1 - ليس بعيدا عن الممر.
نمت، تعبت من طين الخندق، جنودي ينصهرون في أتون الحلم.
يتقافزون، في الصحو يتذكرون كيف عليهم الغناء على ممر القلب.
وجدت خضرة المحمد، ثلاث برقيات، حصارنا صعب، دعواتك يا أمي.
الصوم سلاحها، نذرت ان تهب الطعام للمجهود الحربي، لسعتها مرارة تلك الكلمات:عدّى النهار والمغربية جايّة.
.. تتخفّى ورا ظهر الشجر.
و عشان نتوه فى السكة. شالِت من ليالينا القمر.
و بلدنا ع الترعة بتغسل شعرها. جانا نهار مقدرش يدفع مهرها.
سافرت تلتقط دم ابن خالي، وتاهت في مرايا عينيه، رأت خصلة من شعره الذي تمرغ على الممر، شمت كتل الغبار، شقت ثوبها وغابت في الصمت.
2 - تفاصيل العهدة.
شرحوا له انه هارب من الحرب، أشار لهم بأنه أخرس، أصم، تايه.
وجد في نهاية الممرات الخيرية، على الحد بين السماء، وطريق القدس القديمة من الشرق. تغير حلمه، ملابسه تئن من تجلط الدماء، بسطار اسود مشبع بالطين والدم والأعشاب.
حول رقبته، أثر من حمالة قارمة الاسم، تلقى صليات من رشاش صهيوني، من قارب وسط النهر.
هشمته الصخور، زحف نحو كهف البومة التي بدأ معها اول النهار، عندما تضاحك الجنود من خوفها على فراخها.
سجل وكيل العهدة، نواقص عهدة الجندي محمد البكري العقراوي، رصاص كثير،حربة المقاتل.. أشار نحو الفراغ، وأصر على منع نفسه من البكاء.
3 - رائحة الياسمين
يصحو ويغفر، تنتزعه رائحة الياسمين، من حلم صباحي متأخر.
لكزته عمته، سمع صوتها الحنون، تشبع صدره بعطر إمرأة لا تنام قبل حديث الشهيد.
فرك عينيه، صورتها تمشط شعرها الفاحم عبر مرايا البيت، تركته يتغزل بكل تلك الآلام التي تعشش في صدر العمة سعاد.
سألها عن لون دم الشهيد، شهقت، مالت معها ظلال المرايا وغابت عن الوعي.
نبش جيوب ثوبها، وجد الزعوط، فرك انفها بالخلطة الحادقة، تبغ وفلفل وبلسم؛ تفعفلت، رفرفت حمائم قلبه طويلا، راقب هزيمة الغزالة وهي تقرأ فتافيت ورق البرقيات، لكنها هذه اللحظة تتعطر بالياسمين.
huss2d@yahoo.com