محليات

حوارية حول الهاشميين وتطور الدولة المدنية

ضمن برنامج حوارات ثقافية الذي ينظمه المركز الثقافي الملكي أسبوعيا، أقيمت ندوة حوارية بعنوان "الهاشميون وتطور الدولة نحو المدنية "، تحدث فيها كل من الوزير الأسبق سميح المعايطة والمؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي.

وبين المجالي أهمية العنوان الذي لم يطرق كثيرا، ويحتاج إلى إيضاح وتجلية لما ينطوي عليه من أهمية بالغة تعكس الجهود المخلصة التي بذلها الملوك الهاشميون منذ تأسيس الدولة الأردنية.

كما تحدث عن الأصول التاريخية للدولة المدنية في عهد الهاشميين، مستذكراً دار الندوة في زمن قصي بن كلاب، وتقاسم قريش الرفادة والسقاية وخدمة الحجيج في عصور ما قبل الإسلام، وصولا إلى الدولة الأردنية الحديثة التي من الله علينا فيها بالهاشميين، حيث حرص أول ملوكها الملك المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين منذ بداية عهده على الشورى، ونشر الفكر والأدب والثقافة من بلاطه في وقت مبكر من عمر الدولة، وظلت هذه الدولة الأردنية تجدد نفسها في البنى التشريعية والقانونية والمؤسسية، واستطاعت أن تنظم المجتمع الأردني في أطره المدنية، ولم تشكل البداوة والطبيعة العشائرية المتماسة مع الدين عائقا أمام تطور الدولة المدنية، واستمرت مسيرة التحديث والتنمية نحو المدنية بتفعيل سيادة القانون، وتعزيز فكرة المواطنة، ومبدأ الفصل بين السلطات، وحرية الفكر، وحق ممارسة الشعائر الدينية في جو من السلم والأمن الاجتماعي، واستشهد د. المجالي ببعض أقوال الملك الباني الحسين بن طلال رحمه الله التي تؤكد أن الهاشميين ما كانوا يوما إلا طلابا للتضحية والبذل خدمة لدينهم وأمتهم، كما عرض للأوراق النقاشية لجلالة الملك عبد الله الثاني، ولا سيما ، ورقته النقاشية السادسة، وعنوانها "سيادة القانون أساس الدولة المدنية" وربط المتحدث بين ثبات واستقرار الدولة الأردنية لمئة عام متجددة، وبين الصبغة المدنية التي تم إرساؤها منذ أول يوم لتأسيسها.

وأشار سميح المعايطة إلى طبيعة المجتمع الأردني المتسامح الذي يعيش فيه الأردنيون من مختلف منابتهم ومشاربهم مسلمين ومسيحيين، من الحضر والبادية، والشركس، والأرمن والشيشان...إلخ متجانسين متحابين، وقد عمل الملك المؤسس على أن تكون هذه الدولة الناشئة ديمقراطية منذ البداية، حيث اختار مجلسا استشاريا من أقاليمها الستة آنذاك، وكان عاقد العزم على إنشاء صيغة برلمانية منذ البداية لولا أن الانتداب البريطاني ساهم في تأخير ذلك حتى عام 1928 وعمل الأمير آنذاك، الملك فيما بعد على تأسيس صحافة وطنية، وكان - رحمه الله- يكتب بنفسه افتتاحيات الصحف آنذاك، ولعل من الأدلة على التوجهات المدنية للدولة منذ نشأتها أن الحكومة الأردنية الأولى لم يكن بها سوى وزيرأردني واحد، وقد نمت الدولة الأردنية بعد ذلك، وتطورت في شتى المجالات، وظلت عبر كل مراحلها تحرص على تمتين دعائم الديمقراطية، ولم تقف البنية العشائرية للمجتمع الأردني عائقا في طريق سعي الدولة نحو طابعها المدني، حيث انخرط الأردنيون في أجهزة الدولة بالرغم من أن رؤساء الحكومات حتى عام 1955 لم يكونوا من سكان البلاد الأصليين، وهزاع المجالي هو أول رئيس حكومة شرق أردني، وهي الحكومة الثانية والثلاثون، وأكد المعايطة أن الثقافة المحلية والمرجعية الإسلامية التي تؤمن بحرية ممارسة الأديان والطقوس والعادات أسهمت في احتضان مشروع الدولة المدنية ولم تصطدم به، وضرب أمثلة على بعض الشخصيات القبلية التي كان لها دور كبير في دعم مشروع الثورة العربية الكبرى وبناء الدولة الأردنية الوارثة لهذه المبادى، ومن هذه الشخصيات الشيخ عودة أبو تايه، وغيره من الشيوخ والزعماء القبليين آنذاك على امتداد الجغرافيا الأردنية؛ وبين أن الجغرافيا قدر، وقد رضي الأردنيون بقدرهم، واندمجت جميع عناصرالمجتمع الأردني لتشكّل فسيفساء رائعة، تؤمن بالتنوع في إطار الوحدة، بخلاف ما تعانيه بعض البلدان من تقسيم طائفي وإثني وعرقي يعيق مسارات النهوض والتنمية، بل ربما وصل الأمر إلى إعاقة تسيير الشؤون الحياتية الاعتيادية في بعض الحالات.

وأعقب هذا الحديث حوار واسع بين جمهور الحوارية والمتحدثين، أداره الإعلامي حازم رحاحلة، وقد انصب الحوار في مجمله على إبراز الملامح المدنية في بنية الدولة الأردنية وهياكلها المتعددة، وضرورة تعزيزها وتمتينها باعتبارها الطريق الآمن نحو النهضة المنشودة.