كتاب

هل سيرفع البنك المركزي أسعار الفائدة؟

أعلن رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، السيد جي باول، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي مستعد لمواجهة التضخم عن طريق زيادة أسعار الفائدة في شهر آذار/مارس المقبل، في ظل أن الاقتصاد الاميركي قوي وسوق العمل قريب من حالة التوظيف الكامل وقد حان الوقت لمعالجة التضخم الذي وصلت نسبته الى 7 بالمائة وطالت شريحة واسعة من السلع والخدمات.

وبين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ملتزم بشدة لتحقيق أهداف السياسة النقدية المعلنة في قانونه وهي توفير الحد الأقصى من فرص العمل وثبات الأسعار. وعادة يستخدم بنك الاحتياطي الفيدرالي أداة سعر الفائدة للاستجابة لأوضاع أهم المؤشرات الاقتصادية المتمثلة بمعدلات البطالة ومستويات الاسعار المستهدفة. وكانت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ودعماً لهذه الأهداف، قد حافظت على سياستها طوال السنوات الماضية، حيث أن أسعار الفائدة الان تقترب من الصفر ويتوقع زيادتها في الاجتماع المقبل للجنة بتاريخ 16 آذار /مارس المقبل. كما وافقت اللجنة على مواصلة تخفيض مشترياتها الصافية من السندات في الجدول الزمني الذي أعلن في كانون الأول (ديسمبر)، وستنهي مشترياتها في أوائل شهر آذار (مارس).

توسع النشاط الاقتصادي بوتيرة قوية خلال العام الماضي 2021، عكس التقدم المحرز في التطعيمات وإعادة فتح الاقتصاد، وعكس ايضا الدعم المقدم من السياستين المالية والنقدية.

في الواقع، لقد أظهر الاقتصاد الاميركي قوة كبيرة ومرونة كبيرة في مواجهة الجائحة المستمرة. الارتفاع الحاد الأخير في حالات كوفيد المرتبطة مع متغير أوميكرون سيؤثر بالتأكيد على النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة في الربع الأول 2022. من الواضح أن بنك الاحتياط الفيدرالي أعطى المتغيرات الاقتصادية المحلية الوزن الاكبر في اعلانه عن نيته رفع أسعار الفائدة في شهر آذار المقبل. قوة أداء الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التشغيل ووصول الاقتصاد الى حالة قريبة من التشغيل الكامل (معدل البطالة الان 3.9 بالمائة) وارتفاع معدلات التضخم (7%)، يعطي بنك الاحتياط الفيدرالي دافعاً كبيراً لرفع أسعار الفائدة بنسبة تتراوح ما بين 25 و50 نقطة مئوية في شهر آذار المقبل، بهدف رئيسي هو مكافحة التضخم المرتفع عن معدلاته المستهدفة.

ونظرا للعلاقة القوية التي تربط السياسة النقدية الاردنية بالسياسة النقدية الأميركية نتيجة لربط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار الأميركي منذ عام 1995، فهل سيتبع البنك المركزي الاردني قرار بنك الاحتياط الفيدرالي ويرفع أسعار فائدة أدواته النقدية الرئيسية؟

ومن المعلوم أن أهم مهام البنك المركزي الأردني كما تظهرها المادة 4 من قانونه هي الحفاظ على الاستقرار النقدي في المملكة والمساهمة في تشجيع النمو الاقتصادي المطرد. ويقصد بالاستقرار النقدي؛ استقرار المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، واستقرار سعر صرف الدينار الأردني، حيث يعتبر نظام سعر الصرف الثابت مع الدولار الأميركي الركيزة الأساسية للسياسة النقدية. وعادة يأخذ البنك المركزي بعين الاعتبار معدلات التضخم ومستويات البطالة ومعدلات النمو الاقتصادي، عند اتخاذه قرار تسهيل (تخفيض أسعار الفائدة) أو تشديد (رفع أسعار الفائدة) سياسته النقدية.

أول هذه المؤشرات هو معدل التضخم، والذي لم تتجاوز مستوياته 1.35 بالمائة عام 2021، وهي مستويات منخفضة لا تستدعي القلق وخصوصا أن قرارت الحكومة تخفيض التعرفة الجمركية على شريحة واسعة من السلع المستوردة ستأتي أوكلها في الاسابيع والاشهر المقبلة، ونظرا لأن معدل التضخم الاساسي core inflation لن يتجاوز مستويات 1 – 1.5 بالمائة للعام 2022 كاملا، بعد أن يتم استثناء أسعار المواد الغذائية وأسعار المشتقات النفطية من متوسطات تضخم أسعار السلع والخدمات في سلة الاستهلاك.

بالمقابل، فان معدلات البطالة مرتفعة جداً ووصلت الى 23.2 بالمائة في الربع الثالث من عام 2021 كما أن معدلات النمو الاقتصادي متباطئة منذ أكثر من عقد من الزمان وتدور حول 2 بالمائة. علاوة على ذلك، فان هامش سعر الفائدة ما بين الأدوات النقدية بالدينار ومثيلاتها بالدولار يصل الى حوالي 2.5 بالمائة حالياً، وهي المعدلات المستهدفة بالعادة من قبل البنك المركزي الأردني. كل هذه المعطيات لا تستدعي قيام البنك المركزي الاردني برفع أسعار الفائدة في شهر آذار المقبل وخصوصا اذا لم تتجاوز نسبة رفع سعرفائدة الفيدرالي مستوى 50 نقطة مئوية. ومع ذلك فلا بد من استمرار متابعة تطور الاوضاع الاقتصادية المحلية والاقليمية والعالمية واتخاذ الاجراءات المناسبة تبعا لها.