كتاب

ما بين الظاهر والباطن للمستجدات السياسية

الأرضية الطبيعية للمستجدات السياسية دائما ما تكون نتيجة طبيعية للاختزال الاعلامي والخاص للتراكمات الكمية والتي ستصل الى مراحلها القصوى فتنفجر على شكل مستجد سياسي.. يتساءل البعض أنه لم يكن يتوقع أن يحدث ذلك الحدث السياسي والسبب الحقيقي وراء ذلك هو ذلك الاختزال الذي هو سمة الدبلوماسية الدولية ومؤشر حقيقي حول العلاقات الخارجية بين الدول وهو الذي يجعل الوضع السياسي مبهما مشوها لا يخضع لتشخيص مباشر وحقيقي لدور ذلك الطرف السياسي ومدى تاثيره، وفي المقابل دور السياسي الآخر ومدى تأثيره ضمن إطار الغموض السياسي والدب?وماسي القائم على فن الممكن..

إذن فأي تحول سياسي مفاجئ أو صادم لا يمكنه أن يخرج عن قاعدة التراكمات الكمية المختزله ويحوله إلى حدث بمستوى دولي يلعب دورا اساسيا في إعادة تنظيم العلاقات بين الدول ضمن إطار التحولات الحقيقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية إضافة إلى الصحية، وذلك يجعل من تلك الأزمات مفصلا حقيقيا لإعادة صياغة المصالح والتحالفات الدولية، وذلك لا يمكن أن يكون إلا من خلال مقدمة دموية وهذا ما تعلمناه من تاريخ البشرية والممتد إلى يومنا.

من هذه الزاوية ننظر إلى سلبية وإيجابية في الأحداث السياسية المعاصرة فالحرب في أوروبا هي التجلي السلبي لمختزلات التراكم السياسي وتناقض المصالح والنفوذ للدول العظمى.

أما في الجانب الإيجابي فإن الحدث اليمني هو الحدث الأبرز في هذه المرحلة عندما تم تشكيل مجلس رئاسي يمني جديد في سياق الهدنة بمناسبة الشهر الفضيل بين الحوثيين والتحالف العربي، وهي خطوة متقدمة ومباركة كونها تبعث برسالة أن المجلس الرئاسي جاهز لطرح الأزمة اليمينة بكل أبعادها على طاولة الحوار، وهو حدث لم يأتي صدفة إنما جاء ايضا من خلال المختزلات السياسية الإيجابية والتي لعب الأردن فيها دورا محوريا وحقيقيا وذلك امتداد لدوره التاريخي عندما استضاف ممثلي اليمن الجنوبي والشمالي في مرحلة تاريخية يعرفها الجميع.

وضعت في سياق هذه المقالة مثالا يكمن في الحرب في أوروبا، وحرب المصالح وانعكاساتها على تنازلات كان لا يمكن أن تحلم بها أي دولة من دول العالم الثالث او النامية فهذه الحرب سرعت في حلحلة ازمة النووي الايراني وبداية حلحله للقضية اليمينة وتعاون وتواصل شبه شكلي بين الولايات المتحدة الامريكية وفنزويلا.. الخ.

من جانب آخر وهذا الأخطر بدات تؤسس إلى صراع دولي حقيقي عندما اتجهت في تحريك الملف الباكستاني والملف السيريلانكي للضغط على الهند وباكستان من أجل دعم الحرب من وجهة النظر الأميركية، وبرزت هناك تهديدات مباشرة وغير مباشرة في الصين اقتصاديا واجتماعيا، والأهم عسكريا وهو الملف التايواني والذي يعتبر بالنسبة للصين خط أحمر غليظ في إعادة الجزيرة إلى حضن الام جمهورية الصين الشعبية.

وفي المرحلة القادمة ستبدأ بالضغط بشكل ثقيل جدا على وطننا العربي ككل..

انطلاقا من ذلك الواقع لا يمكننا إلا أن نتساءل عن حل حقيقي ناظم للعلاقات الدولية بعد هذه الأزمات والقائم على المنطلقات الفكرية والفلسفية التي طرحها جلالة الملك خلال ازمة كورونا وهي أن كل تلك الأزمات وتلك التناقضات يمكن أن تنتهي عندما يكون أنسنة السلوك السياسي للدول محورا حقيقيا لعلاقاتها الدولية وهو ما استشرفه جلالة الملك اثناء الحراك السياسي للدول في أزمة كورونا.

إذن أنسنة السلوك السياسي والوئام بين الدول التي لا ينفك جلالة الملك عن طرحها في كل المحافل الدولية، وذلك جاء تجسيدا حقيقيا لقدرته الاستشرافية على قراءة الحدث قبل حدوثه وهذا واضح تماما في مسيرته وقدرته على استشراف التناقضات وصولا الى النتائج الدموية التي تضرب كل العالم فنحن واياك يا جلالة الملك ننتظر أن ينضج العالم السياسي ويتجلى في سلوكه السياسي ببعده الإنساني الأوحد.