سمر الصوالحي
لم يعد خافياً أن مستقبل المجتمعات يُبنى بطاقات شبابها ولا يرتبط فقط بما يُتخذ من قرارات وما يُصاغ من سياسات واستراتيجيات، فالجزء الرئيس هو تمكين وتمليك الشباب لوسائل ومهارات إتخاذ القرار ليكونوا قادرين على تنمية مجتمعاتهم وتطويرها.
عندما نتحدث عن تأهيل وتأطير الشباب وبناء قدراتهم فإن أول ما يتبادر إلى الاذهان هو الكيانات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تُعنى بتمكين الشباب في مختلف مجالات العمل السياسي والعام، هذه المؤسسات التي ينضوي كثير منها تحت مظلة مؤسسات المجتمع المدني، بدت في الآونة الأخيرة لاعباً رئيسياً في توجيه فكر الشباب وتمكينهم من القيام بأدوارهم، إلا أن هناك جملة من الملاحظات التي تجدر الإشارة إليها إزاء هذه الجهات، حيث يعد أخذها بنظر الاعتبار عاملاً مساعداً في رفع سوية الشباب وتطوير أداء هذه الجهات على اختلاف مرجعياتها ووظائفها.
لابد من إيلاء مختلف المحافظات والمناطق الاهتمام اللازم واستهداف الشباب أينما وجدوا، خاصة وأن هناك طاقات شابة واعدة في الأطراف لا يجدون من يمنحهم الفرصة لإيصال أفكارهم، وتطوير وتوسيع مداركهم، فمن الملاحظ أن هناك في كل ما ينظم من برامج وأنشطة تستهدف الشباب حالة من التكرار في الوجوه، مما يعكس انطباعاً سلبياً مفاده ضعف قدرة الوصول واختلال معايير الاختيار، الأمر الذي يؤثر على المصداقية وتطبيق معيار تكافؤ الفرص.
الجانب الثاني الذي تجدر الإشارة اليه حالة التنافسية التي غلبت على الجهات والمؤسسات التي دخلت معترك التمكين وبناء القدرات، هذه التنافسية التي أصبحت تؤثر على المحتوى المُقدم في كثير من المؤسسات، حيث أصبح جذب الفئات الشابة معتمدٌ على ما يمكن تقديمه لهم من حوافز الأمر الذي يؤثر سلباً على طموحات الشباب وبوصلتهم، حيث يبدأ البحث عن المزايا بصرف النظر عن المحتوى الذي يشهد هو الآخر من التكرار الشيء الكثير.
بصورة عامة فقد وجب التذكير والتأكيد على أن تمكين وتطوير قدرات ومهارات الشباب وخلق جيلٍ واعٍ بحقوقه وواجباته هو مشروع وطني ينعكس على الوطن بمختلف مكوناته، بالتالي فالنظر للشباب يجب أن يكون من بوابة الاستثمار في المستقبل وفق معايير أساسها الشمول وتكافؤ الفرص بعيداً عن أية حسابات ضيقة من شأنها وضع عمل هذا الجسم المهم في دائرة التشكيك والتخوين خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني التي لمس الجميع عمق تأثيرها ودورها في القضايا التي دوت في الرأي العام المحلي.