أيام معدودة تبقت على نهاية هذا العام الذي قمنا خلاله بمتابعة أحداثه الاقتصادية والاجتماعية عن قرب، وقيّمنا أداء الاقتصاد المحلي في هذه الزاوية وغيرها وتوصلنا لنتيجة مفادها أن هناك الكثير الذي نحتاج عمله في الأيام والشهور والسنوات المقبلة.
إن مراجعة أولى أولويات الحكومات خلال العقدين الماضيين كما وردت في كتب التكليف السامي نجد أنها مختلفة وتتغير بتغير الحكومات. فقد كانت الوحدة الوطنية لحكومة عبدالرؤوف الروابدة، وتنمية الموارد البشرية لحكومة علي أبو الراغب، والتنمية السياسية لحكومة فيصل الفايز، وتسريع وتيرة الإصلاح ومأسستها من خلال الأجندة الوطنية لحكومة عدنان بدران. وأصبحت المحافظة على الأمن وتبني استراتيجية لمواجهة ثقافة التكفير لحكومة معروف البخيت الأولى، والشأن الاقتصادي والاجتماعي والاستمرار في برامج الإصلاح السياسي وتعزيز المشاركة وتنمي? الحياة الحزبية وفقا لوثيقتي الأجندة الوطنية وكلنا الأردن لحكومة نادر الذهبي.
وغدا الإصلاح الاقتصادي ضمن إطار عمل برامجي مؤسسي لحكومة سمير الرفاعي، والإصلاح الحقيقي الملموس، وتعزيز الحريات، وإرساء قواعد الحوار لحكومة معروف البخيت الثانية. ثم أصبح تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في رسم سياسات تنافسية، وتوفير فرص عمل في كافة انحاء الاردن لحكومة عون الخصاونة، ومكافحة الفساد والمحافظة على المال العام من الهدر والضياع لحكومة فايز الطراونة.
وتبدلت لتصبح إجراء تقييم موضوعي للسياسات الاقتصادية التي اتبعها الأردن خلال العقدين الماضيين لحكومة عبدالله النسور، ودعم الحكومة للأجهزة والمؤسسات الرقابية المعنية بالتفتيش والرقابة على الغذاء والدواء والمنتجات كافة لحكومة هاني الملقي، وتعزيز دولة القانون ودولة الانتاج ودولة التكافل لحكومة عمر الرزاز.
أما لحكومة بشر الخصاونة فقد أصبحت صحّة الأردنيين وسلامتهم أولى الأولويّات وذلك بسبب تفاقم جائحة كورونا، تلاها تحقيق التعافي الاقتصادي وتحفيز النمو وزيادة التنافسية للقطاعات الإنتاجية. وقد أعادت الحكومة ترتيب أولوياتها من خلال برنامج أولويات الحكومة للسنوات الثلاث 2021-2023.
واذا ما راجعنا ذلك البرنامج والذي انتهت منه سنة بالكامل، سنجد أن الهدف الأول في ذلك البرنامج هو تطوير تشريعات جديدة ناظمة لبيئة الاعمال والاستثمار بحلول عام 2022. باختصار، ومهما تبدلت الأولويات في الخطط على الورق، تبقى الحاجات الملحة للمواطنين هي الحصول على فرصة عمل، سواء من خلال وظيفة في القطاع العام أو القطاع الخاص او من خلال مشروع صغير أو حتى في الخارج. لذا فان الاولوية الاولى التي يجب أن تحكم برنامج أولويات الحكومات هي التشغيل. وبعد ذلك يجب أن يكون الدخل المتأتي من العمل كافيا لتوفير عيش كريم وألا يتآك? بسبب الارتفاعات المتواصلة في الاسعار.
برنامج أولويات الحكومة الحالية عزا ارتفاع معدلات البطالة لمستويات غير مسبوقة لتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمار الاجنبي. لذا فان أبرز أولويات الحكومة في عام 2022 يجب أن تنصب في تحفيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار المحلي واستقطاب الاستثمار الاجنبي، وزيادة التنافسية للقطاعات الإنتاجية، لانها كلها في النهاية تصب في توفير فرص عمل جديدة. وهذا الامر يتطلب تفعيل أدوات السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والاستثمارية والصناعية، كما ويتطلب انجاز التعديلات التي تجري حاليا على التشريعا? المعنية بالاستثمار بسرعة حتى يعرف المستثمر الجديد شكل ومحتوى التشريعات التي ستنظم أعماله.
أولويات أخرى يجب أن تحظى باهتمام الحكومة وهي السيطرة على الارتفاع المطرد في مؤشرات المديونية، توفير مصادر متنوعة من المياه والحد من فاقد المياه، ومراجعة سياسة الطاقة بهدف الحد من فاتورة الطاقة على الصناعات وعلى الميزان التجاري للدولة وعلى جيب المواطن، والبدء بتنفيذ عدد من المشروعات الكبرى. وكل عام والاردن بخير.