#Alrai_LB_01_HomePage_full_ad { width: 728px; height: 90px; background: color(display-p3 0.9333 0.9333 0.9333); margin:0 auto; @media screen and (max-width:768px){ #Alrai_LB_01_HomePage_full_ad{ display: none } } }

رحلات الناعوري إلى إيطاليااتصال بالمستشرقين والأدباء واغتناء بالمعرفة - بقلم ياسر قبيلات

تاريخ النشر : الجمعة 12:00 10-6-2005
No Image

ما من شيء أفضل من كتاب جديد لإعادة كاتب ما، إلى دائرة الضوء والاهتمام؛ مثل هذه الفرصة الثمينة، باتت تتكرر على أيدي باحثين ودارسين أردنيين، يكرسون جهودهم، في الكشف عن النتاج الإبداعي والثقافي الأردني المجهول وغير المنشور، لا سيما ذلك الذي خلفه جيل من الرواد وأعلام الأدب والثقافة في الأردن. من عرار إلى غالب هلسا، إلى تيسير سبول، إلى عيسى الناعوري.
ويبدو أن هذا الأخير الذي عاد أول الأمر مع كتاب مراسلاته مع نازك الملائكة الذي نشره الباحث تيسير النجار، مرشح للعودة إلى دائرة الضوء غير مرة مع إصدارات جديدة يعكف النجار على إعدادها إلى النشر، ومنها كتاب «رحلة إلى ايطاليا» الذي قدمه فعلاً، ورأى النور عن سلسلة «سندباد الجديد» التي تصدرها دار السويدي في أبو ظبي، في سياق مشروعها «ارتياد الآفاق».
وإذا كانت الضجة التي أحدثها نشر كتاب مراسلات الناعوري مع نازك الملائكة، قد هدأت، فإن رحلته إلى ايطاليا، ما زالت تنتظر القراءة، التي ستعيد، من غير بد، رسم تصوراتنا حول جيل الرواد في الأدب الأردني، وحول حجم إسهاماتهم الأدبية والثقافية، محلياً، وفي سياق الثقافة العربية عموما، كما تعيد إلقاء الضوء على مواقفهم الفكرية والثقافية، ومسارات تطور تلك المواقف.
يقدم الكتاب رحلة متعددة الأوجه، تأخذنا إلى عالم الأدب والإبداع الإيطاليين، في تعريفات سلسة وغنية وشخصية في آن؛ مثلما تقودنا إلى عالم الثقافة الإيطالية، من خلال رموزها الثقافية الهامة، بدءا من الأسماء الأدبية اللامعة، وليس انتهاء بالمدن بإيحاءاتها الثقافية. بالإضافة إلى رحلة في عالم الناعوري نفسه، في شقيه: الخاص والعام؛ فيعرض لنا مقطعا هاما من سيرته الخاصة وعلاقاته الإنسانية، إلى جانب مقطع هام من نشاطه الأدبي والثقافي وعلاقاته الواسعة مع طائفة من ألمع رموز الثقافة والإبداع في العالم. إنه يقدم باختصار رحلة في الجغرافيا، ورحلة في الثقافة، وأخرى في السيرة.
ايطاليا والبعثة
من سحر اللغة، أنها، غالبا، ما تقود الآخر الغريب، إلى الارتباط والتعلق العاطفي بموطنها، بل وتشده بالحنين إلى ثراها الذي لم تقع عليه عيناه، ولا وطئته من قبل قدماه. وربما كان هذا ما وقع لعيسى الناعوري مع ايطاليا واللغة الإيطالية، التي أجادها في سنوات دراسته الأساسية.

يقول الباحث تيسير النجار في مقدمته التي وضعها للكتاب:
«كانت زيارة ايطاليا من الأحلام الجميلة التي لطالما راودت خياله، وكانت صورة البندقية، وروما، وفلورنسا، والريفيرا، وبحيرة كومو، تتراءى له طيوفاً من السحر، وخيالات من الجنة الموعودة، ولذلك كانت غبطته عظيمة حينما اتيح له أن يقوم برحلة إلى موطن الخيال الجميل، ومرابع الأحلام السعيدة».
وهكذا.. فإن ايطاليا اللغة، ظلت تشد الناعوري إلى ايطاليا الحلم، إلى أن قادته إلى التحقق «ففي أصيل يوم الأحد 11 أيلول سنة 1960 هبطت بالأديب الأردني الراحل عيسى الناعوري الطائرة في مطار تشامبينو على مقربة من روما، بعد أن كانت قد استراحت استراحتين قصيرتين في مطار نيقوسيا في قبرص، ومطار أثينا في اليونان، وكان ذلك في بدء بعثة أدبية مدتها ستة اشهر قدمتها منظمة اليونسكو للأردن، وتلطفت وزارة التربية والتعليم الأردنية فاختارته لها».
كانت بعثات اليونسكو الأدبية والفنية تهدف إلى إتاحة الفرصة للأدباء والفنانين والموسيقيين من مختلف الشعوب والأقطار، ليتعارفوا، ويتعاونوا على اغناء تراثهم القومي، عن طريق التبادل والتعاون لتحقيق التفاهم الودي بين الشعوب، وتقوية روابط الأخوة بينها، وكان يرتجى من عيسى الناعوري في البعثة أن يجتهد في الاتصال بالكتاب والشعراء الإيطاليين، وأن يطلع على وجوه نشاطهم الأدبي. وحضور عدد من المحاضرات في بعض الجامعات الإيطالية التي تتناول موضوع الأدب الإيطالي الحديث، والقيام بزيارة دور النشر، والإطلاع على أدب الأطفال هناك.
وكان من أهم أهداف بعثات اليونسكو، كذلك، تعريف الأديب على بلد جديد، وشعب جديد، وإكسابه خبرة ومعرفة عيانية في جو وثقافة مختلفين عن ما اعتاده. لكن ما قاد الناعوري إلى ايطاليا كان رغبته في التعرف على أدب جديد غير الأدبين الإنجليزي والفرنسي المنتشرين في العالم العربي على نطاق واسع، وعدته في ذلك المعرفة المسبقة باللغة الإيطالية.
مسار الرحلة
أول ما يلفت الانتباه، في الكتاب، هو تلك الحيوية التي يبديها الناعوري في استغلال وقت بعثته، التي كفته لزيارة الأرجاء الإيطالية بكافة، والتعرف على معالمها، وزيارة الأدباء وأبرز أعلام الثقافة والأدب في مدنهم، حيث نظم لنفسه عدة جولات حافلة، حولت بعثته الثقافية إلى رحلة غنية، متعددة الأوجه.
ويصعب القول إن الناعوري، كان يدين بمثابرته وعزمه، إلى البرنامج الرسمي الذي كان وضع في عمان بالاتفاق مع اليونسكو؛ ولكن من المؤكد أن جولاته، وطريقة استثماره للوقت، عكست رغبة صادقة في التعرف على المشهد الأدبي والثقافي في ايطاليا في تفاصيله، ونمّت عن فضول لا تنقصه الجدية ولا الحصافة. ومن هنا فقد تحولت إقامته القصيرة في ايطاليا، إلى سياحة ثقافية حقيقية، ممنهجة:
* أقام في روما لمدة شهر ونصف، درس خلالها الإيطالية، وتعرف على طرائق الحياة الإيطالية، وتعرف على من في روما من الأدباء والمستشرقين، وزار متاحفها وكنائسها وآثارها، وشاهد مجالي الفن والعمران بالمدينة والجمال فيها ومن حولها.
* قام برحلة في وسط ايطاليا وشمالها، استغرقت شهرا واحدا من 26 أكتوبر إلى 25 نوفمبر 1960، وزار فيها: بولونيا والبندقية وميلانو وتورينو والريفييرا وجنوا  وبيزا وفلورنسا.
* عاد إلى روما وأقام فيها أكثر من شهرين واستأنف ما انقطع من اتصالات أدبية تعرف من خلالها على البقية من كبار أدباء روما ومفكريها.
* قام برحلة ثانية إلى جنوب ايطاليا زار فيها جزيرتي سردينيا وصقلية، وكانت أهم المدن التي زارها: ساسري وكالياري في سردينيا، وباليرمو وأغريجينتو ومسينا في صقلية. ثم نابولي وبومبي.
* لما انتهت رحلة الجنوب عاد إلى روما وقضى فيها أياما أخرى ودع فيها الأصدقاء، وهيأ نفسه للعودة إلى الأردن.
جولات ورحلات
أقام الناعوري في روما في نزل للطلاب، ومكث فيها شهراً يتعرف على عالم الأدب في روما. وكان يلتقي بالمستشرقين في «معهد الشرق»، ومن خلالهم اتصل بأعلام الأدب الإيطالي وعلى رأسهم: انياتسينو سيليونه وجيوفاني انجوليتي، والناقد اميليو تشيكي، والشاعر جوزيبي أونغاريتي، والروائي فاسكو براتوليني، والكاتبة ايلزا مورانته، والأديبة ماريا بيللونشي.
وبعد أن قام بجولة في وسط ايطاليا وشمالها، شملت: بولونيا والبندقية وميلانو وتورينو والريفييرا وجنوا وفلورنسا، واستمرت شهراً، تعرف على عدد كبير آخر من أعلام الأدب الإيطالي، ففي ميلانو عاصمة الثقافة الإيطالية تعرف على الشعراء: دييغو فاليري، سلفاتور مكوازيمود، وأيوجينيو مونتالي، والأدباء: ايليو فيتو، دينو بوتاني، برونو تشيكونياني، ايتالو كالفينو.
وفي شباط 1961 غادر منزل الطلبة في روما، في جولة جديدة، إلى سردينيا وصقلية وفي طريق عودته بالقطار مر على نابولي. وفي سردينيا اكتفى بزيارة مدينة ساسري في الشمال، والعاصمة كاليري في الجنوب ومن هناك سافر بالباخرة إلى صقلية، حيث تعرف على بعض المستشرقين، وفي مقدمتهم امبرتو ريتستانو، وهو أحد أعظم المستشرقين الذين عرفتهم ايطاليا. ومن هناك عاد مرة ثالثة إلى منزل الطلاب في روما، استعداداً للعودة إلى الأردن، بعد أن اقتنى مجموعة قيمة من كتب الأدب الإيطالي، كان القسم الأكبر منها هدايا من المؤلفين أنفسهم.
بنتيجة هذه الرحلة الطويلة، والصداقات التي كونها مع أعلام الأدب الإيطالي، والمكتبة الغنية التي عاد بها، والمراسلات مع أصدقائه الأدباء والمستشرقين الإيطاليين، استطاع الناعوري أن يكوّن ثقافته الأدبية الإيطالية، التي جعلته مرجعا في الأدب الإيطالي، وجسرا ما بين هذا والعالم العربي وأدبه وأدبائه. كما أنه سجل وقائع رحلته في فصول هذا الكتاب، الذي أعده للنشر في السبعينيات، ونشره آنذاك على حلقات في «الرأي».
فتح الأدب الإيطالي للناعوري باب الصلة بالآداب الغربية بعمومها، إلا أن علاقته باللغة والأدب الايطاليين كانت الأقوى، والأكثر قرباً إلى نفسه، وأثمرت هذه «العلاقة» مجموعة هامة من الترجمات العربية غير المسبوقة من الادب الايطالي، التي أعدها الناعوري، إذ ترجم من الأدب الإيطالي عددا من روائعه مثل روايات: «فونتمارا» لانياتسيو سيلونه، و«الفهد» لتومازي دي لامبيدوزا، و«الرجال والرفض» لإيليو فيتوريني. كما قام بترجمة مئات من القصائد من الشعر الإيطالي، ظهر بعضها في كتابه:«مختارات من الشعر الإيطالي المعاصر» وظل القسم الأكبر منها منشورا في الجرائد والمجلات، كما ترجم عشرات القصص، التي ظهر بعضها في كتابيه: «أطفال وعجائز» و«من القصص العالمي»، فيما بقي القسم الأكبر منها مخطوطا، أو في بطون المجلات والصحف.
تمثال أحمد شوقي
وقف الناعوري في المطار ينتظر. كان قد كتب إلى «الأستاذ الإيطالي المكلف بالإشراف على بعثته من قبل منظمة اليونسكو»، كما كان قد كتب للسفارة الأردنية في روما، يعلمهم بموعد وصوله. ولكن الوقت راح يمر دون أن يسأل عنه أحد. وكانت تلك أول رحلة له إلى بلد غربي، فيما توافق وصوله إلى روما مع نهاية الألعاب الأولمبية، التي اختتمت قبل يوم من وصوله، وكانت المدينة ما تزال مزدحمة بالسياح والوافدين لحضور الموسم الرياضي الكبير، ولم يطل الأمر بالناعوري المتحمس للمهمة التي انتدب لها، والذي لم يكن ليسمح بإضاعة وقت بعثته سدى، حتى قرر أن يعتمد على نفسه، وهكذا فعل. سوى أموره بنفسه، ليجد نفسه متفرغا للتعرف على روما، في جولات ستنطبع في ذاكرته، وتحتل جانبا مهما من كتابه.
ولم يكن الناعوري متحمساً لمهمته حسب. بل وكان يتوافر على قدر كبير من الفضول، وحب المعرفة، لدرجة أن الأشهر الستة بدت له قصيرة إلى الحد الذي لا يتيح له التراخي، أو إضاعة أية دقيقة منه، وربما كانت اللهفة التي أبداها بمواجهة التراخي واللامبالاة التي تعامل بهما المشرف على بعثته، كانت السبب في عدم التفاهم بينهما، ولجوء الناعوري إلى الاعتماد على نفسه. إلا أن لهفة الناعوري وفضوله اللذين أديا به إلى النفور من المشرف على بعثته، قد قاداه، من جهة أخرى، إلى البحث عن القواسم المشتركة، ونقاط التقارب الممكنة مع مدينته الأثيرة:
«حديقة فيلا بورغيزة ليست في الواقع مجرد حديقة عامة، فهي وحدها تؤلف حيا كبيرا فسيحا جدا، مترامي الأطراف. ففيها حديقة الحيوان الجميلة، التي تظل غاصة طول النهار بالناس من كل سن ولون، وفيها المتاحف المختلفة والمنتزهات، وعشوش العشاق التي لا حدود لها، وفيها إلى جانب كل ذلك التماثيل العديدة، وبينها تماثيل للشاعر الفرنسي فيكتور هيغو، والشاعر الإنجليزي بايرون، وفي عام 1962 أضيف إليها تمثال لشاعرنا العظيم أحمد شوقي بين تماثيل العظماء من شعراء العالم».
كلا يا سيد
لم يكن الناعوري، قبل ذهابه إلى ايطاليا يعرف من أسماء الأدباء الإيطاليين البارزين سوى القليل. والوحيد الذي كان على صلة به بالمراسلة كان الشاعر سلفاتوره كوازيمودو، الذي كان فاز بجائزة نوبل للآداب. فوضع الناعوري لنفسه قائمة بالأسماء التي يعرفها مما قرأه لأصحابها في بعض الكتب والصحف، ليتصل بأصحابها ويتعرف بهم بعد وصوله إلى ايطاليا. ولم يمر الأمر دون «ورطات» ومواقف محرجة، فقد كان بين الأسماء التي تشتمل عليها القائمة اسم كاتب كبير هو فنشنزو كارداريللي. كان ما يعرفه عنه هو أنه رئيس لمجلة أدبية أسبوعية اسمها «المعرض الأدبي». وفي روما بحث الناعوري عن رقم المجلة الهاتفي، وأدار الأرقام، فرد عليه صوت من الطرف الآخر.
فقال، متسائلا، على الفور:
- هل أستطيع أن أخاطب السيد كارداريللي؟
فأجاب الصوت بجفاف ظاهر:
- كلا يا سيد.
فوجئ الناعوري بهذه اللهجة الجافة التي بدت له غير مهذبة، وقال بإلحاح:
- أهو غير موجود؟
فرد  الصوت:
- نعم، انه غير موجود.
وتيقن الناعوري أنه وقع على شخص سيىء الطباع ومناكف بطريقة غير لطيفة، فقال مواصلاً إلحاحه:
- ومتى يمكنني أن أتصل به؟
فأجاب الصوت:
- لن تستطيع الاتصال به!
وكان الناعوري قد بلغ به الاستفزاز حدّه، فهب يقول متسائلاً:
- ولماذا لا أستطيع أن أتصل به؟!
فرد  الصوت محافظاً على نبرته الهادئة:
- لأنه مات منذ سنة ونصف!
كان الناعوري، قد اجتهد في محاولة حصر أهم الأسماء الأدبية البارزة، بينما كان يستعد في الأردن للبعثة، ولكن فاته أن يتحرى عن الأحياء والأموات.
مورافيا الأعرج
ولا تمر بعثة الناعوري في ايطاليا، من دون التعرف على الكاتب الإيطالي الأوسع شهرة في العالم العربي - البرتو مورافيا؛ وإذ كان لقاء الناعوري بمورافيا، يتضمن تفصيلات طريفة، فإن لقاءات الناعوري الأخرى، مع كتاب إيطاليين، بأهمية مورافيا، ولكنهم غير معروفين للقارئ العربي، لا بد تنطوي على طرافة ومتعة أشد، ولكن تبقى شهرة مورافيا أقدر في هذا السياق على توضيح أهمية البعثة، والدور الذي  نذر الناعوري نفسه له؛ كما أنها أقل عرضة للضرر لدى انتزاعها من كتاب الـ«رحلة إلى ايطاليا».
كان مورافيا أول أديب إيطالي عرفه الناعوري شخصياً في روما. وكان التقاؤه به صدفة محضة. كان أديبنا قد رافق بعض أعضاء السفارة الأردنية إلى مطار روما لاستقبال الأديب محمود العابدي القادم من عمان في بعثة على حساب دائرة الآثار الأردنية. وبعد أن أوصل وزملاءه العابدي إلى الفندق، آثروا تركه يستريح قليلا ويستحم ويبدل ثيابه، وخرجوا ينتظرونه في مقهى على رصيف الشارع القريب من الفندق. وما كادوا يتخذون مجلسهم هناك حتى مر أمامهم رجل أشيب الشعر، طويل القامة، أعرج، يمشي بين شاب وفتاة، وما أن وقعت عينا الناعوري عليه حتى تذكر صورة صغيرة جدا كان قد رآها قبل نحو ستة اشهر في صحيفة إيطالية. لقد كان وجه الرجل الأعرج هو نفسه الوجه الذي رآه في الصورة. فقال الناعوري لمن معه:
- هذا الرجل الأعرج لا بد أن يكون مورافيا.
ثم رأى الرجل الأشيب الأعرج يدخل إلى البار بالقرب، فقام الناعوري على الفور، ولحق به إلى الداخل، وسأل خادم البار:
- أليس هذا الرجل الذي خلفنا البرتو مورافيا؟
وقبل أن يجيب الخادم رأى مورافيا يقف بجانبه يطلب فنجان قهوة. فالتفت إليه وقال:
- هل السيد هو الكاتب الروائي مورافيا؟
فأجاب ذاك:
- نعم، أنا مورافيا، وأنت؟
فقدم الناعوري نفسه إليه، وطلب موعداً لزيارته، فقدم مورافيا له بطاقة تحمل اسمه، ورقم هاتفه المنزلي، واسم الشارع الذي فيه المنزل، ورقمه، وحدد موعداً لزيارته بعد يومين.
مورافيا.. التلميذ العربي
وبعد يومين كان الناعوري في زيارة مورافيا في  المساء، ومعه صديقه الأديب الليبي خليفة التليسي، الذي أصبح في ما بعد وزيرا للإعلام والثقافة في ليبيا، وكان حينذاك مثله في بعثة في ايطاليا، ولكن لدراسة بيرانديللو، وكانا (الناعوري وخليفة) يقيمان معا في منزل الطلاب في روما.  ومما قاله الناعوري لمورافيا، في تلك الزيارة، إن بعض رواياته قد ترجمت إلى اللغة العربية ونشرتها دور نشر عربية. فاستغرب الكاتب الإيطالي ذلك ولم يصدق، لأنه لم يحدث أن اتصل به مترجم ولا ناشر عربي يستأذنه في ترجمة شيء من أعماله الأدبية أو نشرها. ولكن الناعوري أكد له أنه يقتني في مكتبته الخاصة بعضا من تلك الروايات المنشورة بالعربية، ومنها «امرأة من روما»، وهي في الأصل الإيطالي «الرومانية»، فاستاء مورافيا من ذلك كثيراً.
وكان مما قاله الناعوري لمورافيا، في تلك الزيارة، أيضا: أن أدبه جنسي مكشوف جداً، وأن المترجم العربي يخجل من ترجمة رواياته كما هي، فيضطر إلى التصرف بها بعض الشيء، تحرجاً أمام القراء الذين لا يستسيغون الأدب المكشوف إلى هذا الحد. فأخذت الدهشة مورافيا، فقال:
- ولكني لست سوى تلميذ على أدبكم العربي!!
فدهش الناعوري بدوره وتساءل قائلاً:
- أي أدب عربي تعني؟
فقال مورافيا:
- كتاب «ألف ليلة وليلة»، أليس عربياً؟؟
ثم أضاف:
- إنني لم أكتب بعد شيئاً في مثل صراحته الجنسية المفرطة!!
ألف ليلة وليلة
وتمثل هذه الواقعة بالنسبة للناعوري، فرصة ليعرب عن رأيه في «ألف ليلة وليلة»، وهو بالمناسبة ينتسب لجملة من الآراء المحافظة، التي قد يتوقعها غير العارفين بالناعوري منه، ولكنها بكل تأكيد تفاجىء من لديه إلمام بسيرته الثقافية، التي تنم عن رجـــــل منفتح ومطلع على الفنون والآداب العالمية، ويحـتفظ بتقدير عال للثقافة والفكر.

.. أما رأي الناعوري بـ«ألف ليلة وليلة»، فيصوغه بالكلمات التالية:
«انه ليندر جدا أن تجد غربيا أو غربية لا يحدثك عن (ألف ليلة وليلة)، أعني لا يعرف البذاءات والدعارات التي فيه، والتي وسمت الأمة العربية كلها بميسمها، حتى أصبحت، في نظر الغرب (أمة الحريم، والغلمان، والدعارة) فقط. لقد أساء هذا الكتاب أبلغ إساءة إلى العرب. ولكن من المؤسف أن العرب لم يستطيعوا أن ينفوا عن أنفسهم هذه الصورة وهذه التهمة، فملاهي الشرق والغرب وكباريهاتها ما تزال تروي كل يوم عن مباذلهم ما يجعل حوادث (ألف ليلة وليلة) تعود إلى الأذهان حية صارخة».
وبالعودة إلى مورافيا، والزيارة التي قام بها الناعوري، فقد خطر لأديبنا أن يسأل الكاتب الإيطالي الشهير:
- كم نسخة تهدي عادة من كل كتاب تنشره؟
فنظر  مورافيا إليه دهشاً، وقال:
- أنا أهدي من مؤلفاتي؟؟
فقال الناعوري:
- وهل في هذا ما يستغرب؟
فقال مورافيا:
- أنا نفسي لا أنال من الناشر أكثر من عشر نسخ من كل كتاب لي.
فقال الناعوري:
- أليس لك أصدقاء يهمك أن تهدي إليهم شيئا من مؤلفاتك؟
فأجاب مورافيا:
- الصديق الذي يهمه كتابي يشتريه لكي يقرأه، ولا ينتظر مني أن أهديه إليه مجاناً. فإذا كان يهمه توقيعي، وقعت له على النسخة التي يبتاعها بماله الخاص.
ثم توجه بدوره بالسؤال إلى الناعوري:
- وهل تهدي أنت نسخا من كتبك؟
وكان الناعوري حتى ذلك الحين يهدي من كل كتاب له ما بين مائة وخمسين إلى مائتي نسخة فأكثر، وهو حال الكتاب والأدباء العرب إلى اليوم. فلما سمع مورافيا منه ذلك فغر فاه دهشة وقال:
- وهل كل المؤلفين العرب مجانين مثلك، أم هي حالة مقصورة عليك وحدك؟؟
فقال الناعوري:
- وما وجه الجنون في هذا؟
فقال مورافيا:
- إذا كنت تهدي نسخا إلى كل أصدقائك، فمن يشتري الكتاب؟ ولماذا يهتم ناشر بنشره وطرحه في الأسواق؟
ويستكمل الناعوري أجزاء من صورة الأديب الإيطالي مورافيا، من خلال لقائه بزوجته، ومن طريف ما يذكر ، هو ما يورده في الفقرة التالية:
«إذا كان البرتو مورافيا أول أديب إيطالي اتصلت به شخصيا، فإن زوجته، السيدة ايلزا مورانته، كانت بين الأواخر ممن عرفت من كبار الأدباء الإيطاليين في أثناء بعثتي. فقد كانت زيارتي لمورافيا في منزله في شهر أكتوبر 1960، أما زوجته فقد زرتها في منزلها في شهر شباط 1961.
والسيدة ايلزا مورانته كاتبة روائية معروفة. والغريب في أمرها وأمر زوجها أنهما يقيمان في منزلين مستقلين متباعدين. وحين زرت كلا منهما لأول مرة كان مورافيا يقيم في منزل في شارع (الاوكا) وايلزا في شارع (البابوينو) على جانبي ساحة الشعب الكبيرة الواسعة في مركز مدينة روما. وحين عدت إلى زيارة ايلزا للمرة الثانية عام 1966 كانت تقيم في المنزل عينه الذي كان يقيم فيه زوجها في السابق، أما هو فانتقل إلى حي بعيد هو حي (مونته ماريو).
ومن الغريب أيضا أن ايلزا تسافر دائماً إلى حيث يسافر زوجها، ولكنها لا ترافقه في السفر، ولا تنزل حيث ينزل بل تكتفي بأن تزور كل بلد يزوره».   
الكاتب والكتاب
ولد عيسى الناعوري في «ناعور»، كما تشي بذلك كنيته، سنة 1918، وأتم دراسته الابتدائية فيها، والثانوية في المدرسة الاكليركية في القدس. وعمل في تدريس العربية وآدابها في الأردن وفلسطين خمس عشرة سنة. ثم عمل مفتشا وسكرتيرا لإدارة مدارس الاتحاد الكاثوليكي في الأردن بين عامي 49 ـ 1952. ثم عمل موظفا في وزارة التربية والتعليم إحدى وعشرين سنة (54- 1975)، ثم عمل أمينا عاما لمجمع اللغة العربية الأردني، منذ إنشائه عام 76 وحتى سنة 1985. وكان الناعوري يحتفظ بعلاقات وصلات واسعة مع العديد من أعلام الأدب العربي، والإيطالي، والكثير من المستشرقين في الغرب.
ويقع كتابه «رحلة إلى ايطاليا» في مائتين وخمسين صفحة، ويتوزع على قسمين: الأول؛ هو نص الرحلة، ويتضمن ثلاثة وعشرين فصلا، والثاني؛ هو هوامش لستة عشر فصلاً، أعدها الباحث النجار، وتشكل من حيث حجمها وأهميتها، جزءاً هاماً من الكتاب، ولا يقل إمتاعا عن بقية الفصول، لا سيما وأنها تضمنت مقارنات ما بين مخطوط الكتاب الذي أعده الناعوري للنشر عام 1984، ونصه المنشور على حلقات في «الرأي»، بالإضافة إلى ملاحظات معززة بمقالات، وإشارات وإحالات إلى ما كان كتبه الناعوري في نصوص ومؤلفات أخرى حول ما تعرض إليه في كتاب رحلته.
وإذ تختزل العناوين مضمون الفصول، فيجدر ذكرها بالترتيب، وهي:
«في روما»: ويتناول في هذا الفصل، لحظة وصوله إلى روما التي لم تخل من مفارقات التجربة الجديدة. كانت تلك أول رحلة للناعوري إلى العالم الغربي؛ وإذ كان شديد الحماس إلى التعرف إلى ايطاليا وأدبائها، مندفعاً إلى استغلال كل دقيقة، واستثمار كل لحظة، فإن المشرف الإيطالي على زيارته، والمناط به استقباله وتسهيل مهمته، لم يبد الاهتمام الكافي، ما يضطر الناعوري إلى الاعتماد على نفسه.
«روما والسياحة»: يسرد الناعوري في هذا الفصل انطباعات سريعة عن روما، ويحشد فيه قدرا كبيرا من المعلومات حول أهم ما يلفته في العاصمة الإيطالية.
«الآثار الفنية والتاريخية والعربية في ايطاليا»: يرصد الناعوري في هذا الفصل أهم المعالم الفنية والتاريخية، ويلحظ بانتباه الاثر العربي في بعض هذه المعالم. وفي هذا الفصل، لا يبدو الناعوري، بالرغم من نشأته الدينية ميالا للتصديق ببعض الأساطير التي راجت حول بعض المعالم الدينية، ولكن تعليقه على زيارة المتاحف، تكشف عن رؤية وذائقة فنية محافظة، حيث تقوده تعليقاته إلى تذكر زيارة سابقة له (سابقة على تدوين الرحلة، وليس على الرحلة نفسها) إلى لينينغراد السوفياتية، في نص يجدر نقله:
«ويذكرني هذا بزيارتي لمتحف الارميتاج، في ليننغراد عام 1965 ففي ذلك المتحف العظيم الذي يعتبر واحدا من أعظم ثلاثة متاحف في العالم كله، يتجول المرء في القاعات العديدة الهائلة الاتساع، وفي مختلف الطوابق من ذلك القصر القيصري، ذي الطراز الباروكي الضخم، وهو ذاهل النظرات بين آيات الفنانين العظماء الخالدين، حتى اذا وصل إلى قاعات العصور الحديثة أخذ يشعر بالفتور، وبشيء من الابتعاد عن إحساس الجمال، حتى يصل إلى قاعة بيكاسو، وما تمثله من تطورات فنه، بين الفترة الزرقاء والتكعيبية والفترة التجريدية فيحس بنفسه يختنق. ولقد طلبت إلى الدليلة أن تسرع بي في مغادرة تلك الجوانب من المتحف، وحسبي ما سحرني في القاعات السابقة».
وهو يعلق حول زياراته للمتاحف الإيطالية قائلا: «شتان ما بين أعمال مايكل أنجلو، ورافائيل، ودافنشي في الأزمنة القديمة، وأعمال العابثين الفاشلين من أصحاب الفكر التجريدي اليوم»..!!
وفي الفصلين اللذين جاءا تحت عنوان: «لقاء مع البرتو مورافيا»، «مع ايلزا مورانتيه زوجة مورافيا»: يعرض الناعوري للقاءاته مع الكاتبين الإيطاليين البارزين، ويضع القارئ في أجواء حواراته معهما، وهي حوارات لا تخلو من الطرافة.
وتتواصل فصول الكتاب مع: «من ذكريات منزل الطلاب في روما»، «بين مدينتي بولونيا بلدة ماركوني والبندقية مدينة الأحلام» التي تفاجىء الناعوري، وتخيب أمله بكآبتها، ومياهها التي استحالت طينية اللون، في الشتاء. 
المترجمون الايطاليون
وفي الفصل المعنون «مع الشاعر كوازيمودو الفائز بنوبل والشاعرة لينا»، يروي الناعوري تفاصيل زيارته للشاعر الذي كان فاز بجائزة نوبل قبل عام من ذلك، وبينما يحادثه حول الجائزة التي اتاحت له قيمتها المالية أن يزور الولايات المتحدة في جولة شملت عددا من الدول، يسأل الناعوري الشاعر الذي كان قد ترجم عن الإنجليزية عددا من أعمال شكسبير:
«- هل كنت تتكلم الإنجليزية في زيارتك إلى الولايات المتحدة؟
فقال الشاعر:
- كلا، كنت أجد من يتكلم معي بالإيطالية.
ثم أضاف:
- إنني لا أجيد التكلم بالإنجليزية بشكل يسمح لي بممارستها بطلاقة.
وعجبت كيف يترجم إنسان روايات ماكبث، روميو وجولييت، وعطيل، والملك ريتشارد الثالث، والعاصفة لشكسبير، وبيلي باد لملفيل، وقصائد من شعر كمنغز، عن الإنجليزية وهو لا يجيد التكلم بها».
ويتضاعف عجبه حين يرى آخرين يشتركون مع الشاعر كوازيمودو في ذلك، فقد تعرف في دار مندادوري للنشر على إيليو فيتوريني وهو واحد من أهم الروائيين في ايطاليا، وصاحب الترجمات الإيطالية لأبرز مؤلفات فوكنر، وهيمنغواي، وغيرهما. وبالرغم من أنه كان يترجم عن الإنجليزية مباشرة، إلا أنه كان يبدي عدم قدرة على التحدث بها واستخدامها.
ثم يواصل الناعوري اكتشافاته، في هذا المضمار، فيعرف آخرين كثيرين من المترجمين عن الإنجليزية ليسوا أحسن حالا من كوازيمودو ومن فيتوريني. فيكتشف أن «مترجمة أعمال الشاعرة الإنجليزية الغامضة جداً «ايديل ستويل» إلى الإيطالية، لا تستطيع أن تركب في الحديث جملة إنجليزية كاملة». ما يدفعه للقول إن «الغربيين يعتمدون كثيرا على ما في لغاتهم، اللاتينية الأصل خاصة، من تشابه في الحروف، في معاني الألفاظ، ويستعينون بالقاموس إلى جانب ذلك، دون ما حاجة إلى معرفة جيدة باللغة الأخرى».
ولا يتسع المجال للتوقف عند الفصول التالية، ولكن حسبنا أن نذكر عناوينها، فهي توحي للقارئ بما ينتظره في متنها: «الشاعر ايوجينيو مونتالي»، «مع الروائيين الثلاثة: فيتوريني ـ بوتساني ـ وبراتوليني»، «جولة في تورينو وجنوا ولقاء مع ايتالو كالفينو»، «فلورنسا والروائي الشيخ برونو تشيكونياني»، «لحظات شاعرية»، «الفريق العربي»، «عن الأغاني الإيطالية»، «ماريا بيللونشي وجائزة ستريغا والصالون الأدبي»، «ذكريات أدبية مع المستشرقين الإيطاليين»، «أول رحلة بحرية ما بين جزيرتي سردينيا وصقلية»، «آثار الحضارة العربية في صقلية»، «كرنفال مسينا ورحلة بالقطار في البحر عبر الخليج»، «الجوائز الأدبية الإيطالية»، «الصحافة الأدبية في إيطاليا»،  «نقابة الأدباء الإيطاليين».
ولا تخلو هذه الفصول من درجة من الإمتاع والجدة في ما تصوره؛ ويقدم فيها الناعوري رسما تفصيلياً للخارطة الثقافية والأدبية الإيطالية، بالأسماء الأدبية، وبتوزعها وانتشارها الثقافي ـ الجغرافي. وتحت كل عنوان، تكمن العديد من التفصيلات اللافتة، والغنية، والكثير الكثير من الأسماء الأدبية اللامعة، التي ما نزال بحاجة إلى جهود الناعوري في التعريف بها، والاحاطة بنتاجها.

.alrai-related-topic { width: 100%; } .alrai-related-topic .wrapper-row { gap: 27px; flex-wrap: nowrap } .alrai-related-topic .item-row { padding-right: 1px; width: 280px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info { padding: 15px 15px 28px 16px; border: 1px solid rgba(211, 211, 211, 1); height: 118px; } .alrai-related-topic .item-row .item-info a { color: #000; color: color(display-p3 0 0 0); text-align: right; font-family: Almarai; font-size: 15px; font-style: normal; font-weight: 800; line-height: 25px; text-decoration: none; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; display: -webkit-box; overflow: hidden; } @media screen and (max-width:768px) { .alrai-related-topic .wrapper-row { flex-wrap: wrap } .container .row .col-md-9:has(.alrai-related-topic) { width: 100%; } .alrai-related-topic { margin-top: 10px; } .alrai-related-topic .item-row { width: 100%; } }
#Alrai_LB_01_HomePage_2 { width: 300px; height: 250px; background: color(display-p3 0.9333 0.9333 0.9333); margin:23px auto; } #widget_1895 #Alrai_MPU_01{ margin-top:42px;}
.alrai-culture-art-widget{border-right:1px solid #d9d9d9;padding-right:11px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1 a{color:color(display-p3 0 .6157 .8745);text-align:right;font-family:Almarai;font-size:24px;font-style:normal;font-weight:800;line-height:39px;text-decoration:none;padding-bottom:5px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1{margin-bottom:26px}.alrai-culture-art-widget .title-widget-1::after{content:"";position:absolute;left:0;right:0;bottom:0;background:linear-gradient(90deg,rgba(0,85,121,.05) 0,#009ddf 100%);z-index:1;height:3px;width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-row{width:100%}.alrai-culture-art-widget .img-ratio{padding-bottom:58%}.alrai-culture-art-widget .item-info{padding:23px 0}.alrai-culture-art-widget .item-info a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:first-child)>a{display:none}.alrai-culture-art-widget .item-row a{color:#000;color:color(display-p3 0 0 0);text-align:right;text-decoration:none;-webkit-line-clamp:3;-webkit-box-orient:vertical;display:-webkit-box;overflow:hidden}.alrai-culture-art-widget .item-row:not(:last-child){border-bottom:1px solid #d9d9d9}@media screen and (min-width:1200px){#widget_1703 .alrai-culture-art-widget{border-right:0px;padding-right:0}}
.alrai-epaper-widget{margin-top: 20px; max-width:250px}
Tweets by alrai
.alrai-facebook-embed{margin-top: 70px;}
#Alrai_LB_01_HomePage_2 { width: 300px; height: 250px; background: color(display-p3 0.9333 0.9333 0.9333); margin:23px auto; } #widget_1895 #Alrai_MPU_01{ margin-top:42px;}
#widget_2097 .alrai-section-last-widget {padding-top:35px;margin-top:0;} .alrai-section-last-widget .row-element .item-row .img-ratio{ display:flex; } /* Horizontal scroll container */ .alrai-section-last-widget .full-col { overflow-x: auto; overflow-y: hidden; -webkit-overflow-scrolling: touch; width: 100%; } /* Flex container - critical changes */ .alrai-section-last-widget .content-wrapper { display: flex; flex-direction: row; flex-wrap: nowrap; /* Prevent wrapping to new line */ align-items: stretch; width: max-content; /* Allow container to expand */ min-width: 100%; } /* Flex items */ .alrai-section-last-widget .item-row { flex: 0 0 auto; width: 200px; /* Fixed width or use min-width */ margin-right: 7px; display: flex; /* Maintain your flex structure */ flex-direction: column; } /* Text handling */ .alrai-section-last-widget .article-title { white-space: nowrap; /* Prevent text wrapping */ overflow: hidden; text-overflow: ellipsis; display: block; } /* Multi-line text truncation */ .alrai-section-last-widget .item-row .item-info a { display: -webkit-box; -webkit-line-clamp: 3; -webkit-box-orient: vertical; overflow: hidden; white-space: normal; /* Allows line breaks for truncation */ } /* Hide scrollbar */ .alrai-section-last-widget .full-col::-webkit-scrollbar { display: none; } @media screen and (min-width:1200px){ .alrai-section-last-widget::after { transform: translateX(0); } } @media screen and (max-width: 768px) { .alrai-section-last-widget .row-element .content-wrapper { flex-direction: row !important; } .alrai-section-last-widget::after{ transform: translateX(100%); right:0; left:0; } }
.death-statistics-marquee .article-title a,.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{text-align:right;font-family:Almarai;font-style:normal;font-weight:700;line-height:25px;text-decoration:none}.death-statistics-marquee .breaking-news-wrapper{width:100%;display:flex}.death-statistics-marquee .breaking-news{background-color:#7c0000;padding:22px 17px 24px 18px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px}.death-statistics-marquee .breaking-news-content{background-color:#b90000;padding:22px 18px 24px 21px;color:#fff;text-align:right;font-family:Almarai;font-size:22px;font-weight:700;line-height:25px;width:100%;position:relative}.full-container .marquee-container-widget:not(.relative-widget) .wrapper-row{position:fixed;width:100%;right:0;bottom:0;z-index:100000}.death-statistics-marquee .marquee-container-widget .title-widget-2{width:75px;background-color:#757575;color:#fff;height:60px;display:flex;align-items:center;justify-content:center}.death-statistics-marquee .title-widget-2 a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:15px;padding:16px 18px 16px 15px;display:block}.death-statistics-marquee .content-row:not(.content-row-full){width:calc(100% - 100px);background-color:#000}.death-statistics-marquee .content-row marquee{direction:ltr}.death-statistics-marquee .content-row .img-item{display:inline-flex;height:60px;align-items:center;vertical-align:top}.death-statistics-marquee .content-row .article-title{height:60px;display:inline-flex;align-items:center;color:#fff;padding:0 15px;direction:rtl}.death-statistics-marquee .article-title a{color:#fff;color:color(display-p3 1 1 1);font-size:17px}.death-statistics-marquee .title-widget-2{width:100px}#widget_1932{position:static;bottom:0;width:100%;z-index:1}