لست بصدد أن أضع مفهوم الرابط العجيب بين «علمنة» الاسرة الاردنية كتعبير أطلق من هنا وهناك ومطار رامون ذي الابعاد السياسية والإقليمية فالمقولات الفلسفية يمكن أن تنعكس في المصطلح، وتعبر بذلك عن رابط خفي يبدو للمراقب او القارئ انه جزء من الكتابة السياسية الساخرة، وهي جزء لا يتجزأ وتعود لاصطلاحها الى كتاب وصحفيين يوصولون فكرة محددة جاذبة للجمهور في سياق السخرية السياسية، لكنني في هذه المقالة أتعمد الخروج عن الصندوق، وهو التعبير الدارج هذه الايام لأقول كوني اميناً عاماً لحزب التكامل الوطني الاردني وهو ما يحررني ?ن الابعاد التشريعية والقانونية التي التصقت بي منذ امتهاني القانون والتشريعات كعمل مستدام، أعني هنا أن ما يصاغ ويثار حوله جدل استثنائي يرتكز كالعادة على الإشاعة والتشكيك ونظرية المؤامرة التي أؤمن بها في سياق مفهومي السياسي.
منذ أسبوع بدأت اؤمن بهذا التشخيص السياسي، والسبب أن ما يثار من جدل حول قانون حقوق الطفل أو الأسرة وتفاعلاته وانعكاساته واهتمامات بعض القوى السياسية في هذا القانون وما يثار حوله، يستحضر في ذهني ذلك الجدل العقيم حول حقوق المرأة والتعديل الدستوري سالف الذكر، والسؤال الكبير هنا لماذا يثار موضوع جدلي يستهدف كل طاقة الوعي الجمعي، وينعكس في مواقع التواصل الاجتماعي كحدث استراتيجي ومهم ومفصلي عندما يكون الأردن كدولة يستوجب تضافر الجهود وتمكينها من أجل تكامل ووئام وطني لمواجهة افرازات مطار رامون بأبعاده السياسية، وا?تي تستهدف حقيقية بعدين خطيرين جدا الاول اجتماعي يؤسس لشرخ فتنوي وفك العروة الوثقى والتكامل بين الشعبين الاردني والفلسطيني والمواقف المتطابقة حد الاندماج بين الرؤى السياسية للشعبين الشقيقين وهو اخطر ما يمكن ان يراهن عليه لضرب هذا التماسك الذي اجهض صفقة القرن والذي قاد هذه المواجهة باقتدار شديد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين رغم ان المروج المركزي لذلك المشروع كان الرئيس الاميركي نفسه هذا من جانب، ومن جانب آخر يبرز السؤال الكبير أن استهداف العروة الوثقى يتمحور حول حلقة مركزية واحدة هي اجهاض مشروع التشبي? في الاستراتيجية الملكية لفك الطلاسم التي وضعها الاحتلال الصهيوني لابقاء السلطة الفلسطينية معزولة نهائيا عن بعدها العربي وهو النضال الحقيقي بكل ابعاده الهاشمية خلف الستار لجعل الجسور ممتدة لشعبنا الفلسطيني في الداخل مع بعده العربي، وهو ما لا يلحظه كثيرا من المراقبين السياسيين والذين يرون من خلال تشخيص لاهمية رفع ومضاعفة الغاز الذي سيصل الى الضفة الغربية والشعب الفلسطيني، هذه الاهمية تكمن ليس ببعدها الاقتصادي انما من خلال ما يترتب على ذلك العزل من استفراد غير مسبوق للشعب الفلسطيني وترسيخ وتعميق التبعية الاق?صادية للكيان الصهيوني متجاوزة حتى ملحقات اتفاقيات اوسلو ونعني هنا ملحق باريس الاقتصادي المعروف.
فرغم ما لمحت له القيادتان الفلسطينية والاردنية من ان هذا المشروع لا يمكن تشخيصه على قاعدة الخسائر الاردنية المادية التي ستترتب على افرازات مطار رامون.
انما والاهم من كل هذا هو تهديد حقيقي لذلك الترابط السياسي والذي برز بكل وضوح في استهداف الاردن وعزله اذا ما حاول التصدي لهذا التوجه وفرض مشروع سكة الحديد السريعة الرابطة بين حيفا مروراً بالاردن وصولاً الى كل اطراف الجزيرة العربية وهو المشروع الذي رفضه الاردن رفضاً قاطعاً لما له من خطورة في تغييب الجانب السياسي للقضية الفلسطينية تحت يافطة فتات تنموي.
هنا نفك شيفرة الرابط العجيب بين التوجه الفلسطيني الأردني نحو مراكمة كل الجهود لإجهاض هذا المشروع الذي يهدد البعد العربي والوجودي للقضية الفلسطينية، ويجعل الأردن ممرا ثانويا للتشكيلات السياسية خلف الستار فتاتي الابواق الداخلية لتشتيت ذلك الجهد اتجاه موضوع شعبوي شكلي يافطته قانون حقوق الطفل وعلمنة الاسرة الاردنية وهو ما يثير الضحك.
إن الوجدان الاسلامي والروحي للشعوب المسلمة في كافة اقطار الارض ومنذ الف واربعمئة عام لم يستطع احد ان ينتزع ثابتة الاسلام من قلب اقصى قرية مسلمة في جنوب شرق اسيا فكيف يمكن ان تعلم الاسرة الاردنية ركيزة ومحور الاسلام ليس في سياقه الدعوي فقط وانما في امتزاج جذور قيادته الى الهاشميين والى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا لا يمكن أن يكون دفاعا عن الوجدان الجمعي الاردني وصناعة تذبذب في بنائه الاخلاقي والعروبي.
إذن هناك هدف حقيقي ومؤامرة تستهدف اجهاض التراص وخارطة الطريق للمقاومة الفلسطينية الأردنية لمشروع بحجم رامون فتتجه كل الانظار حول مخرجات شكلية ويغيب مشهد مثل اقتحامات المستوطنين «الاقصى» من باب الاسباط لاول مرة منذ 1969، وهي خطوة اخرى هدفها تثبيت معادلة الزمان والمكان واستهداف واضح للوقف الاردني والوصاية لصالح نقاش عن هذا القانون والهوية الدينية لاطفالنا والتي تترسخ فيه منذ ولادته وهذا التشويه للاولويات الوطنية هدف استراتيجي لصالح الكيان الصهيوني ضمن اطار الاولويات التركية في الانكفاء الى الداخل والابتعاد ع? الصهاينة للتغطية على التطبيع الشامل وغير المسبوق مع الكيان.