التوقيت والظروف لمقابلة دولة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، كشفت بالجديد عن شخصيته التي لم تتمرس خلف الإعلام عبر مسيرته السياسية، ليجعل من النتائج محتوى الحديث والواقع، بعيداً عن أبراج التمنيات، وبدون توقف المسيرة عند المنعطفات التي يحاول البعض صناعتها أمام المسيرة الوطنية بقالب الشكوك أحياناً، حيث يعمل ضمن فريق وزاري، يُفترض فيه الانسجام والالتزام، بالرغم من بعض الهفوات التي وقع فيها البعض من فريقه الوزاري، خصوصا التي تطلق من خارج حدود الوطن، فحاول البعض الصاقها بدولة الرئيس كضريبة لموقع المسؤولية، فالمعارضة المعلنة أو المستترة، حاضرة بصالوناتها وناطقيها وتترقب العثرات، ضمن حزمة من المحتويات التي يمكن استخدامها بجميع الظروف كدلالة على التقصير والاخفاق، ولكنني أرى، أن المقابلة الأخيرة التي يكمن تصنيفها بالعلامة الكاملة، منحت دولة الرئيس بُعداً استقرائياً مكملاً للطروحات التي يراها جلالة الملك؛ تناغم وتوافق مع مؤسسة العرش، يضفي الثقة والمصداقية، ويحسم جدل الاجتهاد غير المبرر بالملفات الوطنية، ولإنصاف محتوى المقابلة وأهميتها، أرى بضرورة التوقف على جميع محطاتها لإضاءة مستحقة، وحسب تسلسل ورودها بالمقابلة الصحفية.
بسبب استراتيجية وأهمية المحتوى للشؤون السياسية التي تطرق اليها بدقة ووضوح؛ جرأة مستحقة للدرجة الكاملة بالوضوح ذات بعد وعمق سياسي يعكس طبيعة التفكير والرؤية الأردنية، برصيد لا يمكن القفز عن محتواه، ويظهر بأهميته عند الحسم والحاجة، مرورا بالعمق القومي والدولي ذي الأطياف الإنسانية التي تؤثر وتتأثر بدول الجوار، فتحتم وجود نظرة شمولية بأبعادها المتنوعة التي لا تحتمل الاجتهاد والفزعة، فالعلاقات الأردنية الخارجية مع دول الجوار أو الدول الإقليمية أو العالمية، منفردة أو مجتمعة، هي علاقات مفتوحة، مبنية على أسس واضحة معلنة، وتشكل الهيكل الأساس للدولة الأردنية، بمصداقية تنبثق من الرؤية الملكية المعلنة في كل المناسبات والمحافل؛ أساسها العدالة والسلام، وتوفير الأمن الغذائي والصحي والمائي، للشعوب التي تناضل وتتحدى ظروف الواقع من ثورات وحروب، فالرئيس كان واضحا بتوضيح اسس العلاقة مع دولة ايران تحديدا وخارج مظلة الجامعة العربية والمبنية على وعي سياسي مفلتر، وبعيد عن الوعود، بل سجل إنجازاً عندما فرضت الجرأة بالطرح بإرسال رسالة لمن يهمه الأمر؛ داخليا وخارجيا، بقدرة الأردن على المرور الآمن من الصعوبات التي تعترض المسيرة، يوازيها اشارات بالبعد الإنساني؛ الطريق الممهد والمرصوف للملف السياسي والغذائي والمالي والاجتماعي، بنظرة استراتيجية بعيدة المدى، بأنه لا اسراف بالوعود، بل عمل متواصل لتوفير الحد الأدنى من المتطلبات ضمن ظروف الإقليم الملتهب، وانعكاس الإضطرابات الدولية على هذا الجزء من العالم، لأن المحصلة النهائية تعتمد على القاعدة الأساسية بأن الأردن قادر قيادة وحكومة وشعب على البناء وإعادة الهيكلة وجعل الأردن انموذجاً مثالياً في المنطقة والعالم، وهو يؤمن كما يؤمن جلالة الملك في إمكانيات الأردن وشعبه في تجاوز تلك التحديات.
حسم الخصاونة ملف الانضمام للحلف الذي تتحدث عنه مختلف الاتجاهات السياسية كمشروع إقليمي دفاعي، عندما أكد على ما جاء بحديث جلالة الملك، موضحاً أن جلالته طُرح عليه سؤال افتراضي حول إطار إقليمي وعربي مرتبط بتشكيل صيغة عسكرية أو صيغة دفاعية إقليمية وفي إطار افتراضي صرف، فتركز الجواب على هذا الجانب في سياقه الافتراضي، مشدداً على أنه لم يعرض أحد أو يتحدث أحد مع الأردن بخصوص تشكيل أي إطار عسكري إقليمي، لأن التقارب الوحدوي مع الأشقاء هو شكل مناظر للتطلعات الكفيلة بتوفير الحماية والعدالة وليس أمراً مستجداً؛ وربما التنسيق الأردني، المصري، والعراقي، مرورا بالسعودية ودولة الإمارات، هو الشاهد الفعلي على أهمية التحالف العربي الأصيل، الذي يصنع معطيات المعادلة ونتائجها.
دولة الرئيس: المقابلة الأخيرة، كشفت لنا أمورا إيجابية مستترة بشخصيتك الوطنية، وجرأتك بالقول منحتك درجات إضافية على سلم التقييم، لأنك الأمين على حمل المسؤولية التنفيذية الداخلية الآن بظروفنا الصعبة، والتي سنفرد لها مقالتنا القادمة فأنت الأمل، ولكنك مطالب بضبط السلوكيات والأقوال للبعض المحيط الذي يوقد المنقل بهدف الإثارة وللحديث بقية.
