في مداخلتي خلال مناقشة (النواب) الموازنة العامة للدولة ركزت على أن الإصلاح الإداري هو الهدف والرافعة والركيزة لكل مشروع إصلاح شامل، وهو الإصلاح الإداري، إذا ما أردنا أن ننتقل انتقالاً جذرياً نحو الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي، إذ يجب أن يتكأ ذلك الإصلاح على مرتكزات عدة، عبر سيادة القانون وتكافؤ الفرص والعدالة في توزيع المكتسبات الوطنية، هذه الركائز إذا ما اتبعت تحت يافطة الغاء المحسوبية والمحاصصة والواسطة، التي ستؤدي بكل تأكيد إلى رفع كفاءة الإدارات ونقلها إلى مرحلة المأسسة الحقيقية ورفع كفاءة الإ?ارات البيروقراطية المترهلة، التي باتت تعتبر أن الوظيفة هي ضمان شهري لمدخلاتها المادية، سواء عملت بجد أو اجتهدت أو لم تجتهد، فالمعاش مضمون والراتب والتقاعد وكل تلك المحفزات واجبة دون حق.
هذا الترهل الإداري وعدم سيادة القانون والعدالة، وعدم اعتماد الكفاءة لصالح المحسوبيات والمحاصصة المريضة العائلية والمكانية والعرقية والطائفية، أدى إلى تلك الفاجعة التي يصطدم بها وطننا الحبيب، والتي أصبحت ضمن إطار موسمي مستدام ينذر بأن الاستمرار لهذا النهج سيؤدي إلى ثغرات عميقة تعمق الترهل الإداري وشوائبه وأمراضه، وبذلك تساهم في نزيف مستمر للطبقة الوسطى، التي تعتبر معيار ومقياس الصحة المجتمعية والتنموية والثقافية للأوطان.
إذ أن ذلك الترهل الإداري وأمراضه المستدامة والتي تحولت من عرف ووعي في كثير من الأحيان وجداناً مجتمعياً أدى الى ان كثيراً من الكوادر المبدعة والمتحمسة والتي تتوق لخدمة الوطن والتي تعتبر انها قادرة على الأداء الأمثل في حال حصولها على فرصة، كونها لا تعتمد على أي مرجعية غير بنائها الاكاديمي وذلك يحتم عليها التطوير الذاتي والادائي حتى تتطور وتحافظ على صعودها الى الأعلى دون محاصصات مكانية وعرقية بل إبداعية أدى بها الى الهجرة.
فالمعايير والأولويات ليس لصالحها ولأنها لتلك الشريحة المتنفذين من أصحاب الولاءات الثانوية وأصحاب الصوت الشعبوي العالي البغيض وقوى ولوبيات الشد العكسي.
هنا تكمن المشكلة فالخيارات محدودة أما الالتحاق القصري لفئة العاطلين عن العمل، وأما الهجرة ويذهب به وبعائلته إلى مصاف الطبقة الفقيرة، التي تعتمد على المساعدات والهبات الحكومية، هذا مثال واقعي وبسيط حول ذلك النزيف ولذي بدوره سيؤدي إلى الهجرة محلية الى القطاع العام الى القطاع الخاص وبين الهجرة خارج الوطن فالكادر الأردني مطلوب بتفانيه واخلاصه على مستوى العالم.
وهنا حدث ولا حرج من الأمثلة من أصحاب صالات الأفراح والمطاعم وقطاع النقل.. الخ من تلك القطاعات
هذا بالضبط ما أدى إلى أن الاستهتار في سيادة القانون تحت شعار أن من وظفني في مكان لا استحقه يستطيع أن يحميني أن تجاوزت مسؤولياتي واهملت في أدائها.
إذن هل سنبقى دون مرجعيات محاسبية حقيقية وقوانين عقابية غليظة لكل من يمارس الفساد الإداري الذي بدوره هو المسبب الحقيقي لكل الكوارث وخاصة فاجعة السلط الأليمة، رغم أننا ومنذ سنتين تقريباً في حالة طوارئ صحية استثنائية، أوهمنا أنفسنا والعالم بأن نظامنا الصحي متماسك وقادر ومتقدم على مستوى العالم، ونفاجأ بما أدى اليه ذلك الترهل واثره على سمعة الأردني وعلى مخططاته في سياحته العلاجية.
ما عاد الأمل إلى أنه سيحصل ثورة طبيعية استثنائية تستهدف الترهل الإداري وتستهدف الثغرات والهفوات التي تؤثر على محورية المواطن في الاستراتيجية الملكية هو السرعة الاستثنائية في وصول جلالة الملك إلى موقع الحدث والقرارات الاستثنائية الحازمة والحاسمة والقطعية بمحاسبة سلسلة المتورطين في كارثة السلط واقفا بين أبناء السلط الابية معطيا املا حقيقيا بان التغيير قادم لا محالة مما جعل الاطمئنان المجتمعي ليس على مستوى السلط الحبيبة، وإنما على مستوى الوطن بشموليته بان جلالة الملك متابع لكل صغيرة وكبيرة وهو دائماً وأبداً..?مع الحدث وقبل الحدث أحياناً.
مواضيع ذات صلة