ضجة سياسية كبيرة تدوّي منذ أسبوعين بعد ان انفجر غضب فرنسا العارم في وجه اميركا التي «لطشت» منها صفقة الغواصات التي كانت استراليا قد تعاقدت على شرائها بمبلغ يفوق الخمسين مليار دولار، مع ان فرنسا هي احدى حليفاتها الغربية التقليدية منذ زمان طويل باستثناء خلاف مبدئي مرير في عهد ديغول وآخر لم يطل في عهد شيراك!
كثرت التعليقات والتفسيرات حول هذا الفعل الغادر الذي ارتكبته الولايات المتحدة وكأنه يحدث لأول مرة في التاريخ مع ان «السوق» العالمي كما التجاري الصغير يعج بالعديد مما يندى له الجبين بين الشركاء من اصحاب رؤوس الأموال عندما تعلو المصلحة الذاتية على اي اعتبار ويكون الفوز ب «العطاءات» اهم من الصداقات، بله القيم الاخلاقية!
نعود للصفقة نفسها لنتساءل والعالم يستعد لليوم الدولي لمكافحة المجاعات وتخفيف مآسيها لدى البشرية، كيف يجوز لدولة ديمقراطية تحترم شعبها، تبذير مبلغ ضخم كهذا لا يمكن ان يكون فائضاً عن حاجتها لمشاريعها التنموية الاساسية، خدمةً لمراكمة أرباح مصانع السلاح الاميركي بشراء أسطول من الغواصات النووية الخطرة بحجة درء عدوان متوهَّم تشنه عليها الصين؟! ام انها الحرب الباردة الجديدة تصطنعها اميركا فتُدخل بها دول العالم في حالة من الذعر يسهل معها قيادها ولأغراضها، كما تجبر بلداً كبيرا كالصين هذا المرة وقد بدأ يتفوق عليها ف? بعض الميادين الاقتصادية والتكنولوجية أن ينجرّ الى سباق تسلح يرهقه ويدمر اقتصاده كما فعلت ذات يوم مع الاتحاد السوفييتي.. فانهار فعلاً بعد ان صمدت شعوبه طويلا وصبرت كثيراً!
منذ زمان بعيد تعلمنا ان اللصوص يمكن ان يختلفوا عند اقتسام الغنيمة بعد نهب ثروات الآخرين وذاك ما يعتقد كثيرون انه سوف يكون مع التكرار احد عوامل الخلاف المدمر للنظام الرأسمالي وقد شهدنا بعضاً من ذلك في الأيام القليلة الماضية،ومنذ زمان ايضاً اكتشفنا ان علماء ومنظّري الاقتصاد الحر(!) الضالعين مع الأهداف الخبيثة لأصحاب راس المال لا يتورعون عن خلق المبررات لهم وهم يجنون الأرباح الهائلة على حساب جوع وحرمان المليارات من سكان الكرة الارضيّة ولو بالمزيد من الحروب واستهلاك(!) الأسلحة الفتاكة بدل زيادة الانتاج السلمي،?الصناعي والزراعي حتى الثقافي، ليصبح الانسان في ظل العدالة الاجتماعية اكثر أمناً وأقل جوعاً ويبدأ بالتوجه نحو الرخاء؟
من ذا الذي يصدق الآن ان الصين بكل نجاحاتها التنموية من اجل شعبها الكبير تتآمر عليه سراً لتزج به في أتون نزاعات مسلحة تحرمه ثمار الازدهار او حَتى في حرب باردة حيث يخزّن الأسلحة ليهدد بها الاخرين؟!
وبعد.. فالإمبراطورية الاميركية التي تعبد اقتصاد السوق مصلحة في إثارة مخاوف دولة كأستراليا من عدوان صيني لا يصدقه أحد فتضطر للإنفاق على التسلّح ولو على حساب علاقاتها السلمية مع الاخرين ومساعيها للتخلص من إرثها الاستعماري البريطاني الذي حاق بها عندما حلت محل السكان الأصليين وأبادت الكثير منهم، وتدرك اليوم ان السلام هو سبيلها للتقدم وليس التهديد بالحرب والتجسس بالغواصات.. النووية!
مواضيع ذات صلة