أخر الاسبوع

كثيرة هي الأسئلة!؟.. وكثيرة هي الإجابات!؟.. وكثيرة هي الحقائق المغيبة!؟

أنت هنا عزيزي القارئ ستذهب معي في هذا الكتاب إلى علم آخر لم تألفه في قراءتك، لكننا هنا سنكشف سويًا آفاق ومعطيات هذا العلم، إنه علم العمران، نعم.. علم العمران، ستقول لي إن ابن خلدون سبق وكتب فيه «المقدمة» هذا الكتاب الشهير الذي شغل الكثيرين، لكني أقول لك إن ابن خلدون كتب في علم العمران جانبًا منه، لكنه لم يكتب هذا العلم مفردًا له ومعرفًا به باستفاضة، إذ أن ابن خادون حار في أمره الكثيرين وأمر مقدمته، فمن قال إنها فلسفة التاريخ وذهب آخرون أنها مؤسسة لعلم الاجتماع وآخرين أن بها بذور الاقتصاد السياسي لنرى البعض يقول إن بها لمحة عن الأديان، بل نرى من يذكر أن ما جاء به في اللسانيات يتطابق مع الجديد في هذا العلم، فما هي إنذ مقدمة ابن خلدون؟

إن ابن خلدون كان متجاوز لعصره، إذ أنه مؤسس الدراسات البينية الإنسانية، وبالتالي جاء كل ما سبق داخل المقدمة بما فيها تعرضه لعلم العمران من منظور محدود هو الاجتماع الإنساني، وهذه عبقريته إدراكه مع نضج العلوم في عصره أن هناك شئ ما يجمع هذه العلوم وحين يجتمع أكثر من علم فيتلاقى أو يتلاقوا فينتج لنا نتائج جديدة تقود إلى تقدم علمي.

هذا ليس موضوعي في كتابنا، إذ أنني سأقدم وجهة النظر هذه في بحث مستقل، إذ أن كثيرًا ما شغل ابن خلدون الناس والباحثين فلما يتم تجاوزه إلى ما بعده.

موضوعنا إذن هو علم العمران وهو علم الحياة الدنيا في الحضارة الإسلامية، فالله سبحانه وتعالى سخر للإنسان الأرض وما عليها لعمارة الأرض، وهيأ الله سبحانه وتعالى الأرض بكل متطلبات هذه الحياة: «وبارك فيها وقدر فيها أقواتها» سورة فصلت آية 10، «وجعلنا لكم فيها معايش» سورة الأعراف آية 10.

إن علم العمران هنا مفارق لنماذج الدراسات الإسلامية التقليدية، نشأ في هذه الحضارة منذ القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي، نشأ بالممارسة وسطرته أقلام في بطون الكتب التراثية، فاستخرجنا ما في بطون هذه الكتب ليكون عونًا لبناء هذا العلم، فأساسات هذا العلمراسخة لكنها مغطاة فلم تراها البصائر، ثم قمنا برفع الجدران على هذه الأساسات فصدر لنا هذا العلم تعريفًا، وأسسًا واضحة، وفلسفة وأطرًا يعمل من خلالها، لنذهب إلى مجالات وفضاءات ممارسة هذا العلم، هذا الكتاب هو مقدمة لكتاب آخر صدر لي العام 2012م وفاز بجائزة أفضل كتاب في الوطن العربي العام 2014م، هو «فقه العمران» حيث رأينا فيه جانبًا من تطبيقات علم العمران، لم يأت هذا كله من فراغ، فقد أتاحت لي عزلة فرضت علي، فرصة للتفكير والمراجعة، فقمت بهضم ما قرأته عبر سنوات طويلة، ومناقشة الآخرين، فشعرت بضآلة ما لدي وحاولت الاستزادة من العلم قدر طاقتي آنذاك، فكان لهضم هذا في المعدة أثر في تدفق الدم إلى خلايا التفكير في العقل، فكان العقل متعبًا، ورأى أن يستريح شيئًا ما بكتابة ما بين يديك عزيزي القارئ، ليترك الحكم لك، لكن لن يكون الإنسان في قناعة بما ذهب إليه، إذ أن البحث ما زال مستمرًا والعقل ما زال يرهق صاحبه ويؤنبه بأنه لم يصل بعد إلى غايته المقنعة، فلعل هذا بعض من كل، ويظل العلم كتابًا مفتوحًا يضيف إليه كل قادم بفكر جديد مختلف أو ناقص لما سبقه، فما نحن إلا مجتهدين.