كتاب

أنسنة السلوك السياسي رافعة التكامل والمنعة والانصاف

في قمة تأثير التنمية المستدامة التي يعقدها المنتدى الاقتصادي العالمي، تحت شعار «إعادة الضبط من أجل تنمية مستدامة». وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والسبعين نلاحظ أن شعارها انسجم تماما مع ما أطلقه جلالة الملك عبد الله الثاني في المقال الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، في شهر نيسان الماضي. تحت عنوان «إعادة ضبط العولمة»، وبجانبه الاخر ينسجم أيضاً مع دعوات جلالته المتكررة حول أنسنه السلوك السياسي في العلاقات الدولية والذي أظهر عجزاً حقيقياً وخاصة من خلال المعالجات النحنوية التي اتبعتها الدول في مواجهة جائحة كونية مثل فايروس كورونا ولذلك شدد جلالته على شمولية الاستجابة والمعالجة عندما قال: «يجب أن يكون الطريق إلى الأمام مبنياً على إعادة ضبط العولمة لتدعيم اللّبِنات الأساسية لمجتمعنا الدولي، عن طريق تمكين بلداننا من تحقيق التوازن بين الاعتماد على الذات والتكافل، مما يمنحنا القدرة على إطلاق استجابة شمولية لجميع الأزمات التي تواجه عالمنا، اذا يجب ان يعتمد السلوك السياسي لدول على شمولية المواجهة وعدم الارتكان الى القدرات الذاتية وحدها، رغم أهميتها فالجائحة لم تفرق بين الدول على أساس تقدمها وإمكاناتها فقد اثبتت هذه الجائحة هشاشة الحلول الدولية للمشاكل الدولية المستعصية مثل الفقر والبطالة والتفاوت التنموي وأزمة المناخ المتفاقمة وهذا ما تجلا بشكل واضح من خلال تشخيص نتائج الحلول الدولية للمشكلات العالمية وعدم فعالية الإجراءات الدولية التقليدية في معالجة تلك الازمات الدولية المستعصية والتي كشفتها تطورات الوضع الوبائي وانعكاساته على كل الدول ولذلك قال جلالته: «أدت هذه الجائحة وتبعاتها طويلة الأمد إلى تفاقم الأزمات المتجذرة في عالمنا، مثل أزمة المناخ، والفقر، ونقص الغذاء، والبطالة، والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي، برغم سنوات من العمل المشترك الذي لم يترك الأثر المطلوب».

إذن لا نتائج للحلول المجزوءة في معالجة الأزمات الكلية والدولية ويجب الوقوف بمسؤولية اممية وإنسانية شاملة عند وضع خطط لمعالجة الأزمات الكونية وليس الركون للإجراءات المحلية أو الاجتهادات الذاتية والتي ستتبخر في سياق العولمة الدولية والتواصل البيني بين الأمم وعدم القدرة على الانعزال الكلي عن المحيط والعالم.

لم يتطرق جلالة الملك في كلمته إلى التشخيص فقط، فقد قدم حلولاً خلاقة من أجل ترجمة مفهوم الاستجابة الشاملة من خلال ما طرحه جلالة الملك من نموذج تكامل اقليمي يعظم مواطن قوة كل دولة بين الدول في الإقليم والمتجاورة جغرافياً بتنسيق و تكامل مع كل تكتل إقليمي وصولا الى تكامل دولي يعظم مواطن القوة لكل دولة بما يخدم الهدف الشمولي في معالجة الازمات الدولية ويؤسس لطريق جديد للعلاقات الدولية والتعاون البيني على أساس أنسنة السلوك السياسي للدول ضمن منظور جديد يعيد ضبط العولمة ويضعها امام استحقاقاتها بمحورية الإنسان الذي يجب أن يدور حوله كل شيء..