كتاب

أرض للفرص ومغناطيس للاستثمار

كان الأردن واحداً من أقل البلدان تضرراً من تداعيات كوفيد 19 مقاساً بنسبة تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي، سالب 1.6 بالمئة عام 2020، مقارنة مع المعدلات في الاقليم والعالم (حوالي سالب 8 بالمئة).

بالمقابل، فقد تضرر بشكل كبير في سوق العمل، حيث ارتفعت نسب البطالة لمستويات لا مثيل لها (25 بالمئة) في سنوات طويلة سابقة، وفي قطاعات السياحة وتوابعها.

ويسعى الأردن ليصبح من أفضل الدول من حيث معدلات التطعيم، حيث أن رفع نسبة التطعيم بين المواطنين سيساعد الاقتصاد وخاصة في القطاعات التي تضررت كثيرا، مثل السياحة والمطاعم والفنادق والنقل وغيرها، في الدخول في خضم تحول سريع للتعافي.

نمو الاقتصاد بنسبة 0.3 بالمئة في الربع الأول من هذا العام مؤشر لبدء التعافي ولكن بمستويات منخفضة جداً. المطلوب انتعاش يثبت قدرة الاقتصاد الاردني على الابتكار والمرونة وهي السمات التي ستجعل الأردن مغناطيساً للاستثمار، وخصوصا في ظل وجود ما يزيد على 80 مشروعاً بحجم استثمار يصل الى 4.6 مليار دولار ستعلن عنها هيئة الاستثمار اليوم في مؤتمر الاستثمار الافتراضي الأول، موزعة في قطاعات اقتصادية مختلفة وذات قيمة مضافة كالصناعة والخدمات والسياحة والزراعة والقطاع الصحي والطاقة والتعدين.

جميع حكومات دول العالم تتنافس على جذب الاستثمارات الاجنبية فيما بينها وتضع تسهيلات كبيرة للمستثمرين لاستقطابهم لدولها، وسيتحول التركيز، كما أخبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مجلس وزرائه يوم الثلاثاء الماضي، إلى توفير الوظائف والاستثمار والابتكار مع خروج البلاد من الوباء.

حتى نسرع من معدلات النمو الاقتصادي لا بد من القيام بعدد من الاجراءات الاصلاحية السريعة لمنح الفرص للمستثمرين للاستفادة من العديد من الاتجاهات الاقتصادية الناشئة الأكثر أهمية من الثورة الصناعية الرابعة (4IR) وذلك بالتركيز على ملء التمثيل الناقص للشباب والمرأة في غرف مجالس الإدارة وحاضنات الشركات الناشئة في جميع أنحاء المملكة، لمنحهم قوة تصويتية أكبر لترجيح الموافقات على المشاريع الريادية.

المزايا والحوافز التقليدية التي تركز على منح اعفاءات من مختلف أشكال الضريبة من دخل وجمارك ورسوم مختلفة لفترات معينة لن تكون هي وحدها التي ستؤثر على قرارات المستثمرين. فهناك وسائل أخرى يجب التفكير بها مثل تشبيك الشركات الجديدة مع الجامعات التقنية لاعطاء المستثمرين فرصاً لتطوير منتجاتهم وفقاً للتغذية الراجعة التي يحصلون عليها من المستهلك النهائي.

كل ذلك يتطلب أيضا التسريع في العمل للانتهاء من مشاريع البنية التحتية التي طال انتظارها، باص التردد السريع مثال صارخ، والتي سيكون أيضا لها دور في قرار المستثمر للقدوم الى المملكة.

أمر آخر مهم يجب الانتباه له وهو أن يسمع المستثمر لغة موحدة من الجهات المعنية في تنظيم وتسهيل الاستثمار، فلا يجوز أن يٌصرِح مسؤول عن منح اعفاء أو حافز معين في منطقة معينة ويصرح مسؤول آخر عن أن هذا الاعفاء أو الحافز هو تشوه ضريبي أو سعري أو غيره. فاذا أردنا جذب الاستثمار فيجب التركيز على الاثار الاقتصادية طويلة الامد للاستثمار وليس على الاثار المالية قصيرة الامد. فالمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الاردني هيكلية وتحتاج لبُعد نظر في القرار الاقتصادي، سواء التشريعي منه أو التنفيذي على مستوى منح موافقات على مشرو? استثماري.

الأردن أرض فرص كثيرة ومتنوعة ويجب أن تكون مغناطيساً لجذب الاستثمارات العربية والاجنبية اليها لمختلف القطاعات، وهذا يحتاج تغييراً جذرياً في ثقافة التعامل مع المستثمر، وقبل ذلك ادخال ثقافة مختلفة لعقلية المقبلين على سوق العمل للقبول بفرص العمل المتوافرة والمدرة للدخل.