جهل مطبق خير من علم ناقص!
10:01 22-7-2020
آخر تعديل :
الأربعاء
«الجهل المطبق» مصطلح يطلق على أولئك الذين لديهم اما معيقات عقلية, أو الأشخاص الطبيعيين الذين لا يملكون أية معرفة نهائيا في ما يسألون عنه. أما صاحب العلم الناقص، فهم الأشخاص الذين لديهم معرفة وخبرة ولكنها محدودة، وفي كلتا الحالتين يلتقي الطرفان عند نقطة اعتقاد الشيء على خلاف حقيقته، وأن الرأي الصادر من كلا الطرفين غير صحيح أو منقوص أو مشوه أو خاطئ، وعليه فإن كان ما يقوله الجاهل لا يؤخذ به فصاحب العلم الناقص هو المصيبةً، التي ينساق وراءها كثير من الناس الذين لا يعلمون أو ممن هم على شاكلته.
لقد دفعني للكتابة بهذا الموضوع هو ما يتم تداوله من فيديوهات ومنشورات وتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، لأشخاص يكتبون وينشرون ويتحدثون عن قضايا عامة بطريقة استعراضية، تعطي انطباعاً بأن الكاتب صاحب اختصاص يمتلك المعرفة والمعلومة موثوقة المصدر. وهؤلاء الناس يُروجون لأفكارهم دون ضوابط قانونية تحت غطاء خاطئ لمفهوم (حرية التعبير) التي سقفها السماء، مستخدمين اسلوب (فن الخطابة) الذي يدغدغ عواطف الناس، ويثير في ذهن المتلقي ما يسعى إليه من إثارة وفضول في معرفة ما لم يكن يعرف، على مبدأ (كل ممنوع مرغوب).
أما النوع الثاني من هؤلاء المدعين من أصحاب العلم الناقص أو الجهل المطبق، فهم هؤلاء الذين–ولسبب ما–يظهرون أو يتحدثون في وسائل الإعلام المرئي والمسموع في بعض برامج الإذاعة أو التلفزة التجارية التي تناقش قضايا الناس، لا سيما القضايا التي فيها جدل بالرأي العام. وعلى الرغم من أهمية الموضوع وحساسيته، فإنهم يتحدثون بمنطق المعرفة المسبقة. وفي كثير من الأحيان بأسلوب سطحي ولغة ركيكة، ويستشهدون في آرائهم بأحداث أو ارقام أوإدعاءات مغلوطة. والمصيبة الأكبرعندما نجد أن بعض المذيعين من اصحاب برامج الإثارة اما من باب (الخبث الإعلامي) أو عدم التحضير الجاد المسبق أو طمعاً في مزيد من الشهرة الزائفة وتوسع قاعدة المتابعين للبرنامج، يتعمد أن يأخذ بآراء الجميع بمن فيهم هؤلاء المتحدثون بإسلوب الإثارة والتشكيك، وتحت غطاء (حرية الرأي والرأي الآخر)، ويقوم بمدح تلك الآراء، دون أية مناقشة جادة حول صحة أو مصدر تلك المعلومة، باعتبار ما قيل أمراً صحيحاً، والمضحك أن تكرار التأييد والثناء يصل بذلك بالشخص حد الزهو والنشوة، والسرد والتنظيرغير العلمي أو المنطقي، وبأسلوب لغوي ركيك، حتى يقع في ذهن اغلب المستمعين أو المشاهدين، قناعة مزيفة بصحة ومصداقية ما يقال، على انه صحيح وموثوق، لأنهم يعتقدون بأن مقدم البرنامج قد قبلها وأثنى عليها ودون تعليق دليل على صحتها.
للاسف فإن أي توضيح من الجهات الرسمية صاحبة العلاقة حول الموضوع، يؤخذ على أنه تبرير غير مقنع، يخفي في طياته حقيقة غير معلن عنها. لذا أنا شخصياً وإن كنت أرى إن الجهل المطبق والعلم الناقص وجهان لعملة واحدة لذا انا اختلف بالرأي مع مقولة الامام الشافعي المشهورة «ما ناقشت جاهلاً إلا غلبني، وما ناقشت عالماً إلا غلبته» فأنا أرتاح بالتعامل مع أصحاب الجهل المطبق خير من التعامل مع أصحاب العلم الناقص.