يتخذ صناع القرار وراسمو السياسات في القطاع المصرفي سلسلة من الإجراءات لمرحلة ما بعد الجائحة، تلك التي غيرت جملة من الظواهر التي كنا نشهدها ونخال أنها ثابتة عبر الزمن. فاليوم تُغلب البنوك في إطار مسؤوليتها الاجتماعية نحو الموظفين والعملاء الأمن الصحي كأولوية لا جدال فيها، حيث تحول العديد من الموظفين ومنذ بداية الجائحة للعمل عن بعد من أجل الحفاظ على إجراءات السلامة العامة، وخفض التكاليف التشغيلية وزيادة الإنتاجية بالاضافة إلى تعظيم ثروة المساهمين بشكل أساسي. إن العمل المرن أو العمل عن بُعد لربما سيكون النهج المستقبلي المتبع للقطاع المصرفي خصوصاً مع ارتباط الخدمات المصرفية مع أبعاد الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي.
يرتبط العمل عن بعد بالعديد من الإيجابيات التي اختبرتها البنوك والموظفون والعملاء إلا أن الأمر لا يخلو من السلبيات والمخاطر التي تهدد الأمن السيبراني والمتعلقة بالهجمات الالكترونية خلال ذروة تفشي الوباء وموجة الإغلاقات. تتبنى البنوك العالمية اليوم فكرة العمل عن بعد حتى بعد انحسار الوباء بمعنى أن عمل الموظفين سيكون بشكل دائم أو بأسلوب التناوب.تدرك البنوك أهمية التحول الرقمي وتدفع بعجلة الابتكار في تقديم الحلول والخدمات المصرفية على نطاق واسع وهذا ما يسهم في خلق قيمة مضافة للمستهلك المالي ويعمل على التكيف مع ?اقع جديد وتعزيز التفاعل مع التطبيقات والبرامج وحتى الموظفين العاملين بشكل افتراضي عن بعد.إن ساعات العمل المرنة ستبقى مرهونة بالواقع المستحدث الذي فرضته الجائحة حيث توفر البنوك كافة المنصات والبرمجيات التي تساعد الموظفين على العمل وكأنهم في مكاتبهم ما له الأثر الايجابي على أداء الأعمال.
عالمياً تعتبر البنية التحتية الرقمية والانترنت أساساً في التحول للعمل عن بعد خصوصا في القطاع المصرفي وكذلك التأقلم مع الخدمات المصرفية الجديدة بالاضافة إلى تطور ثقافة المستهلك المالي في استخدام الرقمنة. وهذا منوط بتقليص عدد الفروع وهذا ما شهدته البنوك الأوروبية على سبيل المثال لا الحصر، والوصول لأكبر شريحة من العملاء مع الحفاظ على جودة الخدمات المقدمة وتطورها التي أثبتت كفاءتها في بعض الدول.
لن يكون الأمر كسابق عهده ما قبل الوباء لا محالة، وهذا ما يشكل تحديا جديدا في تعزيز التكامل الداخلي ما بين الأقسام داخل البنك الواحد، وبناء الاستراتيجيات والخطط والبرامج لتقليل المخاطروزيادة الجودة وتعزيز ثقافة الحوار المفتوح واتخاذ القرارات عن بعد. وبرغم كفاءة الخدمات المصرفية إلكترونياً إلا أننا بحاجة لتغيير ثقافة المستهلك المالي في كيفية استخدام الخدمات وموثوقيتها حيث أن الأسلوب التقليدي في زيارة الفروع لا زال هاجساً لدى الكثيرين بأنه الأكثر آماناً. لقد خفض العمل عن بعد المساحات المكتبية والكلفة على المو?ف وزاد من انتاجيته كإيجابية ولكنه رفع مستويات البطالة لهذا القطاع.
Haddad_hossam@hotmail.com
البنوك العالمية والعمل المرن
11:19 14-3-2021
آخر تعديل :
الأحد