كتاب

دلالات الحراك الملكي

الحراك الملكي والذي استهدف الإعلام الأردني والجامعات الأردنية، ارتقى إلى مصاف التعبئة الملكية باتجاه منظومة الإصلاح الشامل وخاصة الاصلاح السياسي ومن خلال قراءة موضوعية للقاء جلالته مع جريدة $ الغراء ورؤساء الجامعات الاردنية، فقد ركز جلالته على أهمية الإصلاح الشامل المتوازي، وخاصة من خلال تركيزه على دور الاحزاب السياسية في استكمال مهام التحول الديمقراطي، بأن الحزبية خط احمر لا يمكن التراجع عنها، وأن العمل الحزبي المباشر وغير المباشر هو الأفق الذي سترتقي له الدولة الأردنية، وهو المحور الأصيل في بناء مستقبل الدولة، ذلك لأن توسيع دائرة المشاركة في القرارات كانت وما زالت هدفا ليس بعده هدف، وأن على كل مؤسسات الدولة أن تساهم من خلال مواقعها في مشروع التحديث السياسي وتكون جنبا الى جنب مع القطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني لمحاربة ظاهرة العزوف عن الانتساب للاحزاب السياسية، وهو ما أوضحه جلالته بشكل مباشر، وأن العمل الحزبي وتمكين وتعميق دور الأحزاب هو سبيل استراتيجي لا رجعة عنه، وهذا الدور يتطلب اسنادا شبابيا يرتكز على كل فئات المجتمع وخاصة طلبة الجامعات وهو ما نوه له جلالة الملك خلال لقاءاته وحواراته وخاصة اللقاء الاخير مع رؤساء الجامعة وحثهم على ايجاد آلية تنظم العمل الحزبي في الجامعات ليتوافق ويتكامل مع العمل السياسي والتحصيل الاكاديمي ولتوسيع دائرة التعبئة والتجييش لصالح الانخراط في الاحزاب وعدم الصدام بين ما هو اكاديمي وسياسي وهي رؤية استشرافية قد بينها جلالة الملك من خلال رسائل واضحة بأن فك شيفرة الاكاديمي والسياسي هي مهمة يجب أن تأخذها الجامعات الاردنية بعين الاعتبار، علاوة على دورها في الحرص على أن تتضمن بنيتها الأكاديمية ما يحفز الطلبة على الانخراط في العمل السياسي والمساهمة الفعالة في التحول السياسي والديمقراطي، الذي يشهده وطننا الحبيب وان المرجعيات الدستورية والتشريعية الضامنة لهذا التحول قد دخلت حيز التنفيذ باسناد ايضا بقانوني الاحزاب والانتخابات وان الادارات المحلية واستقلالية المرجعيات المؤسساتية التي ستكون جزءا لا يتجزأ من الكل الشامل لهذا التحول.

كل ذلك ركز عليه جلالة الملك المفدى والذي رسخ الاطمئنان المجتمعي حول الأحزاب السياسية وانها هي المستقبل الواعد في البناء السياسي للدولة الحديثة، والمتتبع إلى كل مشاريع الاصلاح الشامل والرؤية الاقتصادية المنبثقة عن ورشة العمل الاقتصادية والتي تتوازى وتتكامل مع منظور الاصلاح الاداري القادم سيدرك أن تلك التحولات ستجعل من الاردن نموذجا ديمقراطيا استثنائيا.

أهم دلالات الحوار الاخير يكمن في ان التعبئة باتجاه الانخراط في الاحزاب هو ركيزة من ركائز العمل الاجتماعي القادم وهو مهمة يجب ان تكون اولى اولويات كل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاكاديمية واولى اولويات الحكومات والمؤسسات العامة لان الوصول لحكومات برلمانية تقودها الاحزاب السياسية والبرامجية هو هدف لا يمكن التراجع عنه مهما كانت الظروف والمعطيات.

لذلك فان أهم دلالة يجب أخذها بعين الاعتبار في سياق الحراك الملكي الاخير هو حسم الجدل حول الإصلاح السياسي الشامل، وأن هذا التحول لم يكن صدفة أو قراءة شكلية لواقع افتراضي، بل مهمة تدرجت منذ استلام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لسلطاته الدستورية من خلال استهداف الوعي الجمعي الاردني وتهيئته لمفهوم التحول السياسي من خلال الاوراق النقاشية لجلالته وصولا الى التعديلات الدستورية الأخيرة ومخرجات اللجان الملكية ونتائجها.