- عدم توافر إحصاءات لعدد الطلاب من ذوي صعوبات التعلم.
-ضرورة توافر فريق كامل من عدة تخصصات في غرف المصادر
-اعتماد الدوام اليومي بدلا من نظام التناوب الطلبة.
بعد رفض الكثير من المدارس في محافظة الزرقاء استقبال ابنها البالغ من العمر تسع سنوات وبعد بحثٍ مضنٍ عن مدرسة مناسبة ، انتهى الحال بأم يوسف لتسجيله في مدرسة خاصة في عمان لتقطع مسافة ٢٠ كيلومتر يوميا، وتضطر لانتظاره حتى ينهي يومه الدراسي هناك .
أما والدة الطالبة رهف حسونة في الصف الرابع فيبلغ مجموع ما تدفعه سنويا لمدرستها حوالي ٣٥٠٠دينار وذلك بسبب تسجيلها في برنامج التعليم المساند التابع لها ، مما يشكل هذا المبلغ عبئاً كبيراً للعائلة وتشكو أم رهف للرأي قائلة :" بعد انتهاء الصف الثاني تبين أن ابنتي تعاني من مشكلة صعوبات التعلم وكانت آنذاك تدرس في مدرسة حكومية، ولعدم توافر غرفة مصادر فيها ،اضطررت لنقل مكان السكن لمنطقة اخرى ، ولكن بعد مضي سنة في هذه المدرسة ، تبين عدم حصول ابنتي على الاستفادة الحقيقية ، فكان الخيار ورغم ضيق الحال بتسجيلها في مدرستها الحالية على أمل الاستفادة وتخطي المشاكل الدراسية عندها .
وتُعرَّف صعوبات التعلم بحسب أخصائية التربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم د. ناهدة عبد الهادي بأنها:" قصور في واحدة أو أكثر من العمليات المعرفية (الانتباه ، الإدراك ، التفكير ، الاستعياب ) ،وهذا القصور يؤدي إلى ظهور صعوبات تعلمية في واحدة أو أكثر من المهارات الأساسية في القراءة أو الكتابة أو الرياضيات .
أما أهم الأعراض فتذكرها د. عبد الهادي وهي :" إن تحصيل الطالب الأكاديمي قد يقل عن زملائه ، والأمر المحير أحياناً أن أداء ذوي صعوبات التعلم متباين ؛ فقد تكون علاماته مرتفعة وفي أوقات أخرى متدنية ،ويُظهر أحياناً صعوبةً في نفس المادة الدراسية ." وتضيف عبد الهادي :" وقد يكون أداؤه متبايناً بين مادة دراسية وأخرى ، وهذه الصعوبة التعلمية تعود لأسباب متعلقة بقدرات الطالب نفسه وليس بالبيئة الصفية ،فإذا تعلقت بأسبابٍ أخرى فلا نسميها صعوبات تعلمية وإنما مشكلة تعليمية، فهي تتعلق بالقدرات المعرفية التي ذُكرت سابقا ،وقد يكون هنا تباين بين القدرة العقلية (نسبة الذكاء ) والتحصيل الأكاديمي فتكون نسبة ذكائهم بين المتوسط أو أعلى من المتوسط و أحيانا كثيرة قد يكونوا من أصحاب الموهبة ، مع ذلك يعانون من نمطٍ أو أكثر من أنماط صعوبات التعلم ."
أما الطالب يوسف سرحان فقد انهى الصف السادس وهي المرحلة الاخيرة التي يمكن أن يستفيد منها الطلبة من برنامج صعوبات التعلم لينضم لصف عادي ويصبح تائهاً بين صعوبة المناهج وغياب البرامج الخاصة لهذ الفئة بعد هذا الصف . ليترك ليواجه مصيره التعلمي لوحده في صف دراسي يبلغ عدده أربعين طالباً.
ويبين استاذ صعوبات التعلم في إحدى مدارس محافظة الطفيلة اسماعيل قوابعة بعضاً من المشكلات التي تواجه هذه الفئة فيقول:" هناك ضعف في الخطط الموجهة للطلبة في غرف المصادر، وكذلك ضعف في تأهيل المعلمين وتدريبهم ،كما أن الكثير من الطلبة محرومون من غرف المصادر لعدم توفرها في مدارسهم أو عدم تفعيلها لغاية الآن ."
ويضيف قوابعة:" أما التشخيص فيشكل أمراً لا بد من الوقوف عليه ؛ فهو يحدد حسب اختبارات معدة من قبل المعلم نفسه ، ولكن الأصل أن يكون هناك فريق متكامل لاعتماد التشخيص . فهناك قلة وعي بالنسبة لمدراء المدارس ، يصحبه سوء بالتشخيص، فكثير من الطلبة يحولون إلى غرفة المصادر بمجرد أنه ضعيف التحصيل أو كثير الحركة، وهناك خلط بين بطئ التعلم وصعوبات التعلم."
وبحسب وزارة التربية والتعليم يبلغ عدد غرف المصادر الموجودة في المدارس 1109غرفة من بينها 74 غرفة غير مفعلة لغاية الآن .مع عدم توافر أعداد للطلبة من ذوي صعوبات التعلم.
وهناك فرق بين صعوبات التعلم والضعف الأكاديمي، فالضعف الأكاديمي هو مشكلة تعليمية تتعلق بالمعلم وأسلوب التدريس والأدوات المستخدمة في الغرفة الصفية وخصائص البيئة المادية كالمنهاج وغيرها ... ، ففي الضعف الأكاديمي اذا عرف السبب وقمنا بحله فإننا نستطيع معالجة المشكلة التعليمية ، ولكن الصعوبة التعلمية تعود لاسباب متعلقة بالطالب نفسه تستلزم وجود خطة علاجية او خطة تربوية عامة وتحديد أوجه القصور عند الطالب أهو في الانتباه ام الإدراك أم و الذاكرة.. بحسب د. عبد الهادي
كما أنَّ التعرف على صعوبات التَّعلم هي عملية مُعقدة ويجب أنْ تبدأ بفحص طبّي يتمُّ من خلاله استبعاد أيَّة قضايا مرتبطة بالنّظر أو السّمع أو التّطور النمائي والتي تؤدي إلى ظهور المشكلات التعلميّة. بعدها سيتم العمل مع الطالب ومعلميه والمدرسة لملاحظة المعلومات وجمعها حول المستوى التعلمي له. وأخيراً يقوم أخصائي القياس النَّفسي بتطبيق الاختبارات ، ثُمَّ يُقدِّم ما يُسمّى بالتقرير النّفسي التّربوي الذي يجب أن يحتوي على التشخيص الدقيق لحالته والتطبيقات الأكاديمية التي يجب مراعاتها.
أما فترة التعلم عن بعد فقد مرت قاسية للغاية للطالب قيس التميمي للصفين الثالث والرابع حيث تشكو والدته قائلة:" كانت الاستفادة قليلة وربما شبه معدومة ، فنحن كأهل غير ملمين بأساليب التدريس المناسبة، كما أن التعليم يعتمد علي الوسائل الحسية خاصة في مادة الرياضيات حيث كانت هذه الفترة سببا في تراجعه ، مع غياب البرامج المناسبة لهم والاكتفاء بالمنصة التي لم تسمن ولم تغن من جوع مما اضطرنا للاستعانة بالدروس الخصوصية."
ويبين قوابعة :" أن فترة الفاقد التعليمي وإن كانت ضرورية ، فإنها غير كافية لطلبة صعوبات التعلم ، عدا أن الطلبة ضعاف التحصيل تدنت مستوياتهم وزادت بسبب انقطاعهم عن التعليم الوجاهي، وللأسف أن فئة صعوبات التعلم لم يكن لها نصيب من هذه المنصات ، فكانوا سواسية كبقة الطلاب ، ولم يتمكنوا من التواصل مع معليمهم خلال هذه الفترة ، فكثير من الطلبة أضاعوا سنتين من حياتهم المدرسية ليصلوا للصف السابع وقد انتهت فترة التحاقهم بغرف المصادر ، وهذا يمثل مشكلة جوهرية أخرى حيث تحديد الوزارة للصف السادس ليكون الصف النهائي لهم ".
أما المناهج الجديدة فهي معضلة حقيقية بالنسبة لهذه الفئة بحسب قوابعة :" فمستواها أكبر من قدرات الطلبة ، فعلى سبيل المثال أن طلاب الصف الرابع لهذا العام ومنذ الصف الأول اعتادوا دراسة الرياضيات بالارقام العربية أما السنة فكان المنهاج يحوي ارقاما انجليزية .وعلى الرغم من بساطة المشكلة بالنسبة للطلبة العاديين فإنها تمثل صعوبة بالغة لذوي صعوبات التعلم . أما منهاج الرياضيات للصف الثامن فتم زيادته بواقع 100 صفحة ، وهذه الأمور جميعها وغيرها الكثير تؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلا من حلها."
ويقترح قوابعة عدداً من الحلول لتخطي هذه المشكلة ومنها أن يتم إعداد رزم تعليمية خاصة بطلاب صعوبات التعلم مناسبة لكل صف، بأن يكون منهاجاً مبسطاً يمكن الطلبة من اكتساب المهارات الأساسية حتى يستطيعوا مع مرور الوقت اللحاق بزملائهم في مستوى الصف العادي .
وتضيف أخصائية صعوبات التعلم رانيا الصايغ بعضاً من الحلول المقترحة ومنها:" زيادة عدد المعلمين في غرف المصادر بدلاً من اقتصارها على معلم واحد، بالإضافة إلى استمرار تقديم الخدمات من الصف السابع للتوجيهي فالدعم الذي يقدم للأعمار الكبيرة ما بعد الصف السابع يختلف عن الدعم للصفوف الأولى .
وتضيف الصايغ :" أما بالنسبة لغرف المصادر فتحتاج لوجود وسائل تعليمية محسوسة ومتجددة ،بالإضافة لأهمية ادماج التكنولوجيا فيها مثل استخدام الألواح الذكية ،و ضرورة وجود برامج باللغة العربية وذلك لنقصها ومحدوديتها خاصة بالنسبة للصفوف العليا ."
وللعلاج الوظيفي أهمية كبيرة عند هؤلاء الطلبة ،وهذا ما يبدو غائباً في أغلب المدارس حيث التركيز على الدعم الأكاديمي فقط ، فهو ضروري لتقوية التآزر الحركي والعضلات الصغيرة لهم مما يحسن من عدة مهارات تعلمية عندهم."
وتضيف الصايغ :"كما وقد يحتاج طلبة صعوبات إلى تدخل من قبل اخصائي في علاج النطق واللغة لمساعدة الطفل في تحسين مخارج الحروف و زيادة المفردات اللغوية وتحسين اللغة الاستقبالية والمهارات السمعية والذاكرة مما ينعكس بشكل ايجابي على مهارات الطفل في فهم الشرح وتعليمات المعلم . "
ومن الامور الهامة بحسب الصايغ :" ضرورة اخضاع معلمي غرف المصادر للتدريب الكافي ، وحصولهم على دبلوم عالي بتخصص صعوبات التعلم ليكون تدريباً عملياً تطبيقياً ،يمكنهم من تعليم الطلبة باستخدام منحى متعدد الحواس، مع مراعاة الفروق الفردية ،فكثير من المدارس تعمد إلى تعيين معلمين بعيدين عن تخصص صعوبات التعلم مثل معلم المجال ، تربية طفل أو علم النفس.
ذوو صعوبات التعلم والقبول الجامعي
تشير نتائج دراسة حديثة بعنوان " خبرات الطلبة ذوي الإعاقات في إحدى الجامعات الحكومية في الأردن" أعدتها استاذة صعوبات التعلم في جامعة مؤتة د. حنان الحموز والمنشورة في المجلة الدولية للتربية الخاصة أنّ : "الطلبة ذوي الإعاقة الخفية مثل صعوبات التعلم غير ممثلين في الجامعة ولا توجد لهم مقاعد أو إجراءات قَبول خاصة."
ويوضح استاذ التربية الخاصة د. عبيد السبايلة بعضاً من التحديات التي تواجه هؤلاء الطلبة في مرحلة الثانوية العامة فيقول :" لا يوجد أي اهتمام أو رعاية مع ضعف التسهيلات المقدمة لهم خلال تقديم الامتحان ، فطالب صعوبات التعلم يلزمه أشخاص يقومون بمساعدته سواء بالقراءة أو الكتابة مع ضرورة زيادة وقت اضافي للامتحان اسوة بالتكييفات المقدمة لبقية الطلبة من ذوي الاعاقة خاصة المكفوفين والصم ".
ففي بلدان الخارج ومع اعتماد التسهيلات والرعاية المقدمة لهم يستطيعون وبكل سهولة اجتياز الثانوية العامة ودخول الجامعات ،فامتحان الثانوية يشكل عائقاً حقيقياً لهم."
ويلفت د. سبايلة إلى أهمية تأهيل المعلمين للتعامل الايجابي والصحيح مع الطلبة :" فذوو صعوبات التعلم يواجهون تحديات متعددة في مسيرتهم التعليمية، لا تقتصر على ضعف التحصيل الأكاديمي، بل تمتد لتشمل تعرضهم للتوبيخ والمساءلة المستمرة من معلميهم أمام زملائهم، نتيجة أدائهم الدراسي الذي لا يرقى إلى مستوى أداء أقرانهم في الصفوف الدراسية، فضلاً عن نعتهم من قبل بعض نظرائهم بصفات قد تخلّف ندوباً عميقة في نفسياتهم، ما ينعكس سلباً على سلوكياتهم، وعلاقتهم بمحيطهم، وقد يحول دون استمرارهم في العملية التعليمي وتسربهم من المدرسة."
"وبالنسبة لدوام التناوب في بعض المدارس الحكومية والذي اعتُمِد بسبب البروتوكول الصحي فهو يعد معضلة جديدة لهم ، فهم يعانون مشاكل في الذاكرة سواء الطويلة او قصيرة المدى ، فيسبب هذا النظام نسيان المادة الدراسية وعدم قدرتهم على استرجاعها وتذكرها ، فالأفضل أن يكون الدوام نظامياً كل يوم ."وذلك بحسب د. سبايلة
وتلفت أخصائية العلاج النفسي والسلوكي أمل الكردي إلى الأثر النفسي الذي يصاحب هؤلاء الطلبة فتقول:" إن السنوات التي تمر من وقت ظهور المشكلة تعد خبرات سيئة يمر بها الطالب ؛ لعدم قدرته على مجارات أصدقائه سواء في الكتابة أو القراءة أو الرياضيات ، وهذا الأمر يؤدي إلى تدني مفهوم الذات عنده ، كما أنه قد يتعرض للسخرية لأنه يتلقى الحصص في غرف المصادر، و هذا يدخله في نوع من العزلة النفسية وقد يؤدي الى انسحاب اجتماعي ، على الرغم أن مهاراتهم الإجتماعية قد تكون جيدة؛ فصعوبات التعلم لا تؤثر على التواصل الإجتماعي عند الأطفال أو المراهقين ولكن بسبب وجودها أو بسبب الخبرات التي يحصل عليها الطفل داخل الغرفة الصفية أو في غرف المصادر تجعل هذا الطفل أو المراهق محط الأنظار وهذا يشعره بالغربة وأنه مختلف عن أبناء جيله ويفوت عليه فرصة أن يشاركهم داخل الحصة الصفية بأنشطتهم المختلفة ."
ويمكن تخطي ذلك بتعزيز الطلبة وادماجهم في الانشطة المدرسية المختلفة مثل الاذاعة المدرسية وغيرها سواء الرياضية أو الفنية، وتشجيعهم المستمر إذا ما حققوا تقدماً أكاديمياً ملحوظاً.
الحق في التعلم
تشير الفقرة "ب" من المادة 17 لقانون الاشخاص ذوي الاعاقة رقم 20 لعام 2017 إلى أنه "إذا تعذر التحاق الشخص ذي الإعاقة بالمؤسسة التعليمية لعدم توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة أو الأشكال الميسرة أو إمكانية الوصول، فعلى وزارة التربية والتعليم إيجاد البدائل المناسبة بما في ذلك ضمان التحاق الشخص بمؤسسة تعليمية أخرى. "
وتبيّن مديرة مديرية متابعة خطة التعليم الدامج في المجلس الاعلى لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة غدير حمارنة :" إن من أهداف الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج التي اطلقها المجلس مطلع العام الماضي بالتشارك مع وزارة التربية والتعليم والوكالة الالمانية للتعاون الدولي تحويل جميع السياسات والتشريعات التعليمية الى قيم وممارسات داعمة للتعليم الدامج والتعرف على الطلبة ذوي الاعاقة من خلال التشخيص الشمولي التكاملي والإستجابة للمتطلبات التعليمية المتنوعة لهم وتطوير مناهج واستراتيجيات التعليم التي تتوافق مع التعليم الدامج ودمج الاشخاص ذوي الإعاقة المتسربين من المدرسة وغير الملتحقين فيها في برامج التعليم غير النظامي، وأن ما ينطبق على الطلبة ذوي الاعاقة ينطبق على الطلبة ذوي صعوبات التعلم في الاستراتيجية ،وتعديل بعض التشريعات التربوية التي كانت تحول دون عودة الطالب ذي الإعاقة المنقطع عن التعليم حيث سمحت التشريعات المعدلة بعودة الطالب ذي صعوبات التعلم اذا كان منقطعاً لمدة لا تتجاوز 4 سنوات في الصف الذي يلي الصف الذي انهاه الطالب قبل سنوات انقطاعه وبالتالي تسمح بعودة الطلبة المتسربين الى التعليم النظامي."
وتضيف حمارنة:" كما أن المجلس قد عمل مع الشركاء في وزارتي الصحة والتربية والتعليم على إلحاق الطلبة ذوي صعوبات التعلم في المدارس الملتحقين بها وجاهياً خلال فترة الجائحة حيث عادوا للالتحاق بمدارسهم وجاهياً اعتباراً من شهر حزيرات للعام2020 من خلال دوره التنسيقي والراسم للسياسة العامة لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة مبرراً ذلك بقلة عددهم داخل غرفة المصادر خلال التدريب الفردي والجمعي وايضاً ضرورة ان يتلقوا التعليم وجاهياً لعدم توفر ما يلبي متطلباتهم في التعليم عن بعد والمنصات التعليمية التي وفرتها وزارة التربية والتعليم."