حيدر محمود
(1)
حينَ سَقَطْنا في قاعِ البِئْرِ، صرخْنا
لكنْ.. لم يَسْمَعْنا أَحَدٌ
كانَ البِئْرُ عميقاً جدّاً،
ورجالُ وكالاتِ الأنباءْ
- قبل ظهورِ «الطَّلْعِ الشيّطانيّ» -
قليلاً ما كانوا يأتونَ إلى الصحراءْ
(وجيبٍ، كنتُ أهواهُ، وكانْ
مؤنِسي.. إِذْ كانَ كأسي مُتْرَعاً
ويدي تُمْطِرُ شَوْقاً وحَنانْ
ثُمَّ.. لمّا خانني حَظّيَ.. خانْ
أيها السّاقي.. إليكَ المُشْتَكى)
(2)
حين ركبنا صَهَواتِ الرّيحِ، وصِحْنا:
هُبّي يا ريحَ الجْنَةِ، والخيلُ على مدِّ الساحاتِ
تَصيحْ..
كنّا أولَّ رُوّادِ الموتِ،
حَفَرْنا كلَّ مَسالِكهِ بأظافِرنا
لم نَعْرِفْ - حتّى جَرّبنا -
أنّ أظافِرَنا تملكُ هذا السِّحْرَ
وأنّا نملكُ - نحنُ المقهورينَ المذبوحينَ
بسكّين الخَيْبةِ -
أن نرفعَ أيدينا في وجهِ الرّيحْ
(وأخٍ سوّيتُ عينيَ له فرساً للمجدِ
سوّيْتُ ضلوعي رايةً
سَوَّيْتُ أهدابي عباءَةْ
فمضى.. حتى إذا صارَ على بَوابةِ الجنّةِ
لم يَنْظُرْ وراءَهْ
لِيُحّيي وَجَعي
فاسْقِني يا صاحِ، حتّى لا أَعي
زَلْتي تؤلمُني أم ورعي؟!
قد دعوناكَ ولمّا تَسْمَعِ)..