كل من راقب ما بادرت به الولايات المتحدة الأميركية بعد الخروج من فوضى التضارب السياسي الذي أوجده ترمب، يراهن أن هناك سرعة استثنائية بالعودة إلى مؤتمر باريس للاحتباس الحراري والمناخي.
في سياق العمل الحثيث الدولي حول الاحتباس الحراري والاستنزاف المناخي، قدم جلالة الملك عبدالله الثاني مداخلة في كل أبعادها كانت تنم عن مدى ما يعرفه وما يقدره الأردن برغم واقعه الجغرافي الصغير، وعدم مساهمته بأي شكل من الأشكال في ذلك الإفساد في الأرض ولكنها كانت كلمة ومداخلة تنم عن حرص بيئي حقيقي وعن احتضان غير مسبوق لطبيعة الام البيئية وأعني هنا بكل دقه الطبيعة الأم.
ذلك المؤتمر الذي شكل بعد مؤتمر ريو دي جانيرو في البرازيل منعطفا استثنائياً محدداً بالتزامات دولية واضحة المعالم في معالجة ذلك الإفساد في الأرض، منطلقة من واقع التزامي أوجبته الأرقام والمعايير، ولذلك كان هذا المؤتمر يعتبر أحد أهم المؤتمرات الدولية في معالجة ارتفاع درجة حرارة الأرض الى درجتين مؤيتين في حدود 2030، لذلك صار هناك تسارع في المبادرات الدولية وعلى رأسها مبادرة الأردن في تطبيق النظرية والتجريد الرياضي في الحسابات، إلى آليات عملية لخفض منسوب الارتفاع الحراري لما له من انعكاسات كارثية على الطبيعة الام وهي أرضنا الحبيبة.
هناك أيضاً، أضاف الأردن مفهوم الشمولية في الحل وقد بقيت هذه القرارات تحت إطار التجميد عندما انسحبت منها الولايات المتحدة الأميركية الأكثر تلويثاً من خلال الانبعاث الكربوني (ثاني اكسيد الكربون) المسبب الحقيقي لارتفاع درجات الحرارة على المعمورة كلها..
كل ذلك شكل تحدياً حقيقياً أمام علماء العالم والسياسيين في الدرجة الأولى، وجعل أحد أهم قرارات الإدارة الأميركية الجديدة في العودة دون تحفظ إلى الالتزام بقرارات مؤتمر باريس للمناخ، والتزامها بالاتفاقية الدولية المعنونة (كيوتو).
إذن فهذه الإدارة أدت مؤشراً حقيقياً نحو العودة الطبيبعية إلى سياسات إنسانية فيما يخص المناخ، وأرسلت رسالة بإطار سياسي محدد إلى القيادة الأردنية بأنها ستكون متوازنة في الجوهر والتطبيق مع ما تطلقه الدبلوماسية الأردنية من مركزات بحل القضية الفلسطينية بإطارها الشمولي.
فالربط بين مفهوم المناخ والقرارات المباشرة والدقيقية والسريعة لإدارة بايدن تؤشر إلى أنها لن تخرج عن إطار التدويل في القضايا التي تخص الامن الاقليمي والدولي والرسائل المباشرة والمشفرة التي وصلت إلى مراكز القرار العربي المتمثلة في المملكة الأردنية الهاشمية كانت تسير في طار ذلك النهج.
وهنا نقول إن التجاوزات الصهيونية اليومية والتصعيد الصهيوني ضد الفلسطينين، واستشهاد واعتقال مجموعة كبيرة من الشعب الفلسطيني خلال الأيام الماضية، يعني أن الحركة الصهيونية تستبق التحول السياسي الدولي نحو حل الدولتين، الذي أعلن عنه بايدن بكل وضوح أنه الركيزة الأساسية، والمنطلق الحقيقي في معالجة القضية الفلسطينية في المرحلة القادمة، دون سياسات القضم والضم والعزل السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وأدواتها ومحركاتها الاجتماعية كـ«الأونروا» كضامنة لحق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني.
من هذه الزاوية جاء ربطنا بين قضية المناخ والقضية الفلسطينية والسياسية الأميركية القائمة على التوازن والموضوعية والواقعية السياسية في معالجة أزمات المنطقة والعالم.
لذلك فان علاج قضية المناخ والتاكيد على اتفاقية كيوتو لخفض الاحتباس الحراري والتناغم مع المشاريع الأوروبية لوقف حرب اليمن وحل أزمات المنطقة، هو ما تصبو إليه المملكة الأردنية الهاشمية انطلاقاً من أبعادها الطبيعية التي نكررها دائماً بأنسنة السلوك السياسي، وسنتبع في المقالة القادمة استكمالاً واضحاً حول انعكاسات تلك السياسة على مجريات الأحداث كما ياملها وتاملها شعوب العالم كافة.
مواضيع ذات صلة