حيدر محمود
الغُربة مُرّة..
والشاعر - حين يغيبُ عن الأحبابْ
يَحْفِرُ بيديهِ قَبْرَهْ!
هل يملكُ طفلٌ
- والشاعرُ طفلٌ - أَمْرَهُ؟!
نَوَّرَ يوماً، فوق الرَّمْلِ الأَسْمَرِ
قَمَرٌ أَخْضَرْ
كان الشَّاعرُ - والشّاعرُ طفلٌ يلهو بالكلمات
ويعيشُ على جَمْرِ الآهاتْ
.. كانَ يُغنّي موّالاً للغُربةْ
والشّاعرُ - حين يُغنّي -
يقتلُ غُولَ الصَّمْتْ
الليلُ طويلٌ جدّاً..
أعني ليلَ الغُرْبةْ
وهو رهيبٌ كالموتْ..
لا بل هو قَبْرٌ يدفنُ فيه الشاعرُ نَفْسَهْ!
والشاعرُ - حين يُغنّي - يُنْقِذُ من أنياب
الوَحْشةِ.. حِسَّهْ
ضَحِكَتْ عيناهُ.. بَكَتْ عيناهْ
نَبَتتْ فوق جدار الروحِ المقهورةِ زَهْرَةْ
وانسربت من بين أصابِعها المكسورةِ: آهْ
حبّةَ فَرَحٍ.. يا اللهْ
تُنقِذُني، من أنيابِ الغُولِ - الوقْتْ!!
يا أَحبابْ
لم يُنْقَرْ - منذُ سنينَ - البابْ
أصغيتُ طويلاً.. لم أسمع إلاّ
صَمْتَ الأعنابْ!
حدّقتُ طويلاً في العَتْمَةْ
لا شيءَ سوى العَتْمَةْ
سردابٌ يُفْضي بالروحِ، إلى سردابْ
كانَ القَمَرُ الأَخضرُ: وَهْماً كذّابْ!!
• بعضُ يوميّات الهمّ العربيّ العام، الذي لم يكن بِسبب الكورونا وَحدَها.. بل كانَ هو الكورونا بِعْينِها.