمكنه الاستمرار في تح?ل مسؤولية نقص التمويل المرتبط في التحولات الاقتصادية الناجمة عن نقص الطاقة والغذاء الخارجية، وهو يحظى بالاحترام لما يقدمه من خدمات إنسانية كاملة، وهو ما أشار اليه نيليبوغراند حول الدور الإنساني الكبير الذي تقوم به المملكة في استضافة اللاجئين السوريين وتوفير ما يحتاجونه من عناية وخدمات صحية وتعليمية.

كل ذلك يأتي لحجم التضخم الذي يضرب كل دول العالم والذي أدى الى رفع الأسعار الغذائية والاهم الطاقة قد جعل الدول المانحة للتمويل تعد خططا تقشفية تشمل تخفيضات في دعم المفوضية مما سينعكس سلبا على اللاجئين وعلى حجم الخدمات المقدمة لهم ويؤثر بشكل مباشر على الأمن الاجتماعي ويحولها من قضية إنسانية الى سياسية بامتياز.

على صعيد متصل ومنذ 10 أعوام هناك تخفيض وتقليص ممنهج في تمويل «الأونروا» وهذا التقليص والأزمة المستدامة في التمويل يأخذ بعدا سياسيا علاوة على انعكاساته الاقتصادية والإنسانية فقد قال الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر التعهدات للأونروا إن الاستثمار في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى هو أيضا «استثمار في استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.» وقال أيضا «إننا نطلب تضامنكم ودعمكم»، مناشدا تقديم تعهدات لسد الفجوة بين تفويض الأونروا وميزانيتها للخدمات الحيوية حتى نهاية العام.

إذن كل تلك الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأردني مع ما شهده ويشهده العالم من كوارث بيئية وسياسية وعسكرية وانعكاسها المباشر على الدولة الأردنية، يتطلب موقفا صلبا شفافا بفضح الأهداف السياسية التي توحي ببدء خطوات انهاء خدماتها بدمجها مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لتتولى مهام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والخاصة بالأشقاء الفلسطينيين وحدهم، مما يهدد حق العودة ويحول الصراع العربي الصهيوني من سياسي الى انساني وهو أيضا ما سيؤدي إلى زلزال عنيف في المنطقة.

من هنا علينا التنبه جيدا لانعكاسات كل ذلك على الدولة الأردنية وحصانة جبهتها الداخلية من خلال الشفافية المطلقة مع المواطنين عندها يكون الرهان على المستوى المتطور للمسؤولية المجتمعية في محله.