مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي يوجهها عالمنا العربي لا تحتاج فقط إلى تحالف عسكري, فالتحالف الاقتصادي سيبدو أكثر صلابة في معركة المواجهة.
نظرة سريعة إلى واقع العالم العربي كفيلة بأن تظهر لنا صورة التعاون الهزيل بين اقتصاديات بلدانه وضعف مستوى التجارة البينية، ما هو إلا شكل من أشكال الخلل بينما المشكلة هي العجز في استغلال الموارد البشرية خصوصا وهي خزان جاهز تحت الطلب للإحباط والتطرف.
عدد سكان العالم العربي نحو ٤٥٠ مليون نسمة يشكلون ما نسبته ٥% من سكان العالم، وتمتلك الدول العربية نحو ١٦،٢ % من احتياطي النفط العالمي وصادراته، بالمقابل لا يساهم في الناتج الاقتصادي العالمي بالأسعار الجارية بأكثر من 2.39 تريليون دولار يمثل 2.83٪ ولا تزيد التجارة البينية عن ١١%.
هذه احصاءات لا تستفز الغضب فقط بل إنها تكاد تكون الأكثر دهشة!.
دول العالم العربي ال٢٢ تواجه تحديات تجعلها متخلفة عن مواكبة التطورات الاقتصادية, وضعيفة في مواجهة التكتلات, فرغم الإمكانات الهائلة من الأصول والموجودات لم تستطع الحد من الفقر والبطالة.
من أمثلة الضعف أن العالم العربي الذي يمتلك جميع مقومات التعاون، من أراض زراعية خصبة، وأيد عاملة، ورؤوس أموال، لكنها لا تستغل للزراعة كما أن رؤوس الأموال تستثمر في الخارج وبالمقابل فان أكثر من نصف الدول العربية يصنف ضمن الدول الأقل دخلا ونموا وفقا لاحصائيات البنك الدولي, ومن الثغرات ضعف الاهتمام بالكفاءات البشرية والاستثمار في المعرفة ورعاية الابداع في مقابل الطاقات والثروات الضخمة التي تستنزف في استثمارات اما خارجية أو أنها غير منتجة.
العالم العربي مفروز اقتصاديا: بلدان غنية تفتقر إلى قوى بشرية قادرة على إدارة الثروة نحو الإنتاج وأخرى فقيرة تتوفر على قوى بشرية هائلة لكنها معطلة لغياب الامكانات.
على فرض أن ثلثي سكان العالم العربي يشكلون قوة العمل فيها, وهي قادرة على الإنتاج بينما يبلغ معدل البطالة فيها بالمتوسط نحو 20% ما يعني أن الموارد البشرية فيها ما تزال غير مستغلة.
الاقتصاد هو الأهم وهو الذي يقود ويوجه القرارات السياسية، على أساس المصالح الدائمة، من عيوب السياسة العربية أن الاقتصاد يتبع السياسة بدلا من أن يقودها.
إذا كانت المصالح الاقتصادية موجودة في أجندة كل مسؤول، لنحيت السياسة جانبا لأن مصالح الشعوب ستكون فوق كل اعتبار.