كتاب

التجانس البيني كيف انبثق وترسخ في هذا الوطن؟

هناك من يستغرب كيف استطاع هذا الوطن الذي تعرض لأقصى أشكال الضغوط في مرحلة خطرة وغير مسبوقة في تاريخه السيادي أن يجد تلك الأدوات وتلك الفرص للصمود الاستثنائي في وجه كل الازمات المحيطة والتي عصفت بدول كانت تعتبر أن وجودها وسيادتها محصنة في كل الأطر التاريخية، لقد أثبت الأردن وبقيادته الهاشمية الفذة أنه يستطيع أن يكون قاطرة نموذجية في الواقع والتاريخ، وإنه ليس فقط وطناً في إطار جغرافي وجودي في المنطقة، إنما هو رسالة ذات أبعاد روحية وقومية وعروبية هي في كل الأحوال لا يمكنها أن تنزع سيادتها الوطنية عن السيادية ?لكلية للوطن العربي الجميل، ولأمتها الإسلامية التي تعاني من إعادة إنتاج التطرف، والذي انعكس في التفجيرات الأخيرة في بغداد والتي تبعث برسالة بأن «داعش» ما زال حاضراً ويوظف من الإطار السياسي ويعيد خلط الأوراق.

إن التحذير الذي أصدره جلالة الملك المفدى منذ أشهر بأن مكافحة الإرهاب والتطرف لا يجب أن تبقى ضمن إطار المعالجات هنا وهناك ترتكن إلى إنجاز عسكري أو معنوي خارج إطار الشمولية التي تستهدف المنطلقات الفلسفية والنظرية المرتكزة على تجييش حقيقي لوسائل الإعلام من أجل الوصول إلى تكامل مستدام ودولي والكشف الحقيقي عن الموظفين الدوليين لهذه الظاهرة، والتي تنبعث من فترة وأخرى في وسط العراق وسوريا وتلقى ارتداداتها الحقيقية في الدول الغربية كافة.

ويمكن القول أنها أيضاً غير بعيدة عن استهداف الموظف والمستفيد من واقع إبقاء المنطقة ضمن إطار التوترات السياسية التي تتكامل يوماً بعد يوم وتعيد خلط الأوراق في سياقات محددة بعيدة عن التحولات الدولية نحو التوازن الدبلوماسي والذي اوجبته الانتخابات الأميركية الأخيرة، وهذا يعيد إلى الأذهان إن قراءة الموقف الأردني والذي أطلقه جلالة الملك بشمولية المعالجة قيد القراءة والتمحيص والفحص الدقيق لذلك الموقف وصولاً إلى إعادة التكامل الدولي في التصدي لتلك الظاهره هذا في إطار المنظور العقائدي والديني، وأن ارتدادات ذلك قد تنعكس انعكاساً كلياً على نمو اليمينية والشوفينية والنازية الجديدة،?وهو ما يؤدي بكل الأحوال إلى قتل تدريجي للتوازن السياسي والدبلوماسي التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بادين والتي عكست ارتياحاً دولياً في مواجهة الشعبوية الدولية التي ترسخت في عهد ترمب وعكست نفسها على الكل الدولي دون الأخذ بعين الاعتبار المعايير التي أنشئت عليها العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، والتي كانت حلقتها المركزية ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فلا داعي للهروب هنا أو هناك وبغطاء فلسفي جديد أن معيار الأنسنة الدولية يكمن في الائتلاف الدولي الذي يشكله الأردن بقيادة واقتدار من جلالة الم?ك عبدالله الثاني في العودة إلى المرتكزات الأخلاقية للإنسانية الدولية المنبثقة من جوهر الدين الإسلامي الحنيف، والذي ارتكز على المعاملة الإنسانية كركيزة ومقياس معياري للعلاقات البينية والدولية.