كتاب

من يكره من؟

إسرائيل والمنظمات التابعة لها علناً أو في الخفاء تلاحق حركة المقاطعة الفلسطينية الـ BDS في أي دولة فتحاول إجبارها على سن قانون يحرم نشاطها السلمي بحجة انها «معادٍية للسامية» وتحرض على كراهية اليهود! وبنفس هذه التهمة تحاول خنق كل صوت معارض لسياستها الاستيطانية الاستعمارية في فلسطين، وفي نفس الوقت تسمح لمجموعات من المستوطنين اليهود ان يطوفوا بما يسمونها مسيرة الأعلام شوارع القدس العربية وباحات المسجد الأقصى هاتفين جهاراً نهاراً «نحن نكره العرب» و«الموت للعرب»!

كره اليهود للآخرين (الغوييم) ليس جديداً لكنه تاريخياً بعد الهولوكوست وهزيمة ألمانيا النازية وانقيادهم التام للصهيونية أخذ اشكالاً من الانتقام والابتزاز وفرض الاتاوات والتعويضات المالية الفادحة ليس فقط على ألمانيا بل على دول اخرى كهنغاريا التي رغم معاناتها الشديدة جراء احتلال هتلر لها واقامته ثلاثة معسكرات اعتقال رهيبة فيها ضمت خلف جدرانها ابرياء من مواطنيها، يهودا وغير يهود، عوقبت بدفع تعويضاتٍ مبالغٍ فيها حتى فاض بها الكيل اخيراً وأعلن رئيس وزرائها قبل ايام انه لن يذعن لهذه العقوبة بعد الآن.

منظمات عديدة حول العالم تهيمن عليها اسرائيل ربما كان أشهرها الآيپاك تُمارس اشكالاً مختلفة من استغلال تهمة اللاسامية بفرض آرائها السياسية على حكومات وأحزاب وقادة رأي ووسائل إعلام، لكن لم يخطر ببالي ان هذه المنظمات العالمية (!) تقوم كذلك وبسوء نية بجمع تصريحات او تعليقات لأشخاص يمكن استخدامها في اي يوم من الأيام ادلةً على مواقف «لا سامية»، فقبل ايام ارسل لي حفيدي من اميركا مع بعض الاستغراب مقطع فيديو وجده على احد المواقع وهو يبحث عما يمكن ان يفيد في الاجابة على أسئلة صديق له حول القضية الفلسطينية، وتبين انه مُستَلٌّ من مقابلة تلفزيونية لي قبل عامين كنت أروي فيها قصة اول مظاهرة سياسية اشتركتٌ بها وعمري تسع سنوات تأييداً لثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام ١٩٤١ والطريف أن المتظاهرين كانوا يهتفون «يعيش ابو علي» ويقصدون هتلر زعيم ألمانيا المؤيد لتلك الثورة والمعروف بعدائه لليهود وكانوا آنذاك يتدفقون على فلسطين بالتواطؤ مع حكومة الانتداب البريطانية تمهيداً لطرد سكانها العرب وإقامة دولة اسرائيل، وركّز المقطع على قولي ان العرب كانوا يكرهون اليهود، وبماذا غير ذلك كان يمكن أن أصف مشاعرهم في تلك الحقبة!؟ كما أبرز المقطع «صفتي الحكومية «قبل المقابلة بثلاثة عقود من الزمن! فكان من الضروري أن أوضح لحفيدي سوء نية الجهة الموزعة للفيديو اذ ما كنت يوماً متعصبا ضد اليهود كأصحاب ديانة بل معاديا ومقاوماً لأي صهيوني اعتدى عَلى فلسطين والفلسطينيين والعرب او على اي شعب في العالم.

وبعد.. بالعودة الى الفيديو، لقد تبين ببعض الاستقصاء أن الجهة التي توزعه وربما كثيراً مثله أو أهم، هي هيئة ثقافية عالمية(!) تضم في مجلس ادارتها شخصيات كبيرة مؤثرة كإيهود باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق الذي اغتال بيده ذات يوم من عام ١٩٧٣في بيروت عدداً من قادة المقاومة الفلسطينية!