أنا لا أزالُ على حبّها،
في الصباحِ أعدُّ الحليبَ لها،
وأقولُ لنفسيَ:
دعها تنمْ ساعةً،
كالغزالةِ فوقَ السريرِ
أنا لا أزالُ كراهبِ ديرٍ،
أعدّ جدائلَها،
وأصلّي...
لهذا الجمالِ الكثيرِ
أحبكِ،
ليسَ يهمُّ كثيراً،
إذا كنتِ أقلعْتِ عن حبِّ شاعرِكِ المستنيرِ بقلبِكِ،
في عينِ هذا الزمانِ الضريرِ
أحبكِ،
ليسَ يهمُّ اللقاءُ،
ولكنني أتعثّرُ كلَّ صباحٍ،
برائحةِ النسكافيهِ،
فأشدو لأشقرِ شَعركِ شيئاً
يفيضُ عن الشعرِ...
يا مهجةَ الروحِ،
ما زلتِ خفقةَ قلبِ سميرِ
أعيشُ على خُضرِ عينيكِ،
ترفدني بالهواءِ لكي أتنفّسَ في غرَقي،
وأرتِّلَ باسمِكِ،
في كلِّ هذا الفضاءِ الخطيرِ
أنادي عليكِ،
لكي يسمعَ اللهُ صوتَكِ...
حينَ تُجيبينَ قلبَ الضعيفِ،
وحينَ تجيئينَ مثلَ الرغيفِ،
فيطعمَ جوعُ الفقيرِ
أحبكِ،
ليسَ لهذا مثيلٌ،
سوى في الأساطيرِ،
هل تقرئينَ إنانا وانكيدو...
إني على حافّةِ العشقِ،
والشوقِ،
إني قريبٌ إلى صفحةِ الماءِ،
لستُ أغني ولستُ أطيفُ،
وليسَ يطاوعني النايُ...
مَن لي بلحنٍ غريبٍ،
يضيءُ على عتماتِ السطورِ
أحبكِ،
حتى يُمَلَّ الكتابُ،
فيرميَهُ الطفلُ من يدهِ،
وتضجَّ لهُ أمهُ:
يا بنيَّ انتبهْ للحروفِ،
لكي تتنزّهَ...
والعاشقُ المتشبّثُ بالرائحة
يعيشُ على سورةِ الفاتحة
ولا يتذكّرُ إلّا حضوركِ،
رغمَ ازدحامِ الحضورِ
لقدْ مرَّ عامٌ،
ولكنني لم أزلْ،
أتنشّقُ ذاتَ العبيرِ
وأسأَلُ نفسي،
ترى:
ما هوَ الفرقُ بينَ العطورِ،
وبينَ البخورِ
وما بينَ حبي الكبيرِ،
وبينَ النذورِ
لقد مرَّ عامٌ ثقيلٌ،
فمن دونِ صوتكِ،
أسمعُ في شبحِ البيتِ،
صمتَ القبورِ.