شباب وجامعات

ما إيجابيات وتحديات العمل أثناء الدراسة؟

عمان - د. أماني الشوبكي

يتوجّه العديد من الطلبة الجامعيين وطلبة المدارس في المرحلة الثانوية للعمل أثناء فترة دراستهم، وهو ما يعتبرونه في كثير من الأحيان تحدّياً لهم، وفي الوقت ذاته؛ فرصة ذهبية لاكتساب المزيد من الخبرات المهنية والحياتية، بغضّ النظر عن دوافع التوجه للعمل.

وهناك عدّة أسباب قد تدفع الشباب للعمل أثناء الدراسة الجامعية، أوّلها أن نسبة غير قليلة من الطلبة لا يملكون رفاهية الاختيار، بل يبحثون عن العمل كي يستطيعوا إكمال دراستهم وتمويل أنفسهم.

ولكن، في المقابل هناك العديد منهم، يتوجهون للعمل قبل التخرج بهدف اكتساب الخبرات والمهارات العملية، وبخاصّة في مجالات الدراسة التي تتطلب الحصول على خبرات عملية لدخول سوق العمل بعد التخرج.

وبغض النظر عن الأسباب التي تجعل الطلبة يبحثون عن العمل، إلا أنه، وبحسب أهاليهم والأخصائيين، تكون إيجابياتها عليهم أكثر بكثير من سلبياتها.

لميس الزعبي، طالبة سنة ثالثة، وصاحبة مشروع منزلي، تتحدث عن تجربتها في العمل، وتقول إنها لم تستسلم عند عدم نجاحها في الثانوية، وأنشأت مشروع «سوشي» منزلياً لكي تعتمد على نفسها من جهة، وتقضي على وقت الفراغ وتساعد نفسها مادياً من جهة أخرى.

وهي لاحظت أن العمل أثناء الدراسة يقوي من شخصية الطالب ويساعده على تحدي المشكلات كافة ويعطيه شعوراً بالثقة وأنه شخص منتج وليس فقط مستهلك.

زين العمري طالبة سنة رابعة في كلية تكنولوجيا المعلومات، وتعمل موظفة في خدمة الزبائن في أحد المطاعم وتعتبر نفسها مثابرة ومتحملة للمسؤولية حيث تعتمد على نفسها في تأمين رسوم جامعتها.

وتشير العمري إلى أنه في البداية رفض والداها أن تقوم بالعمل وهي غير حاصلة على شهادتها الجامعية وكانت حجتهما أنّ ذلك من الممكن أن يؤثر على تحصيلها الجامعي، إلا أنها وعدتهما بأنها ستوازن بين دراستها ووظيفتها.

وحول الأثر الذي يتركه العمل على شخصيتها، تؤكد العمري أن العمل أثناء الدراسة ينمي مهارات الشباب ويصقل شخصياتهم ويجعلهم يستشعرون بقيمة كل شيء وينظرون إلى الحياة بمنظار أكثر وعياً.

أحمد نورالدين والد لشاب في المرحلة الثانوية، يؤيد ضرورة عمل الشباب في مرحلة عمرية معينة قبل الحصول على الشهادة الجامعية، لما لها من أثر على نفسيتهم وشخصيتهم.

ويؤكد نور الدين أنه يوفر لابنه في كل عطلة صيفية وظيفة تتناسب مع عمره وقدراته، حتى ينمّي شخصيته ويجعله يكتسب خبرة تساعده مستقبلياً في كل شيء.

ويشدد على أهمية دور الأهل في مراقبة أبنائهم أثناء عملهم، وبخاصة الأصغر عمراً، وإعطائهم فرصة لإثبات نفسهم.

الشاب سمير مبيضين طالب هندسة سنة ثالثة، يعمل في إحدى شركات المقاولات عامل بناء، ويؤكد أن عمله في هذه الشركة يساعده في دراسته الجامعية ويسهل عليه تعلمه.

وكما يبين أنه يساعد في تأمين متطلبات الجامعة خصوصا أن دراسته تحتاج للكثير من الأدوات التي لا تستطيع عائلته توفيرها له وهو يؤمّنها من راتبه.

ويبين المبيضين أن عمل الشباب في هذا العمر «ضروري»؛ إذ لم يعودوا، كما كان في السابق، يشعرون بالخجل، بل على العكس، هناك «الكثير من الشباب المقتدرين ماديا ويعملون ليملأوا وقت الفراغ بشيء مفيد.

ويشير إلى أن العمل أثناء الدراسة «له ايجابياته الكثيرة، التي منها أنها تساعد في تأمين المصاريف الجامعية وتخفف الحمل عن الأهل، وكذلك يصقل شخصية الشباب».

ويستدرك بالقول أن له سلبيات، منها: «أنه أحياناً قد يؤثر على تحصيلهم الجامعي إن لم يستطيعوا أن يوازنوا بينهما».

سهم زريقات، طالب جامعي، ويعمل في أحد المراكز التجارية، يثني على فوائد عمل الشاب أثناء الدراسة بدلاً من وقت الفراغ الذي يقضيه بلا فائدة..

إذ يعمل زريقات منذ سنة، والسبب ليس لمساعدة أهله أو تأمين رسومه الجامعية، وإنما ليصقل شخصيته ويكتسب الخبرة العملية في العمل.

وحول تحديات العمل تلفت إيناس عطاري، وهي طالبة جامعية في السنة الخامسة، إلى أن العمل أثناء الدراسة ليس بالأمر السهل؛ لأنه يحتاج ساعات طويلة، وأصحاب العمل في أحيان كثيرة يحاولون استغلال الشباب الذين يجمعون بين العمل والدراسة، فيكون ذلك على حساب الدراسة والتحصيل العلمي.

كما تبين أنها تعمل منذ تخرجها في الثانوية العامة لتساعد في تأمين احتياجاتها الشخصية التي يصعب على أهلها توفيرها لها وأنها عندما بدأت بالعمل لم تستطيع دائماً أن توفق بين العمل والدراسة ما استدعاها لتأجيل دراستها مرتين.

ضغط الوضع المادي

الخبير الاقتصادي الدكتور وجدي مخامرة يتحدث عن أعداد كبيرة من الشباب، وبخاصة في وقتنا الحالي، يعملون أثناء دراستهم وبخاصة في ظل جائحة كورونا.

والسبب، في تقديره، «اقتصادي بحت» خصوصا أن هناك العديد من الشباب فقد آباؤهم العمل في هذه الجائحة، ما اضطرهم إلى تقليل ساعات الدراسة والتوجه للعمل لمساعدة أسرهم وأنفسهم.

ويشير إلى أن الأسباب المادية تعتبر أقوى دوافع العمل أثناء الدراسة، وذلك إما لتلبية احتياجات الدراسة ذاتها من مصاريف دراسية وأقساط جامعية ومصروفات شخصية، أو بسبب ظروف عائلية تستدعي عمل الطالب، في حالات أخرى قد يكون الطالب قادر على تأمين مصروفات دراسته الأساسية من خلال أهله، لكنه يلجأ للعمل لتلبية الاحتياجات الثانوية التي تتزايد في مرحلة الدراسة الجامعية.

ويلاحظ المخامرة أن هناك جزءا من الشباب يعملون كمتدربين ضمن تخصصاتهم في بعض المؤسسات مقابل الحصول على مبلغ مادي بسيط يساعدهم في نفس الوقت.

وعن سلبيات ذلك يشير إلى أنه من الممكن أن يشكل العمل أثناء الدراسة شعورا بالضغط لتحقيق التوازن بين العمل والدراسة. وينبه إلى أنه ليس جميع الشباب قادرون على تحقيق الموازنة أو احمّل الضغط، ومنهم من يترك الدراسة ويهملها عند العمل ليحقق دخلا أفضل إذا قدم جهدا أكبر وعمل ساعات أطول.