أذكر في مرحلة الثورات العربية (الربيع العربي) وفي خضم هذه التحركات غير المسبوقة مقياسا بكونها عابرة للحدود والطوائف والجنسية، وأيضا وهو الأهم أن محركاتها الجبارة المتمثلة في الشباب العربي على مساحة كل الوطن العربي بشكل مباشر وغير مباشر تلك الاماني والامال في تحقيق مطالب هؤلاء والتي كانت تنطلق من مرتكزات العدالة واتاحة الفرص والكرامة.
وكم كان الشعب الاردني متمترسا خلف الشاشات الصغيرة والكبيرة متواصلا مع معارفه من الاشقاء العرب ليل نهار ليطمئن على الاوطان اولا وعلى معارفه ثانيا وخلال ملاحقتي للاخبار المتلاحقة اشار لي صديق في احدى هذه الدول وقال ان هذه الثورات ستصل الى كل بلد عربي وان الاردن ليس استثناء، عندها قلت له ان الاردن استثناء والاستثناء لا يعمم والسبب يعود الى مستوى تطور الوعي الجمعي للشعب الاردني والذي حباه الله بملك قد تنبه ومن خلال حنكته السياسية الى وجع الشباب والشعوب العربية ومنهم الشعب الاردني والذي لا يمكنه ان يستكين او يلين عنما يتعلق الامر بكرامة وطنه وابنائه ولذلك ومنذ اليوم الاول لتولي جلالة الملك لسلطاته الدستورية طرح مشروعا ضخما ومتدرجا للاصلاح الشامل يرتكز بجوهره على كل الاسباب والدوافع التي ادت الى ثورات الربيع العربي وهذا كله قبل عقد من انطلاق تلك الثورات معتمدا على حلقة وصل وخارطة طريق تتجلى في نتائجها على توسيع دائرة المشاركة الشعبية في صناعة القرارات المصيرية والمعاشية اليومية وتكررت المبادرات الملكية والمبادرات المؤسساتية الرسمية وغير الرسمية وخاض الاردن من خلال مجتمعه المدني انغماسا كليا في ترجمة الاصلاح الشامل وجاءت الاوراق النقاشية لتؤكد اصرار النظام السياسي الاردني على الاصلاح الشامل مبتعدا تماما عن القصرية او الجبرية في تبني مشروع الاصلاح الشامل ووضع هذه الاوراق بين يدي الشعب الاردني ونخبه للنقاش والحوار وصولا الى توافق حقيقي حول هذه الاوراق بالرفض أو بالدعم.
كل ذلك كان الشعب الاردني يخضع الى تحول حقيقي وتوسيع خاصة لمؤسسات المجتمع المدني في اشراك اوسع قطاعاته وخاصة الشباب والمرأة في العمل المجتمعي تمهيدا لتهيئته ورفع مستوى استعداده للمشاركة السياسية تمهيدا ايضا الى صقل تلك المبادرات وان يشعر كل اردني بانه مواطن من الدرجة الاولى والوحيدة لترسيخ مفهوم المواطنة الفاعلة.
فرغم الثورة (المضادة) اي قوى الشد العكسي التي كانت وما زالت تتمترس خلف العصبوية ومكتسباتها وتخاف من التغيير الى الامام مع ذلك اصر جلالة الملك على مشروع الشعب الاردني للاصلاح الشامل ولذلك تم تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية للاصلاح، وذلك من أجل أوسع مشاركة لمكونات تلك اللجنة للوصول الى توافق حول انجع السبل لترجمة مفهوم الاصلاح الشامل.
ومن هنا ومن خلال احترامه وتقديره للنخب السياسية ولقاء جلالته بمجموعة جديدة من رؤساء ووزراء سابقين لوضعهم بصورة ما يجري والتشاور معهم لدمجهم من خلال خبراتهم العميقة وتجاربهم في كل المجالات، ليكونوا سندا ورديفا يغلفون هذا الوطن من خلال احتضانهم ودعمهم لمخرجات وتجليات مشروع الإصلاح الشامل.
فجلالة الملك ديدنه دائما احترام ذوي الخبرة، واعلام الاردن البارزة التي انارت الطريق لجيل الشباب الصاعد ووضعته أمام مسؤولية التحديث والمعاصرة.
المسؤولية المجتمعية في تجليها السياسي
11:03 23-10-2021
آخر تعديل :
السبت