«التأميم» يا سلام كنت قد نسيت هذا المصطلح الاقتصادي وكنت أظن أنه شطب من كل الكتب وكل المدارس الاقتصادية بما فيها الاشتراكية حتى أحيته لجنة الطاقة في مجلس النواب، وأن يكون البيان الذي تطالب به بتأميم قطاع الطاقة منسوباً لها ولم يصدر عنها.
هذا كلام شعبوي مشوق يدغدغ عواطف الناس.
لكن لنناقش الفكرة عبر ثلاثة عناوين:-
ما المقصود بالتأميم، شراء الأصول في قطاع الطاقة أم وضع اليد عليها؟
إذا كان المقصود هو الشراء فمن أين للحكومة مليارات الدنانير، وإن كان بوضع اليد فلا أحد يتحدث عن الاستثمار بعد ذلك ولا عن القطاع الخاص.
هل تستطيع الحكومة التي ستؤمم أن تبيع الطاقة بأقل من كلفتها، إذا كان هذا هو هدف التأميم.. ومن أين تغطي الفرق؟
هل هذه هي الطروحات الخلاقة للحلول؟
بالفعل كنا نسينا هذا المبدأ الاقتصادي الذي كان سائداً في خمسينيات القرن الماضي «تأميم الشركات» فهل نشهد من سيدعو لأن تضع الحكومة يدها على نسبة من ودائع الناس لدى البنوك لذات الغاية. لحل مشكلة العجز في الموازنة؟
تستطيع الحكومة بجرة قلم وبأمر دفاع تأميم الشركات المخصخصة، لكن ما هي نتائج مثل هذه الخيارات «الخرفة» على الأمن الاقتصادي وعلى سمعة ومكانة الأردن ومصداقيته؟
القرارات الاستراتيجية لا تؤخذ تحت ضغط حالة راهنة ومؤقتة مثل «القوة القاهرة» كالجائحة.
بالرغم من كل السياسات الاقتصادية التحررية والخصخصة، لم يغادر الاقتصاد الأردني نمطه المتحفظ، فالحكومة تسيطر على قطاعات أساسية، ولا تزال غارقة في الاقتصاد وقراراتها في مواجهة الأزمة بتسخير كل إمكانياتها في هذه المعركة تؤكد هذه الحقيقة، الدولة مسؤولة عن حماية الوظائف للعاملين لديها ولدى القطاع الخاص وهو ما حدث وسيطرتها على القطاعات الحيوية، مياه وتعليم وصحة تكفلت باستمرار هذه الخدمات دون انقطاع، فلم تتعطل أي منها خلافا لأنشطة القطاع الخاص التي شلت بالكامل.
الحكومة شريكة في هذه الشركات إما بحصص أو بعائدات مشاركة ورخص أو بشراكة أو بعائدات الضرائب ولها فيها قوة التأثير بنفوذ الإدارة والحصص والقوانين.
دعوات تأميم الشركات بجرة قلم أو بأمر دفاع أو حتى بشراء الأسهم المباعة بأسعار السوق أو حتى بالأسعار المرجعية، دعوات خاطئة، تفتقر إلى المنهج العلمي، وتفعيل قانون الدفاع لمواجهة كارثة لا يعني التخلي كلياً عن الأصول القانونية ولا تجاهل الحسابات الاقتصادية ولا ضرب السمعة الحسنة التي بنيت.
نعود اليوم إلى ذات الاسطوانة والبعض يستغل الظروف، ونسمع دعوات لا منطق فيها للتأميم أو لوضع اليد على الشركات، في الوقت الذي يجب فيه حماية الاستثمار ودعمه لحماية الوظائف.
كنا أمس شهدنا اطلاق رؤية اقتصادية تمنح القطاع الخاص الدور الأساسي في قيادة النمو.. كنت آمل أن تنطلق دعوات لانسحاب أكبر للحكومة من القطاعات الاقتصادية لصالح القطاع الخاص، وكنت آمل أن تنطلق دعوات تضغط على الحكومة لتحرير ملكياتها التي تتجاوز ٥ مليارات دينار في مختلف الانشطة وإدارتها على أسس اقتصادية وتجارية.
qadmaniisam@yahoo.com