كتاب

رشاش وقلم رصاص!

لقد فرض علينا انتشار وباء كورونا في الأردن، أن نعيش في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية، وحالة من الترقب والتوترالمستمر، انعكست بشكل كبيرعلى سلوكيات الكثير منا. وللأسف ورغم أن الإمكانيات المتوفرة والحلول المتاحة قليلة، والأعباء كثيرة والبدائل المتوفرة أحلاها مر، فالتعليم عن بعد أصبح أفضل الخيارات المتاحة لدينا في ظل الانتشارالسريع لحالات المصابين بالمرض، وغير ذلك من الخيارات سوف يؤدي إلى كارثة صحية لا سمح الله.

أما الحديث عن القطاع الصحي لدينا، فحدث ولا حرج. فالازدياد المضطرد بأعداد ووفيات كورونا أصبح يشكل ضغطاً كبيراً على القطاع الصحي, لا سيما أن نسبة المصابين أصبحت تلامس الثلاثين بالمئة من أعداد الفحوصات اليومية.

وهذه تعتبر من أعلى النسب في العالم, ولم تعد المستشفيات الحكومية والعسكرية قادرة على مواكبة هذا النمو السريع في ازدياد الأعداد، مما دفعها إلى استئجار المستشفيات الخاصة وتجهيز المستشفيات الميدانية، ناهيك عن تعيين أعداد كبيرة من الأطباء والكوادر الطبية المساندة، التي تحتاج إلى فترات طويلة من التأهيل الطبي والفني، للتعامل مع هذا الوباء. فكانت النتيجة خسارتنا للعديد من الأطباء والممرضين المميزين، بسبب انتشار العدوى بينهم. فإلى متى يستطيع القطاع الصحي أن يصمد في ظل خيار عدم الرجوع إلى الحظر الشامل، بسبب الوضع الاقتصادي. ورغم إتخاذ الحكومة لمزيد من قرارات أوامر الدفاع المتشددة, بحق المخالفين والدعوات المستمرة إلى ضرورة الوعي المجتمعي, لكي نتمكن من محاصرة المرض، على الأقل لحين إستيراد أحد انواع اللقاحات المطروحة عالمياً، والتأكد من جودتها وسلامتها قد يحتاج إلى أشهر في أقل تقدير.

لقد راهن جلالة الملك على وعي الأردنيين في دعوته بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر دستورياً. وبعيداً عن عدم قناعتي والكثير في القانون الذي أجري على أساسه العملية الانتخابية، فقد أجريت الانتخابات بصورة طبيعية، واستطاعت الهيئة المستقلة للانتخاب بالتعاون مع الأجهزة الأمنية إدارة العملية الانتخابية بمهنية، رغم تشكيك البعض في سيرها. ولكن هذا شيء طبيعي ومتوقع في كل الإنتخابات النيابية على مستوى العالم. وهنا لست في صدد الحديث عن الشأن الانتخابي، ولكن حديثي ينصب على التبعيات التي نجمت عن إعلان النتائج من تصرفات البعض التي وأقولها وللأسف تصرفات تنم عن جهل وحماقات غير مقبولة، وغير مبررة مثل: التجمعات وإطلاق الأعيرة النارية. فمهما كانت الأسباب والمسببات ونظريات المؤامرة، التي يطرحها البعض، فلا يعقل أن نتباكى وندعي من جهة بأن هناك تقصيراً حكومياً في مواجهة إنتشار الوباء، وما نعيشه من أزمة إقتصادية. في حين نحن من يقوم بكل ما هو مضر وسيء بحق أنفسنا وبلدنا.

لقد عكست هذه الأفعال صورة سلبية وسيئة عن المجتمع الأردني المتحضر والمتعلم، الذي إلى زمن قريب كنا نتباهى ونتغنى أمام العالم بأننا وصلنا إلى نقطة (الصفر) في مواجهة الوباء القاتل. فهل يعقل أن يحصل ذلك في دولة تعتبر من الأكثر تعليماً على مستوى العالم.