كتاب

رسالة من زعيمةِ شعبٍ أمازوني!

ليتكم رأيتم مثلي صورتها في صحيفة الغارديان، سمراء صارمة الملامح والقسمات بملابسها الوطنية البسيطة الملونة، ترفع يدها ملطَّخةً بسخام النفط الخام المندلق في النهر لتدركوا صدقها وهي تصرخ في وجه العالم الغربي قائلةً: «إن حضارتكم تقتل الحياة عَلى أرضنا، فحين قلتم لنا إن لديكم تكنولوجيا حديثة لاستخراج البترول من باطن أرضنا كما يمتص الطائر الطنّان الرحيق من الزهرة (!) بحرص ودقة حتى لا تتسرَّب من أنابيبه للنهر نقطة واحدة كنا نعرف أنكم تكذبون فقد شاهدنا بأم أعيننا كيف لوَّثت فضلاته مياهنا، وحين نفيتم أن غاباتنا تحترق لم نكن بحاجة لصور الأقمار الصناعية لتثبت العكس فقد كنا نختنق بدخان ثمارنا وفواكهنا المتفحمة في البساتين التي زرعها اجدادنا قبل قرون، وعندما كُنتُم تقولون إنكم تبحثون عن حلول ناجعة لأضرار تغيّر المناخ كنتم في الواقع منهمكين في تخطيط اقتصاد قائم على سلب ثروات الآخرين!».

تلكم كانت نيمونتي نين كْويمو زعيمة أحد الشعوب الأمازونية في الإكوادور وهي توجه رسالتها الشجاعة عبر الصحيفة البريطانية (١٠أكتوبر الجاري) حيث مضت تقول (وأقتطف بتصرف): نحن السكان الأصليون نكافح من أجل إنقاذ غاباتنا المَطيرة في الأمازون من نيرانٍ تُضرم فيها من قبل الشركات الزراعية الصناعية الكبرى لتزرع مكانها

مراعي تربية المواشي وتبيع لحمها للرجل الأبيض، وقبل ذلك ما انفكت امثالها منذ خمسمائة عام ومن أجل إنعاش اقتصادكم الجشع تنهب الذهب من باطن ارضنا تاركةً لنا الكهوف والحُفَر المليئة بالمواد الكيماوية السامة.. نحن السكان الأصليون نكافح من أجل المحافظة على ما نحب وعلى كل انواع الحياة، وقد علّمتنا غاباتنا المَطيرة مثلاً عبر آلاف

السنين ان نحميها وندرأ عنها أي اعتداء لنزدهر معها، وان نمشي على ارضها الهُوَيْنا احتراماً وإجلالاً فهي التي وهبتنا الماء والهواء والطعام والمأوى ودواءنا حين نمرض، وفوق ذلك.. السعادة، أما أنتم فماضون في حرماننا بل حرمان كل مَن على هذا الكوكب من نعمها.. إن الأرض لم تكن تتوقع منكم إنكار الجميل بل توقعت ان تحترموها ونحن شعوب

الأمازون لا نريد منكم سوى الاحترام.. لقد فرضتم حضارتكم علينا فانظروا اين وصلنا، إذ منذ جئتم الى بلادنا مع المبشرين الايڤانجيليكيين قبل سبعين عاماً حل بِنَا الخراب والدمار وها انا امامكم لم تتح لي حتى فرصة الذهاب الى الجامعة لاصبح طبيبة او محامية او عالمة فيزياء مثل نسائكم!

وبعد.. لعل عزاءنا نحن أبناء الجيل الذاهب أن جيلاً جديداً أفضل منا يتصدى لمثل هذه الشرور المرتكَبة ضد الانسان والطبيعة، فحفيدي في أقاصي الدنيا عشقَ الطبيعة أرضاً وبحراً وغابةً وجبلاً وأحب اَهلها الأصليين وناصر قضيتهم.. وأوصل إلينا أمس رسالة تلك المرأة الباسلة.