الموازنات المخصصة لمؤسسات التدريب لا تلبي ارتفاع كلفة البرامج
ضرورة ادماجالمهني والتقني مع «الأكاديمي» عند التخطيط
رغم تباين آراء خبراء عمل حول اسباب ضعف مخرجات مؤسسات التدريب المهني والتقني وعدم قدرتها على ربط هذا التدريب بالتشغيل وبالتالي لا تأثير له على معدلات البطالة المرتفعة، الا انهم اتفقوا على اسباب بعينها، فمنهم من لفت الى ان بيئة العمل غير مناسبة للوظائف التي تطرح بعد التدريب، والبعض الاخر ارجع السبب الى نوعية البرامج المطروحة من مؤسسات التدريب كونها لا تتلاءم مع احتياجات السوق.
خبراء اخرون قالوا ان الاسباب تعود الى ان الموازنات المخصصة لهذه المؤسسات منخفضة ولا تلبي ارتفاع كلفة البرامج التي من شأنها ان ترفد سوق العمل بما يحتاجه.
ولأهمية هذا الملف تناقش «$» التحديات التي تواجه التدريب المهني والتقني لوضعها أمام صناع القرار.
وحذر هؤلاء الخبراء من تحديات تعيق قدرة مؤسسات التدريب المهني والتقني منها نقـص المـوارد الماليـة اللازمة، وعدم ملاءمة مخرجاتها لاحتياجات سوق العمل، فضلا عن عدم تقبل التعليم المهني والتقني لا من قبل الطلبة ولا الاهل ولا المجتمع.
وأكدوا على ضرورة إدماج التعليم المهني والتقني مع التعليم الاكاديمي عند التخطيط، بحيث تكون مخرجات التعليم المهني والتقني لديها القدرة على متابعة المسار التعليمي في الجامعات والمعاهد الاكاديمية.
واكدوا على ان التدريب المهني من أهم مسؤوليات الحكومة ويشكل جانبا رئيسيا من برامج التشغيل والحد من البطالة، فلا يجوز للحكومة أن تتخلى عنه سواء بالخصخصة أو بغير ذلك.
ولفتوا الى انه لا يمكن لبرامج التشغيل أن تنجح إلا إذا ارتبطت ببرامج تدريب تتولاها الدولة بتعاون وثيق مع ممثلي أصحاب العمل، وأي إجراء تتخذه الحكومة بالتخلي عن هذا الدور يعد هروبا من مسؤولياتها.
وقد حظي ملف التدريب المهني والتقني باهتمام خاص من جلالة الملك عبدالله الثاني الذي وضع خارطة طريق لراسمي السياسات الاقتصادية لمحاربة البطالة وتوفير فرص عمل مستدامة، واللتين جعلهما جلالته الأولوية بالنسبة للعام الحالي، فقد اكد جلالته أن محاربة البطالة تتطلب التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص، والعمل من خلال خطط مدروسة وواضحة على أن يتابع تنفيذها بشكل دوري.
وعاد جلالته ليؤكد في رسالة الى الشعب بعيد ميلاده الـ 60 على ان «المستقبل نريده مستقبلا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم وننهض فيه باقتصادنا وتزداد فيه قدرات قطاعنا العام وفاعليته ويزدهر فيه قطاعنا الخاص فتزداد الفرص على مستوى متكافىء ونواجه الفقر والبطالة بكل عزم ونحد من عدم المساواة، وينطلق شبابنا في افاق الريادة والابتكار ».
ويستمر الحديث الملكي عن ضرورة تطوير بيئة التدريب المهني والتعليم التقني، وتزويد الشباب بالمهارات المطلوبة لتلبية متطلبات سوق العمل، وتغيير الثقافة المرتبطة بالوظائف المهنية، الا ان جلالته لفت إلى أن الإقبال على التعليم التقني والتدريب المهني لا يزال «دون الطموح».
وعاد الخبراء ليجمعوا على ان الحل لكسر مؤشر البطالة الدائم الارتفاع والتي وصلت نسبته حسب اخر الارقام الى 22.8 بالمئة، بالتوجه للتعليم التقني والتدريب المهني لتوفير فرص العمل.
وقالوا ان مؤسسات التدريب المهني والتقني لها دور في طرح برامج لمهن تشغيلية مطلوبة لسوق العمل، مؤكدين انه بالرغم من ان الاحصائيات تشير الى ان نسبة المشتغلين من خريجي مؤسسات التدريب مرتفعة الا انها الى الان لم تساعد في خفض معدلات البطالة.
ورغم التأكيدات ان اختيار البرامج التدريبية في الجهتين الرسميتين اللتين تزودان بالتدريب وهما مؤسسة التدريب المهني والشركة الوطنية للتشغيل والتدريب يأتي بناء على دراسات فنية تجرى بالتعاون مع القطاع الخاص ومتطلبات سوق العمل، الا ان الخبراء قالوا ان الاختيار يقع على البرامج منخفضة التكاليف.
وبحسب الخبراء فان عدد مزودي التدريب من القطاع الخاص يبلغ حوالي 320 جهة، مرخص منها حوالي 116، مشيرين الى ان هذه المنشآت تتقاضى مبالغ مرتفعة للتدريب مقارنة مع الجهات الرسمية وتعتبر من المنشآت المربحة.
وتساءل الخبراء عن مدى تطبيق الحكومات للقرار القاضي بتخصيص بند من بنود تصاريح العمل لغايات تدريب وتشغيل الاردنيين، مشيرين الى انه قد يصل المبلغ المخصص الى حوالي اربعة ملايين دينار سنويا وهذا المبلغ من شأنه ان يساعد على طرح برامج ذات فاعلية لسوق العمل.
واوضحوا ان برامج التدريب يجب ان تكون مصممة لأعمال ومهن مطلوبة فعليا في سوق العمل، من أجل توفير فرص عمل للمتدربين بعد إنهاء التدريب، مشيرين الى اهمية مشاركة اصحاب العمل عن وضع هذه البرامج، مؤكدين ان التحاق الخريجين بسوق العمل يتطلب تحقيق شروط العمل اللائق.
وارجع بعض الخبراء الاسباب الى احتكار جهات رسمية وحدها عملية التخطيط والتنفيذ لبرامج التدريب، معتبرين انه ثبت فشله على مدار السنوات الماضية.
وقالوا ان الحل يكمن في التوجه نحو شراكة فعلية مع الجهات التي تمثل القطاعات والتخصصات المهنية كغرف الصناعة والتجارة ونقابات أصحاب العمل في التخطيط ووضع وتنفيذ برامج التدريب وحوكمة قطاع التدريب بكافة مستوياته.
واوضحوا انه يجب توفير معلومات تفصيلية عن حجم ونوع المهن المطلوبة في سوق العمل وحجم العرض المتوازن من مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني، بما يمكن من تحديث مناهج وبرامج التدريب وتحديد التخصصات وبرامج التدريب القصيرة وتقويم المخرجات، الأمر الذي سيؤدي تدريجيا إلى مواءمة مخرجات التدريب المهني مع احتياجات سوق العمل.
رؤية جلالة الملك لاهمية التدريب المهني جعلته يبارك على الاستراتيجية الوطنية للتشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني، والتي انشقت عنها هيئة تنمية وتطوير المهارات لتكون المظلة القانونية والفنية والمرجعية لهذا القطاع.
من جانبه، قال رئيس مجلس ادارة الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب ماجد حباشنة: إن قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني حظي باهتمام ملكي منذ عام 2015 ولا زال وكان من ابرز ما تمثل به هذا الدعم السياسي اشهار الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية عام 2016.
ولفت الحباشنة الى أن قطاع التدريب يعاني ولا زال من مجموعة من التحديات ابرزها التشتت الحاصل في المرجعيات مما انعكس سلبا على حاكمية هذا القطاع، بالاضافة الى تداخل التشريعات، مشيرا الى التحدي الاكبر وهو التمويل غير الكافي، فأدخلت القطاع في حزمة من التأثيرات انعكست سلبا على جودة مخرجاته وقدرته على الانطلاق ليكون مسارا متطورا جاذبا للاردنيين وقادرا على تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني وسوق العمل الاردني.
واضاف انه لا يمكن اغفال العلاقة الترابطية بين منظومات التعلم العام والتعليم العالي والتعليم المهني والتقني حيث مخرجات الاول هي مدخلات الثاني والثالث مثلما مخرجات الثالث قد تكون مدخلات التعليم العالي التطبيقي وفق الاطار الوطني للمؤهلات، وعليه فجودة مخرجات المسار المهني والتقني تعتمد على جودة مخرجات التعليم العام في وزارة التربية والتعليم مثلما ان زيادة اعداد الملتحقين بالمسار المهني من مسؤوليات وزارة التربية والتعليم وهذا يتطلب تنفيذ ما اوصت به كافة الاستراتيجيات والخطط واخرها الاستراتيجية الوطنية.
ولفت الحباشنة الى انه بالرغم من انشاء هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية بموجب قانون نشر بالجريدة الرسمية عام 2019 الا ان الهيئة لم تتمكن من بناء قدراتها الداخلية للبدء في تنفيذ المهام التي اناط بها القانون مع الانجازات المحدودة في تنظيم القطاع.
واكد ان مشكلات القطاع اكبر من مؤسسة التدريب المهني او الشركة الوطنية وهي مشكلات مركبة تحتاج الى حل شامل يعالج كافة التحديات التي يواجهها القطاع بالرغم من محاولات التطوير لتحسين نسب تشغيل خريجيها من خلال التوجه نحو التدريب المنتهي بالتشغيل.
ولفت الى ان كافة الاستراتيجيات فشلت في احداث النقلة النوعية المطلوبة، موضحا انه قد يكون الحل في انشاء وزارة التعليم والتدريب المهني والتقني.
وبحسب تقارير مؤسسة التدريب المهني، يبلغ عدد الملتحقين خلال العام التدريبي عشرة الاف متدرب، فيما بلغ عدد خريجي المؤسسة (420) الفا منذ تأسيسها عام 1977، وعدد المشتغلين لعام 2021 كان (6446) مشتغلا.
وقال مدير مؤسسة التدريب المهني المهندس احمد الغرايبة:إن قطاع التدريب المهني يواجه تحديات ومشكلات ناتجة عن اتساع الفجوة بين احتياجات سوق العمل وبين كفايات الخريجين، الى جانب النظرة المجتمعية للتدريب المهني وتعود تلك الفجوة لأسباب كثيرة، بشرية ومالية وفنية.
واكد ان قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني والتدريب، يعد من أهم أدوات التنمية الاقتصادية والبشرية، وهو عماد أعداد الشباب وتأهيلهم لتلبية احتياجات سوق العمل، الى جانب تدريب العمال الممارسين لرفع كفاءتهم ومواكبة التطورات التكنولوجية.
واوضح ان معاهد المؤسسة تحتوي على معدات وتجهيزات ومشاغل حديثة ولازمة للتدريب الى جانب تعدد البرامج المطروحة وتنوعها، مع استحداث العديد من التخصصات في الحقول المهنية المختلفة.
واشار الى ان هذا القطاع يلاقي اهتماماً خاصاً في العديد من الاستراتيجيات الوطنية، وتمثلت جلياً في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي أطلق وثيقتها بمباركة من جلالة الملك عبدالله الثاني، في الخامس من ايلول/2016، وقد اشتملت الاستراتيجية على عدد من المشاريع لتطوير قطاع التعليم المهني والتقني والتدريب، وفق محاور متعددة منها الحاكمية، مأسسة الشراكة بين مزودي التدريب وبين القطاع الخاص.
وأرجع اسباب عزوف الشباب على الالتحاق ببرامج المؤسسة الى ان المجتمع ما زال يميل الى التعليم الاكاديمي الجامعي حتى في التخصصات المشبعة، مشيرا الى ضرورة تطوير البرامج وجعلها جاذبة مع بيان أهمية الالتحاق بالتدريب المهني والتقني، كخيار استراتيجي لبناء الوطن ومكافحة الفقر والبطالة.
واكد اهمية تفعيل التوجيه المهني والارشاد، واجراء العديد من الاجراءات التي عملت على ارتباطية البرامج المطروحة بحاجات سوق العمل، والشراكة مع القطاع الخاص وتحديث المناهج، وتحسين القدرات الادارية والفنية للموارد البشرية لتواكب التطور الحاصل في سوق العمل، اضافة الى نظام ضمان الجودة، والمتابعة والتقييم والمساءلة من خلال اعتماد حاكمية فاعلة وهياكل ادارية ذات خبرة مميزة، واتاحة الفرص للوصول للتعليم والتدريب المهني والتقني، والتأسيس لمسارات متعددة تشجع على الترويج والتوعية بكل انواع وطرق اكتساب المهارات.
وبين ان هناك بعض التحديات التي تواجه قطاع التعليم والتدريب المهني، وتتركز بمضمون البرامج التدريبة والتي بقيت بصورة مستمرة تحاول اللحاق بما يحتاجه سوق العمل، فاتسعت الفجوة بين مضامين البرامج وبين تلك الحاجات وهو بالاساس يعود لتدني مشاركة القطاع الخاص في بناء البرامج وتحديد الاحتياجات.
وقال: ان من اهم التحديات وهي الخاصة بالتوجيه للتدريب والتعليم المهني، ومحاولة تجاوز النظرة المجتمعية لهذا التوجه، وتنشيط وتفعيل مساهمة القطاع الخاص.
الخبير العمالي مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة قال: ان التدريب المهني من أهم مسؤوليات الحكومة ويشكل جانبا رئيسيا من برامج التشغيل والحد من البطالة، ولا يجوز لها أن تتخلى عنه سواء بالخصخصة أو بغير ذلك.
وأضاف: لا يمكن لبرامج التشغيل أن تنجح إلا إذا ارتبطت ببرامج تدريب تتولاها الدولة بتعاون وثيق مع ممثلي أصحاب العمل، وأي إجراء تتخذه الحكومة بالتخلي عن هذا الدور يعد هروبا من مسؤولياتها في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل منظومة التدريب المهني المتعددة التي أدت إلى ضعف واضح في مخرجاتها.
وقال انه يبدو أن هناك فهما خاطئا للفرق بين التخلي عن هذا الدور ونقله إلى مؤسسات خاصة تعمل على أساس الربح، وبين العمل على الحد من احتكار جهات رسمية وحدها عملية التخطيط والتنفيذ لبرامج التدريب وهو احتكار ثبت فشله على مدار السنوات الماضية، ويتطلب التوجه نحو شراكة فعلية مع الجهات التي تمثل القطاعات والتخصصات المهنية كغرف الصناعة والتجارة ونقابات أصحاب العمل في التخطيط ووضع وتنفيذ برامج التدريب وحوكمة قطاع التدريب بكافة مستوياته.
واوضح ان الأولى أن يتم العمل على معالجة الاختلالات العديدة التي تحد من فعالية الدور الرسمي للتدريب المهني، ومن أهمها نظام معلومات سوق العمل الذي لا يخد م العملية التدريبية ولا يعكس صورة حقيقية لواقع سوق العمل واحتياجاته، ومنهجية تصميم برامج التدريب وتنفيذها الذي يتم في غياب استراتيجية وطنية مرتبطة باحتياجات أصحاب العمل، وضعف منظومة الإرشاد والتوجيه المهني، ومحدودية تأثيرها في اختيار الفرد، والنظام المغلق لبرامج التدريب الذي لا يوفر فرص التقدم والترقي.
واضاف: ان هنالك غياباً لممثلي القطاع الخاص عن حاكمية قطاع التدريب والتعليم المهني، وعن دوره في تطوير المعايير المهنية وآليات الاختبار ومنح الشهادات، ناهيك عن مشكلة نقص المخصصات المالية وعدم كفايتها لتوفير المتطلبات الباهظة للعملية التدريبية في موازنة الدولة، مما أدى إلى عدم القدرة على أن تواكب معدات وتجهيزات التدريب التطور العلمي والتكنولوجي والصناعي، ونقص المدربين وضعف تأهيلهم وغياب برامج صقل وتطوير مهاراتهم.
واوضح انه لإحداث تأثير ايجابي في التدريب المهني وتطوير مخرجاته من حيث الكم والنوع، فعلينا أن نبدأ أولا بتوفير معلومات تفصيلية عن حجم ونوع المهن المطلوبة في سوق العمل وحجم العرض المتوازن من مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني، بما يمكن من تحديث مناهج وبرامج التدريب وتحديد التخصصات وبرامج التدريب القصيرة وتقويم المخرجات، الأمر الذي سيؤدي تدريجيا إلى مواءمة مخرجات التدريب المهني مع احتياجات سوق العمل، كما علينا توفير المخصصات الكافية لتحديث المعدات التدريبية وتوفير المستلزمات التشغيلية للتدريب وبيئة تدريب ?اذبة ومشجعة وتتوفر فيها الخدمات والمرافق اللائقة، وتطوير قدرات المدربين واشراكهم بإعداد الدراسات والمسوحات والحقائب التدريبية وتنفيذ البرامج المتنوعة.
واستعرض ابو نجمة، عوامل ضعف منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني في جانبي الكم والنوع، فمن حيث الكم فإن ما يقرب من ثلث خريجي التعليم الأساسي يتم توجيههم إلى المسارات المهنية في المدارس الثانوية (26%)، منهم (25%) يواصلون التعليم في كليات المجتمع و(4%) في الجامعات، أما من يتوجهون إلى مسار التدريب المهني في مؤسسة التدريب المهني فلا يزيدون على (6%) وهو مسار مغلق لا يتيح للمتدرب التقدم في توجهاته المستقبلية إلى التعلم المهني والتقني في مستويات أخرى غير المستويات المهنية (اختصاصي، فني أو تقني، مهني، ماهر، محدد?المهارات).
وقال: ان هذا يؤدي إلى الإحجام عن التوجه إلى التدريب المهني خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية بالنسبة للوظيفة ما بعد التدريب، وفي ظل تركيز البرامج التدريبية على مهن تقليدية ومحدودة، بعضها قد لا يكون مطلوبا في سوق العمل، إضافة إلى مشكلة المواصلات، وضعف كفاءة البرامج التدريبية.
وأما من حيث النوع، فتتمثل بطبيعة التخصصات ومحتوياتها ومدى مواءمتها مع طلب أصحاب العمل والخدمات، حيث تعاني منظومة التدريب المهني من عدد من الاختلالات التي تحد من فعاليتها، من أهمها أن نظام معلومات سوق العمل لا يخدم العملية التدريبية ولا يعكس صورة حقيقية لواقع سوق العمل واحتياجاته، كما أن تصميم برامج التدريب وتنفيذها يتم في غياب استراتيجية وطنية مرتبطة باحتياجات أصحاب العمل، وهي تحدد في الغالب وفقا لعرض العمالة وليس وفق الطلب عليها، في ظل ضعف منظومة الإرشاد والتوجيه المهني، ومحدودية تأثيرها في اختيار الفرد، ?النظام المغلق لبرامج التدريب الذي لا يوفر فرص التقدم والترقي، إضافة إلى غياب القطاع الخاص عن حاكمية قطاع التدريب والتعليم المهني، وعن دوره في تطوير المعايير المهنية وآليات الإختبار ومنح الشهادات.
واكد ان نقص المخصصات المالية وعدم كفايتها لتوفير المتطلبات الباهظة للعملية التدريبية بالمقارنة مع ما يخصص لها في موازنة الدولة مشكلة حقيقية، أدت إلى عدم القدرة على مواكبة معدات وتجهيزات التدريب للتطور العلمي والتكنولوجي والصناعي، ونقص المدربين وضعف تأهيلهم وغياب برامج صقل وتطوير مهاراتهم.
واوضح ان من شأن تعددية مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني وتشجيع القطاع الخاص على الدخول في هذا النشاط والمنافسة فيه، توفير الدافعية والرغبة بالتميز لدى مجموع هذه المؤسسات والمنافسة فيما بينها وتحسين العملية التعليمية والتدريبية برمتها بما ينعكس إيجابا على مخرجاتها.
مدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية احمد عوض كان له رأي اخر، قائلا: انه من الصعب القول إن مؤسسة التدريب المهني لا تساهم في زيادة التشغيل، اذ أنه رغم ضعف التحديات التي تواجهها هذه المؤسسة وأهمها انخفاض موازنتها وضعف بعض برامج التدريب، وضعف القدرات التعليمية للطلبة الداخلين لها، الا أنها تخرج المئات سنويا، وغالبيتهم يلتحقون بسوق العمل بطريقة أو أخرى.
واوضح أن خريجيها يلتحقون بسوق العمل بطريقة أسرع من خريجي الجامعات، بحكم فرص العمل المتاحة في سوق العمل الأردن، ولكن مطلوب تقديم كافة أشكال الدعم لهذه المؤسسة وخاصة في المناطق الجغرافية التي تشهد اقبالا أكثر من غيرها على الالتحاق بمعاهدها، وتحسين محتوى البرامج التدريبية، وربطها أكثر بحاجات سوق العمل، الى جانب تحسين سوق العمل في القطاعات التي يعمل فيها خريجوها لتوفير مزيد من الحمايات الاجتماعية لهم ولهن، وخاصة الأجور والضمان الاجتماعي، لتشجيع الشباب على العمل في هذه القطاعات.
وانتقد فلسفة وزارة العمل، قائلا: إن الفلسفة التي تقوم على برامج تشغيل تصممها هي وتعمل بموجبها، لذا لا يمكن لها أن تزيد التشغيل، حيث تقوم على الربط بين المشغلين (أصحاب الأعمال) وطالبي الوظائف، وهذا لا يولد فرص عمل جديدة.
وأضاف: إن الأصل أن تقوم برامج التشغيل هذه على تشجيع القطاعات والأنشطة الاقتصادية للتوسع وتوليد فرص عمل لائقة جديدة، وهذا هو المدخل لحل مشكلة البطالة، وليس الربط بين الطرفين، لأن المشغلين (أصحاب الأعمال) يستطيعون الوصول الى العمال إن احتاجوا ذلك.