كتاب

تهمة تزوير الانتخابات.. شماعة للخاسرين!

لا انتخابات في العالم يفوز فيها الجميع على الإطلاق، فهناك دائما من يربحها ويخسرها والجميع يحتكم للديمقراطية باستثناء انتخاباتنا فمن يفوز فيها فهو مدعوم ومفروز، ومن لا يحالفه الحظ يبدأ بكيل الاتهامات باتجاه الحكومات والجهات الرسمية المختلفة متهمها بالتزوير واللعب في الأوراق والصناديق.

الاتهام دائما ما يكون حجة واهية للذين يخسرون في الانتخابات وبمختلف أشكالها، سواء كانت نيابية أو بلدية أو حزبية أو نقابية حتى في انتخابات الغرف المدرسية، مبررة بمواقف يسندها الخاسر لنفسه وعادة ما تكون ضد الدولة أو بشعبويات يسلكها عبر صفحات التواصل الاجتماعي التي يملكها، ويجعلها شماعة يعلق عليها فشله في اقناع الناخبين في اختياره أو حالة الوهم المفرط بأن الناخبين يريدونه وسيصوتون له، فيندفع باتجاه عدم تصديق حقيقة الصندوق والديمقراطية والاحتكام اليها.

في المملكة أكاد أجزم اننا قطعنا شوطا كبير في ضمان نزاهة الانتخابات وتحصينها من أي محاولات وأدوات تؤثر على سير المعركة الانتخابية والعملية الديمقراطية، من خلال انشاء هيئة مستقلة للانتخابات تشرف على كل كبيرة وصغيرة وتعتمد كل وسائل الشفافية التي تتم خلال عملية سير الانتخاب وصولا إلى الفرز أمام المرشحين أنفسهم والمندوبين عنهم، مع ضمان حق الاعتراض والطعن على النتائج أمام القضاء الذي هو الفيصل والحاسم للجدل حول اي تشكيك، بالإضافة إلى تواجد العديد من الجهات الرقابية المحلية والدولية.

اليوم، ما زلنا مستمرين في عمليات التحديث السياسي الهادفة إلى زيادة نسب المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية وغيرها من خلال تفعيل دور الأحزاب ومشاركتها فيها ضمن شعارات برامجية وكذلك زيادة مشاركة ممثلي الفئات والشرائح المجتمعية، بالإضافة الى وضع تعديلات جوهرية على قانون الانتخاب وبصورة تضمن التمثيل الكامل لمختلف المناطق، قاطعين شوطا مهما في عملية الاصلاحات السياسية المطلوبة شعبيا، غير أنه ما زال هناك قوى شد عكسي تعمل على التصدي لهذه الاصلاحات بالتشكيك في العمليات الانتخابية واصدار الاشاعات وأكاذيب حولها.

والسؤال هنا كيف لجهة أو حكومة مهما كانت قوتها أن تسيطر على انجاح عدد محدد من بين آلاف المرشحين، وإلحاق الخسارة في كل من ترشح وهم بأعداد تفوق أعداد الناجحين بعشرين مرة على أقل تقدير؟، ولماذا كل من لم يحالفه الحظ دائما ما يتحدث بأن التزوير هو السبب في عدم نجاحهم في الانتخابات؟

في النهاية، توجيه الاتهام بتزوير أي انتخابات لن ينتهي وخاصة إذا ما كانت تستخدم «لحفظ ماء الوجه» من قبل من يخسرونها سواء كانوا أفراداً أو أحزاباً لتبرير الهزيمة أمام مؤيديهم وأسرهم واصدقائهم ومحيطهم الذين يعيشون فيه، غير أن هذه الظاهرة أصبحت تنعكس على ثقة الناخبين ومشاركتهم المستقبلية في الانتخابات وهذا ما سيساهم في ابطاء اصلاحاتنا..