محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الفضاء العام في الأردن.. أداء محبط  

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
سامح المحاريق

في تعريفه الأبسط فإن الفضاء العام هو مجموع نقاشات الأفراد وجدالاتهم في مختلف القضايا الاجتماعية وبما يؤدي في النهاية إلى إحداث تأثير سياسي، ومع أن الفضاء العام بالطبع موجود منذ ظهور المجتمعات الحديثة، إلا أنه كان مفهوماً مضطرباً وعلاوة على ذلك ضيقاً، حتى أن أحداً لم يكن يعترف بوجوده تقريباً، فالدولة هي التي تسيطر على كل شيء، وتقوم بإملاء وجهة نظرها على المواطنين، وحتى لو وجد شكل ديمقراطي في مجالس نيابية أو استشارية، فإن الدولة بأذرعها الخفية تستطيع أن تدفعه للتوافق الكامل معها.

في منتصف التسعينيات كان الشائع هو التحفظ على إعلان المواقف السياسية، وعدم التذمر من أي شيء حتى في حوار عارض مع سائق سيارة الأجرة، إلا أن الظروف تغيرت بعد سنوات قليلة، وحدثت نقلة نوعية وكبيرة في تشكل ما يسمى فضاء عاماً، ويمكن رصد مراحل تطور مستوى الحوار وانفتاحه من خلال الحديث مع أقطاب العمل السياسي والاجتماعي وحتى المواطن العادي الذي عايش تحولات الأردن في الثلاثين عاماً الأخيرة، وبشكل عام أصبح الحديث في الشأن العام دون تحفظ أو بقليل من التحفظ واقعاً لا يمكن إنكاره مع انطلاق الربيع العربي.

بقي الفضاء العام في الأردن يقوم على محورين، الأول نخبوي، قوامه جلسات المزارع والصالونات السياسية، وهو منشغل في مناكفة الحكومة القائمة، بغض النظر عن هويتها وتوجهاتها، وتقديم نفسه بوصفه بديلاً محتملاً، والمفارقة أن المحتوى النظري لهذه التجمعات كان لا يرقى مطلقاً للحديث عن المشكلات الحقيقية ولا يقدم أية حلول، هي نميمة بسقف مرتفع، أما المحور الثاني، فكان قوامه حالة من الشكوى من تغير الزمن محمولة على مستوى المواطن العادي الذي كان يتوقع أن يجد أبناؤه فرصة للالتحاق بالجهاز الحكومي وأن يحظوا بحياة مستقرة كما حظي مجايلوه، ولأن الأسباب تعود إلى تعقيدات كثيرة منها ما هو إقليمي وما هو عالمي، فإن نشاطه لم يراوح مساحة الشكوى والشعور بأن الأمور تمضي للأسوأ.

مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، تلاشت الحدود بين الفئات الاجتماعية، فلم يعد مجال النقاش محصوراً في الزملاء من تخصص جامعي معين، أو الأصدقاء في إطار مدينة أو بلدة معينة، أو زملاء العمل، ولكنه أصبح حواراً مفتوحاً بين المتحاورين أنفسهم، ومن يتابعونهم سواء كانوا يتشاركون وجهة نظر أحد الطرفين، أو يتابعون بسلبية، وبذلك تشكل فضاء عام جديد يكفي استعراضه للوقوف على مدى التوتر والتجاذب الذي يحفل به.

لا أحد يريد أن يصل إلى نقطة معينة، لأن الفضاء العام يقوم على فراغ ويسعى إلى فراغ في الأردن، فالمشاركة السياسية محدودة، والأحزاب قاصرة عن التواصل والتأثير، ولذلك فالحوار يعود بنفس ذائقة الشخصنة والنميمة والتشهير دون أن يتمكن من الوصول إلى مناطق اتفاق تصنع التغيير أو تقدم حلاً قابلاً للنقاش، وفي الأيام الأخيرة بعد جريمة مقتل الفتاة أحلام ظهرت مساوئ الحوار المجتمعي المنفلت من خلال الفضاء المفتوح لشبكة الإنترنت، وبدأت مشاكل أخرى تتوالد بعيدة أصلاً عن جوهر المشكلة الأساسية، وأضيفت مساحة تنازع جديدة وتشكل مشجعون للفريقين يلقون بالتعليقات الساخنة.

يفترض بالفضاء العام أن يكون تفاوضياً، أن يقيس التوجهات وأن يحدث التأثير بين أفراده أولاً من خلال الاقناع، وأن يحمل ذلك ليكون عامل تأثير على اتخاذ القرار، وما نراه اليوم لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج صحية، فلا توجد استراتيجية حوار ولا غاية واضحة والنتيجة ستكون اصطناعاً لأزمة مجتمعية تقف عائقاً أمام عملية الإصلاح لتجنب المناطق الساخنة التي تظهر دائماً وينضح بها فضاء عام متوتر ولا يمارس مسؤوليته ولا أدوات ولا قنوات لديه ليفعل ذلك.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF