كتاب

الاستراتيجية الملكية للتمكين الديمقراطي.. خط أحمر

ما يشهده وطننا الحبيب من حراك ديمقراطي تجلى على مدار السنوات الماضية من خلال الاستراتيجية الملكية للتحول والتحديث السياسي ضمن إطاره الشمولي، وهو مشروع الإصلاح الشامل والذي جاء مباشرة بعد تولي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المفدى ضمن إطار تدرج مستهدف توسيع دائرة المشاركة الشعبية في الإطار الخدمي والسياسي..

شهدنا إجراء انتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس أمانة في موعدها الدستوري ارتكازاً على التعديلات التي اقرت من قبل مجلس النواب كنتيجة طبيعية لمخرجات اللجنة الملكية للتحديث السياسي وهو احد القوانين الخاصة بالخدمات المباشرة المعاشية واليومية للمواطن الاردني هذا العرس الديمقراطي الحقيقي وحجم المشاركة والحراك الشعبي والنخبوي عكس صورة توحي دون أي تحفظ بأن المسؤولية المجتمعية للشعب الأردني هي ترقى الى مستوى النموذج الذي يجب أن يحتذى، ذلك أن الاستجابة الشعبية للمشاركة في الانتخابات كانت تعبيراً حقيقياً عن انسجام متكامل بين الشعب والمجتمع المدني ومؤسساته والحكومة والمؤسسات الرسمية والتوجهات الملكية لترسيخ مفهوم الديمقراطية والمشاركة لترجمة التمكين الديمقراطي على أرض الواقع رغم المعيقات الموضوعية الصحية والاقتصادية، بالإضافة إلى التشكيك الدائم في أن الوعي الاردني غير قادر على استيعاب التحولات السياسية والاصلاحية والتي بدأت منذ عقدين ولم تبدأ منذ عام أو أكثر كما يدعي البعض، ذلك أنها تجلي لعمل بدأ من الأوراق النقاشية لجلالة الملك ومقالاته ورسائله المساندة والعاقدة العزم على ألا تتراجع أي خطوة الى الوراء، وأن استراتيجية التمكين الديمقراطي هي خط أحمر.

إذن منذ الانتخابات النيابية واللجنة الملكية للتحديث السياسي وصولاً إلى تحديث قانون الاحزاب والانتخابات كل ذلك يؤكد أن هذا النهج لا يمكن التراجع عنه مطلقاً.

من هنا جاءت الدعوة إلى ورشات عمل مشابهة في أهدافها للجنة الملكية للتحديث السياسي وهو ما يحدث الآن على صعيد الورشة الاقتصادية بين القطاعين العام والخاص وأكاديميين واقتصاديين للخروج بخارطة طريق اقتصادية تكون مرجعية وعابرة للحكومات، وذلك من أجل مراكمة الإنجازات واستدامتها بغض النظر عن السلطة التنفيذية وبذلك يستديم بسلاسة ودون اجتهادات فردية خاصة لتحسين الوضع الاقتصادي الى خطة عمل وطنية شاملة لكل القوى المؤثرة في صناعة القرارات التنموية والاقتصادية ضمن اطار حلول تنطلق من تشخيص حقيقي للمشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الاردني ووضع حلول واقعية تأخذ بعين الاعتبار مستوى نمو وتطور الموارد البشرية والإبداعية التي يتمتع بها شبابنا الأردني، مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع الجيوسياسي للأردن القادر على التكيف مع كل المستجدات تحت يافطة اغتنام الفرص من الأزمات كما يجسدها جلالة الملك من خلال رؤيته التفاؤلية.

وفي ذات السياق أيضاً تأتي ورشة عمل تخص الشباب ومشكلاتهم وآليات استخراج ابداعاتهم ورفع مستوى مساهمتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والأهم من كل ذلك السياسية وهي ورشة افتتحها ولي العهد الحسين ابن عبدالله وخلالها ركز على ان العامل الحاسم في تطور المجتمعات يرتكز أصلاً على محركاته الجبارة الكامنة في الشباب وأنهم الفئة الأكثر واقعية، والأكثر استعداداً للتضحية من أجل رفعة هذا الوطن وخاصة إذا انخرطت في العمل السياسي من خلال الأحزاب السياسية التي هي المستقبل الواقعي للنهضة التنموية والاجتماعية.

من هنا يجب استخلاص العبرة من خلال تشخيص دقيق أيضاً لنتائج الانتخابات، وتسليط الضوء أكثر على الدور الحاسم للهيئة المستقلة للانتخابات والأجهزة الامنية والمسؤولية المجتمعية المتطورة والتي عكستها الانتخابات ومجرياتها ونتائجها..