تتسابق الحكومات على مستوى العالم لتبني مختلف الوسائل والسياسات والاجراءات للسيطرة على الطفرات المتتابعة التي تظهر بين الفينة والأخرى على فيروس كورونا منذ أن ظهر لأول مرة في نهاية عام 2019 سواء من خلال اتباع اجراءات صحية وقائية أصبحت مألوفة ومعروفة للجميع وأهمها التباعد الجسدي ولبس الكمامات والتعقيم وتلقي المطاعيم المختلفة. كل ذلك للابتعاد قدر الامكان عن حالات الاغلاقات الكلية أو الجزئية التي اتبعت في بداية ظهور الفيروس لما لها من تداعيات مخيفة على الاقتصاد. وبنفس الوقت تتسابق الدول والحكومات على اتباع مختلف الآليات لاستعادة العافية الى اقتصادات دولها من خلال تبني اجراءات وسياسات لتنشيط القطاعات الاقتصادية ولحفز الطلب الكلي في الاقتصاد، ومن خلال استقطاب الاستثمارات بمختلف أنواعها وأشكالها ومصادرها.
في الاردن، وهو من الدول الأقل تأثراً بالأزمة من ناحية تراجع معدلات النمو الاقتصادي خلال عام 2020 حيث سجل معدل النمو الاقتصادي تراجعا بنسبة 1.6 بالمائة مقارنة مع متوسط عالمي وصل إلى سالب 8 بالمائة، بدأت مسألة التعافي منذ أن تم اعادة بعض القطاعات الاقتصادية للعمل بشكل جزئي أو كلي. وكنا نعتقد أنها تسير بتسارع مع عمليات التطعيم لكافة فئات المجتمع العاملة في مختلف القطاعات. نمو الاقتصاد الاردني بنسبة 0.3 بالمأئة في الربع الأول من هذا العام أمرأيجابي ولكنه بعيدا جداً عن ما هو مأمول.
ولاستعادة العافية وتنشيط الاقتصاد لا بد من اجراء تعديلات هيكلية في صناعة السياسات الاقتصادية باستخدام وتفعيل مختلف الادوات الاقتصادية والنقدية والمالية والاستثمارية المتاحة وغير المفعلة. على الحكومة تبني خطة تحفيز واضحة بالتشارك مع القطاع الخاص مبنية على تحفيز جانبي العرض والطلب في الاقتصاد وفي مختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة تلك التي كانت ساكنة لفترة طويلة. إن استعادة معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة يتطلب ضخ سيولة في الاقتصاد من خلال البنوك والصناديق والاستثمارات لتتوفر بأيدي الناس وفي المشاريع والشركات بمختلف احجامها.
آليات التحفيز يجب أن تنطلق من التحديات التي يواجهها الاقتصاد الاردني من بطالة وفقر ومديونية وعجز وانخفاض انتاجية وقلة استثمارات. الحوافز تكمن في تخفيض الضرائب على القطاعات والشركات المتضررة ومن توسيع الحيز المالي للحكومة وهذا يحتاج لادوات مالية ابتكارية تعتمد الى السيولة المتوفرة في القطاع الخاص ولدى المستثمرين المحليين والأجانب والمغتربين.
خطط التعافي يجب أن تشمل القطاع العام من موازنة وخزينة وخدمات حكومية وطاقة ومياه وغيرها وبنية تحتية واعتماد على الذات، وخطط لدعم القطاع الخاص. لنكثف من مشاريع صيانة شبكة المياة والطرق والبنية التحتية، فمثل هذه المشاريع تحتاج لسنوات لاستكمالها، ولكنها ضرورية لتخفيض الكلف ووقف الهدر في هذه القطاعات الحيوية.
هناك تحول في التوظيف إلى عاملين ذوي مهارات عالية في مجال المعرفة وتكنولوجيا المعلومات، مما يستدعي تسريع الاتجاهات لرقمنة مكان العمل والتحول المستمر إلى الاستهلاك عبر الإنترنت. وهذا يتطلب ربط العاطلين الجدد بسرعة بالصناعات الباحثة عن المهارات والمواهب. ولا بد من مراجعة آليات دعم الشركات وتخفيف شروطها وخاصة التي توفرها الصناديق والشركات التي انشئت في السنوات الاخيرة. يجب أن تقر مختلف القطاعات بأن نموذج العمل الهجين قد يكون هو الشكل الجديد الذي سيسود بعد الانتهاء من هذه الجائحة قريبا.
تحفيز وتشجيع الاستثمار يتطلب توسيع الاستثمارات القائمة باتجاهات جديدة ظهرت اثناء وبعد الجائحة. سرعة الانتقال لتلك الاستثمارت تتطلب من الجهات المعنية بالاستثمار قرارات سريعة وتبني المبادرات الشبابية الابداعية وتوجيه مختلف اليات الدعم اللوجستي والمادي والمالي لها.
آليات استعادة عافية الاقتصاد
11:48 17-7-2021
آخر تعديل :
السبت