يمتلك البنك المركزي الأردني احتياطيات أجنبية من العملات والأوراق المالية الاجنبية والذهب بلغت قرابة 17 مليار دولار في نهاية شهر تشرين الثاني 2021، وتكفي هذه الاحتياطيات لتغطية مستوردات المملكة لنحو 9 أشهر، وتعد هذه المستويات غير مسبوقة والأعلى في تاريخ المملكة، علما أن النسب العالمية تتطلب تغطية 3 أشهر من المستوردات.
وكما تشير البيانات المتوافرة تتوزع الاحتياطيات الاجنبية للبنك المركزي، كما في نهاية شهر تشرين الثاني 2021، بين الذهب (19.2%) والسندات والاذونات الحكومية الاميركية (21.2%) وهي ديون سيادية عالية التصنيف، والنقد والودائع بالعملات الاجنبية (51.1%)، وديون على الخارج تنفيذا لاتفاقيات الدفع (5.5%)، ومساهمة في المؤسسات الدولية (2.9%)، وحقوق السحب الخاصة (0.1%).
ويعتبر هذا التنويع مقبولاً ومناسباً لدى مقارنته بهيكل الاحتياطيات في العديد من الدول المتقدمة والنامية. وكان قد حصل تحول في هيكل محفظة البنك المركزي من الاحتياطيات الاجنبية في السنوات الاخيرة بتقليص حصة الأذونات والسندات لصالح النقد والودائع والذهب.
وتنص المادة (4) من قانون البنك المركزي على ان اهداف البنك المركزي هي الحفاظ على الاستقرار النقدي في المملكة وضمان قابلية تحويل الدينار الاردني ومن ثم تشجيع النمو الاقتصادي المطرد في المملكة وفق السياسة الاقتصادية العامة للحكومة. ويقوم البنك المركزي بتحقيق هذه الاهداف بعدد من الوسائل ومنها الاحتفاظ باحتياطي من الذهب والعملات الاجنبية وادارته.
وقد وصلت الاحتياطيات من الذهب في شهر تشرين الثاني 2021 الى 2,105,151 أونصة، وهذا ما يعادل 2.7 مليار دينار، أو 3.8 مليار دولار أميركي.
ومن أبرز مبررات الاحتفاظ بالذهب كأحد مكونات الاحتياطيات الاجنبية للبنوك المركزية هو أن الذهب هو الأصل الاحتياطي الوحيد الذي لا يحمل أي مخاطر سياسية أو ائتمانية، ولا يمكن للمطابع أو لتدابير السياسة النقدية غير العادية التقليل من قيمته. علاوة على ذلك، فان أسعار الفائدة السلبية والمخاوف بشأن التوقعات بالنسبة للدولار الأميركي قد تكون مسؤولة أيضًا عن بعض الطلب على الذهب من البنوك المركزية.
ومن المعلوم أنه لا يوجد معيار دولي يحدد مستوى الذهب نسبة لاجمالي الاحتياطيات الاجنبية للبنوك المركزية، ولكن وبحسب معايير الإبلاغ الخاصة بصندوق النقد الدولي يجب الاحتفاظ بالاحتياطيات الدولية بعملات قابلة للتحويل أو بالذهب، وذلك حتى يمكن الدول أن استخدامها بسهولة في أوقات الأزمات.
ويعتبر الذهب بشكل عام من الأصول الاستراتيجية التي يمكن استخدامها على المدى القصير لإدارة السيولة وكمخزن للقيمة على المدى البعيد.
وما تركز عليه المعايير الدولية هو أن يكون اجمالي الاحتياطيات الاجنبية كافياً لتغطية 3 أشهر المستوردات كحد أدنى، أو لتغطية اجمالي الدين الخارجي قصير الأمد (أن يغطي 100% من الدين الخارجي قصير الاجل أي الذي يستحق خلال سنة). كما أن نص المادة (4) من قانون البنك المركزي بين ضرورة الاحتفاظ باحتياطي المملكة من الذهب والعملات الاجنبية وادارته، ولم يحدد مستويات دنيا أو عليا أو نسباً مئوية للذهب من اجمالي الاحتياطيات الاجنبية وما يمكن الاحتفاظ به من ذهب.
ولدى مقارنة وضع الاردن مع غيره من الدول النامية والمتقدمة، يلاحظ أن حصة الذهب (كقيمة) من اجمالي الاحتياطيات الاجنبية في الدول المتقدمة لم تتجاوز 20% الا في السنوات التي تلت الازمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008. أما في الاقتصادات الناشئة والدول النامية، فلم تتجاوز حصة الذهب في اجمالي الاحتياطيات الاجنبية للبنوك المركزية 5% في أحسن الأحوال منذ مطلع القرن الحالي 2000.
لذلك، يمكن القول إن نسبة الذهب الى اجمالي الاحتياطيات الاجنبية في الاردن قريبة من مستوياتها في الدول المتقدمة، ولكنها أعلى بكثير من متوسطاتها في الدول الناشئة والنامية، وهذا يعطي البنك المركزي الأردني هامشا مريحا للتحرك ما بين السندات والاذونات الحكومية الاميركية والنقد والودائع بالعملات الاجنبية من جهة، وبين الذهب من جهة ثانية. ويعتبر مستوى حصة الذهب في اجمالي الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي الاردني مناسباً ويلعب دوراً توازنياً في معادلة الاحتياطيات الأجنبية. ونظرا لوجود علاقة عكسية ما بين الذهب وال?ولار الأميركي، وهو أصل احتياطي رئيسي آخر، فان هذه العلاقة العكسية تعتبر عنصراً إضافياً لجاذبيته. فعندما تنخفض قيمة الدولار، ترتفع قيمة الذهب عادة، مما يمكّن البنك المركزي من حماية احتياطياته في أوقات تقلبات السوق.