كثر في السنوات الأخيرة تداول مفهوم الدولة المدنية، وببساطة علمية يمكن تعريفها بأنها القائمة على المواطنة الفاعلة، ويسمح فيها بتعدد الأديان، ويسود فيها القانون على الجميع.
يتعاون في الدولة المدنية الجميع للوصول إلى حياة مشتركة آمنة، ويحكم المختصون فيها بوعي بكل ما يتعلق بالإدارة، والسياسية، والاقتصاد.
وتعرف الدولة المدنية بأنها تلك الدولة التي تقوم على أساس مفاهيم الحرية والديموقراطية والسلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث انها تضمن حقوق جميع المواطنين.
ومن أهم مبادئ الدولة المدنية أن لا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر. فالدولة المدنية هي التي تطبق القانون وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم.
وقد تناول الملك عبد الله الثاني في الورقة النقاشية السادسة سيادة القانون كمبدأ مهم في الدولة المدنية،"إن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون».
فالقانون هو أساس الإدارة الناجحة التي تعتمد العدالة والمساواة والشفافية وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها.
بالنتيجة هناك مجموعة من القيم، تشكل نهج الدولة المدنية، ترتكز على مبدأ الاتفاق والتشارك، ووجود حد أدنى من القواعد يتم اعتبارها خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها.
ومن أهم الممارسات التي تميز الدولة المدنية؛ المواطنة الفاعلة، التي اعتبرها القائد الملك عبدالله الثاني في الورقة النقاشية الرابعة أهم مصادر منعة الأردن ووحدته الداخلية.
فقد شدد الملك في الورقة النقاشية الرابعة على ضرورة المضي قدماً «نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة» بما يضمن لكل مواطن الحق في المشاركة في الحياة السياسية وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار.
إن عملية التطوير والإصلاح السياسي، في الأردن هو الحديث القديم الجديد، فقد تضمن خلاصة عمل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، أنظمة قوانين حديثة لقانون الانتخاب وقوانين تشكيل الأحزاب، تحتوي على طروحات جديدة تنتظر التطبيق العملي، وتهدف نحو تطوير الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية من خلال تعزيز المشاركة والتمثيل السياسي للمواطنين والقوى الوطنية المؤثرة. من أجل الإسرع في عملية الوصول للحكومات البرلمانية.
لقد اخترت أن أقدم هذا الطرح من باب إيمان عميق بضرورة، الإضاءة على مفهوم الدولة المدنية، الذي حمل أحياناً ما لا ضرورة للخوض به، فكل مفهوم أو نظرية سياسية يمكن تكيفها وصياغتها وفق ما يناسب المجتمع المطبقة به.
والعمل مستمر لتعزيز ثقافة الاندماج في القيم المذكورة، مع تسليط الضوء على الثقافة والتراث والتقاليد المشتركة في المجتمع، بالإضافة إلى الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية،مع القبول والالتزام بمبادئ الدستور.
إن تعزيز القيم المذكورة سابقاً، هو ما يضمن تحقيق التنمية المستدامة وتمكين الشباب المبدع، ويساعد على تنفيذ الخطط التنموية، ويشكل خطوة ضرورية تضمن تطوير الأداء في الإدارة العامة في الدولة، ويضمن تعزيز مبدأ سيادة القانون.
إن الثقافة المنبثقة من القيم الإنسانية والوطنية لعبت- ولا تزال تلعب- دوراً أساسياً في تعريف المجتمع المدني، وطريقة طرح أسلوب الحياة للدولة المدنية.
وهذا ما تسعى له الدولة الأردنية، فحين يتم طرح فكرة ترسيخ مفهوم الدولة المدنية، يقصد بها دولة وطنية ديمقراطية تقوم على مرجعية من القيم والأخلاق، وتستند على مبدأ سيادة القانون.
حمى الله الأردن أرضاً وقيادة وشعباً
a.altaher@aut@edu.jo