محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

قشة ثمنها 20 دولار !

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
سليم ايوب قونة
يدّعي السياسيون والعسكريون الاميركيون المتطرفون وبعض المنظرين بأن أكبر مصادر الخطر التي تهدد استقرار بلادهم اليوم، التي تجسد اكبر مشروع استيطاني "ناجح" في التاريخ، هو التطرف الإسلامي، والهجرة من الدول الفقيرة، وقوة الصين المتعاظمة والمنافسة الروسية، كما كانوا يدعون بالأمس انه كان الخطر الشيوعي، ومن قبله الوحش النازي والكاماكازي الياباني!

بينما هم يعلمون علم اليقين بان الخطر الحقيقي الذي قد يقصم ظهر بعيرهم، مصدره داخلي محض ومن صنع أيديهم. لكن المفارقة أن هذا الخطر الحقيقي القائم اليوم شكل في الماضي إحدى الركائز الأساسية التي اعتمدت لبناء ذلك المجتمع الجديد الذي اصبح الاقوى في العالم، وخاصة غداة الحرب العالمية الثانية وبات يتحكم بمفاصل الكرة الارضية بواسطة الجيوش والأساطيل المنتشرة في كل بحيرة ونهر، ومن خلال المؤسسات الدولية واذرعها المالية والاقتصادية والثقافية كالأمم المتحدة وغيرها من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية، إذ لا يغيب اسم وعلم المندوب الاميركي عن أي طاولة مفاوضات تعقد في أي بقعة في العالم لبحث اية قضية أو مشكلة بين أي بلدين أو أكثر.

لكن اميركا "ترمب" تقف مصدومة وشبه عاجزة أمام تداعيات الازمة الجديدة المتفاقمة وموجة الغضب العارمة التي لم تتوقف منذ اكثر من أسبوعين، بسبب ورقة عملة من فئة العشرين دولار قيل انها "مزيفة" أخرجها رجل امريكي من اصل افريقي اسمه "جورج فلويد"، من جيبه لشراء علبة سجائر من متجر يقع في احدي ضواحي مدينة "مينيابوليس" في ولاية "مينسيوتا" ويملكه مهاجر من الخليل اسمه "مايك ابو ميالة".

فأدّى الشك في زيف تلك العملة الى استدعاء الشرطة، وفي خلال دقائق معدودة واثناء محاولة اعتقاله لقي المتهم "جورج فلويد" حتفه تحت ضغط ركبة الشرطي "ديريك شوفين" الذي كان يحاول تكبيله.

تحول هذا الحدث بين ليلة وضحاها الى الخبر الاهم بين يدي السلطة الرابعة وامام الرأي العام الاميركي لأنه غطى بخطورته وابعاده على الجدل الدائر حول انتشار فايروس كورونا وقضائه حتى الان على أكثر من 110 الاف مواطن اميركي، مما حمل مجلة "تايم" الأميركية على نشر تحقيق مفصل عن ادارة الرئيس ترمب بعنوان "أسوأ رئيس عرفته أميركا" واصفة اياه بأنه كاذب، انتهازي، متلاعب، مفرق بين الناس، معتدي على النساء، لص، خائن وعميل!

قبل "جورج فلويد" لقي العشرات من الافارقة الاميركيين حتفهم في حوادث مشابهة وقعت في الشوارع على ايدي الشرطة الاميركية، لكن الشهادة الحية بالصوت والصورة التي قضى فيها هذا الرجل وهو يستغيث "لا استطيع التنفس" والتي اصبحت شعارا لملايين المحتجين، اسقطت آخر الاقنعة التي كانت تتستر وراءها العنصرية الدفينة ضد الأميركيين من أصل افريقي وقد ناهز عددهم الأربعين مليون مواطن.

عبر اجيال متلاحقة حاول احفاد الاميركيين من اصول افريقية، الذين احضرهم المستوطن الابيض كعبيد من افريقيا لبناء المجتمع الجديد قبل اربعة قرون، حاولوا طي صفحة الماضي المجحف والمؤلم لهم، وسعوا للعيش بكرامة اسوة بغيرهم من المواطنين الاميركيين، لكنهم كحال الهنود الحمر سكان البلاد الاصليين، ووجهوا بالرفض والتنكر من قبل الطرف الاخر المسيطر على زمام الامور، وبالرغم من كل القوانين والتشريعات الدستورية التي تنص على المساواة والعدالة للجميع.

لقد اثبتت الأيام الأخيرة الحافلة بالاحتجاجات الواسعة، والعنيفة احيانا في كبرى مدن أميركا ان اكبر مشروع استيطاني ظهر على وجه الارض اليوم يواجه منعطفا تاريخيا خطيرا وحاسما بسبب عملة "مزيفة" من فئة العشرين دولارا. وان موت "جورج فلويد" بهذا الاسلوب البشع كان فعلا القشة التي قد تقصم ظهر اميركا، اذا لم تتم التهدئة التقليدية، تمهيدا لتأجيل البت في لب المشكلة الاصل وهذا على الأرجح ما سيحدث...!؟
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF