تابعنا في الأيام القليلة الماضية أخباراً مفرحة جداً وتدعو للتفاؤل على الصعيد الاقتصادي والاستثماري كان من أبرزها اعلان الإمارات ومصر والأردن عن مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية، من خلال إطلاق الشراكة الصناعية التكاملية لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في خمسة مجالات صناعية واعدة تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة، والأدوية، والمنسوجات، والمعادن، والبتروكيماويات.
وأجمل ما في الخبر هو تخصيص صندوق استثماري تديره شركة القابضة الاماراتية بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في القطاعات المعلن عنها أعلاه، ولاقى اهتمام ومتابعة السلطات العليا في الدول العربية الثلاث.
هذا ما نحتاجه في مثل هذا الوقت وخصوصا أن الاردن مقبل على اطلاق خطة اقتصادية استراتيجية شاملة عابرة للحكومات، هي عصارة جهد اللجان التي اجتمعت طوال الشهور القليلة الماضية، والتي يعول عليها الجميع في الاردن، للنهوض بالاقتصاد الاردني من الواقع الذي نحن به، الى حالة جديدة من التنمية، مبنية على استغلال كافة الموارد والمصادر والامكانات بصورة عصرية حديثة، تحقق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، تنعكس على معدلات التشغيل وتنمية المحافظات، بصورة تعزز اعتمادنا على الذات والتكامل المبني على التنافسية مع الاقتصادات الاقليمية وا?عالمية.
ومن الجدير بالذكر أن «هذه الشراكة تُجسد رؤية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات الشقيقة، لتعزيز التكامل الصناعي مع الدول العربية وبقية بلدان العالم، من أجل تحقيق نقلة نوعية في القطاع الصناعي ليكون رافعة أساسية للاقتصاد».
ونظرا لأن القطاع الصناعي يعتبر العمود الفقري للاقتصادات، فان بناء قاعدة اقتصادية صلبة بالاستفادة من التكامل الصناعي بين دول المنطقة من الوسائل الاساسية للنهوض باقتصادات الدول المشاركة لتلبية احتياجاتها وسد الثغرات في ما تحتاجه هذه الدول. وستؤدي الشراكة إلى تمكين التنمية الصناعية في الدول الثلاث، وتنويع اقتصاداتها وزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي. كما أن هذه الشراكة تعكس قدرة دول المنطقة على تعزيز علاقاتها وإطلاق مشاريع وصناعات جديدة في إطار منظومة صناعية تكاملية توفر فرصا واعدة للأجيال المقبلة.
وتعتبر هذه الشراكة إحدى أهم الشراكات الاقتصادية العربية التكاملية الحديثة المبنية على مجموعة من الموارد والمزايا التنافسية الفريدة التي تشمل توافر المواد الأولية والخام، مثل موارد الطاقة في الإمارات، والأراضي الزراعية الخصبة في مصر، والمعادن في كل من مصر والأردن. علاوة على وجود بنية تحتية لوجستية متطورة تشمل المطارات والموانئ وممرات النقل الاستراتيجية، مثل قناة السويس وخليج العقبة، إضافة إلى توافر حلول التمويل الذكي.
إن توقيع الشراكة بين الدول الثلاث يؤسس لفرص صناعية كبيرة بين هذه الدول، بما يعزز التكامل، ويحمي سلاسل التوريد، ويؤدي إلى الإحلال، ويعزز التنمية الاقتصادية المستدامة بما ينعكس على أرقام النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل وهو ما تحتاجه اقتصادات وشعوب هذه الدول.
ولا شك أن الأزمات التي مرت بها دول المنطقة والعالم أجمع، وأهمها جائحة كورونا، والأزمة الروسية–الأوكرانية، كشفت عن ضرورة التكامل بين دولنا العربية، بما يسهم في تحقيق مصالح الشعوب، في مصر والإمارات والأردن، وهو ما يمكن أن يصبح نواة قوية لتعاون أشمل بين دولنا العربية كافة.
ان مثل هذه المشروعات ستخلق قيمة مضافة للدول الثلاث، وسيكون لها أثر إيجابي على الأمن القومي، وتعميق الصناعة المحلية، وأنشطة سلاسل الإمداد. لذا فاننا نأمل أن يتم تيسير الإجراءات، وتذليل العقبات أمام هذه الشراكة، ان وجدت، ليتم متابعة تنفيذها، لجني الثمار من ناحية الأمن الغذائي، والأمن الدوائي، و جذب الاستثمار الأجنبي، وتوفير فرص العمل لشبابنا.
لذا سيتم بموجب الشراكة، إنشاء لجنة عليا ثلاثية برئاسة وزراء الصناعة، تتبعها لجنة تنفيذية مكونة من وكلاء (أمناء عامي) الوزارات وممثلي الجهات والقطاعات المعنية. وستعمل اللجنة مع القطاع الخاص على تسريع وتيرة الفرص ذات الجدوى الاقتصادية، وستحدد الجهات المشاركة ومسارات العمل المطلوبة لتحقيق أهداف هذه الشراكات.
