تابعت أمس برنامجاً عن أسرار معركة القدس الأخيرة..
ظهر في البرنامج, بعض المقاتلين من «حماس» ومن «الجهاد» ربما, وشاهدنا بطاريات الصواريخ... والتكتيكات العسكرية التي اتبعت, ومجموعات من القناصين..
وشاهدت شوارع غزة, والأنفاق التي أسفلها.. والبنادق, ووجوه الناس... لاحظوا في (اوكرانيا) حين يظهرون مشهد الحرب, أول ما يفعله الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي, هو إظهار صورة لسيدة من أوكرانيا, هاربة من الحرب وتحمل أطفالها وتبكي وتتهم الروس بأنهم قتلوا الشيوخ والعجائز والأطفال.. وحين تدقق في المشهد تعرف أنها كاذبة, وأن المشهد كله مجرد (بروبجندا)..
بالمقابل في غزة لم تظهر امرأة واحدة, وتنوح وتصرخ بأن إسرائيل قتلت أطفالها.. مع أن هذا حدث فعلاً, كل من ظهروا في البرنامج... هم من فئة المقاتلين, ومن المخططين العسكريين.. حتى في الضفة, حين تظهر المرأة الفلسطينية, تظهر دائما في صورة الصبر والقوة والتحدي وأحياناً تظهر وهي تطلق الزغاريد في وداع ابنها الشهيد..
الأم في فلسطين هي سر كل هذا الصمود, فقد أكدت لنا الأحداث... أن الأسيرة التي تلد طفلتها في السجن هي امرأة, ولكنها تختلف كثيرا عن المرأة المهووسة بقضايا الجندر, ومناسبات الفنادق الفاخرة.. أكدت لنا الأحداث أن المرأة في غزة مختلفة تماما عن المرأة في أي مكان اخر.. هناك لايوجد منظمات (للأن جي أوز).. لا يوجد محلات لبيع (الميك أب) الفاخر, ولا يوجد فرع لمجوهرات (غوتشي)... لا يوجد أيضا ماركات (هارودز).. ومع ذلك تلد النساء الكثير من المقاتلين الذين ينصب همهم على الشهادة, بالمقابل في عالمنا العربي.. حين يولد (حمودة) تنفق عليه العائلة عشرات الألوف كي يصل «التوجيهي', وقد يحصل على (55%) بعد المحاولة الرابعة, ويتخصص في التجارة, ويمضي (9) سنوات حتى تمل منه الجامعة وتقوم بتخريجه.
الذين يقاتلون اليوم في فلسطين أغلبهم ولد بعد (أوسلو), عمر أبو ليلى مثلا ولد في مظلة «السلطة» وفي زمن أوسلو, لكن سره لا يكمن في الظرف الذي عاشه, بل يكمن في الجرعة الأولى من الحليب التي تلقاها, يكمن في التربية, في الأم التي غرست في قلبه مبدأ عروبة فلسطين.. وحب البندقية, وشرف الجهاد..
النساء في فلسطين, مثل الزيتون هناك.. أو كأنهن خلقن من زيت الشجر المبارك, لم أشاهد للان مؤتمرا في غزة أو جنين أو طولكرم عن تمكين المرأة, لم أشاهد للان.. سيدة من فلسطين وفي مناسبة وطنية ترتدي قميصا من (مسيمو دوتي), كلهن يقمن بالإصرار على ارتداء الثوب الفلسطيني... والإصرار أكثر على ارتداء نقشة نابلس أو القدس أو الخليل... لم أشاهد للان بنكا لتمكين المرأة يطلق حملة قروض لمساعدتها على إنشاء استثمارها الخاص, ولكني شاهدت بنوكا هناك تبنى على أرصدة من التقوى والصلاح... ويصرف فيها الدمع والدم معا لأجل فلسطين.
على رجال العالم أن يتعلموا من صبر الفلسطينيات, أنا أؤمن أن الطفل الفلسطيني.. وهو في الرحم يتعلم التسديد وقذف الحجارة, وأؤمن... أنه يأتي للحياة مقاتلاً حاملاً قضيته معه, ومن قال إنهم يقومون بقطع الحبل السري لايعرف تفاصيل الولادة هناك.. هم ينقلونه من جسد الأم ويصلونه بالأرض.. التي تصبح بعد الولادة أمه الجديدة..
في الإجتماعات القادمة لأي محفل عربي, أرسلوا نساء فلسطين... فقد تبين أن الظفيرة في غزة أو جنين أو القدس, هي أكبر من كل الشوارب.
Abdelhadi18@yahoo.com